عباس عبد الأمير
منذ 4 سنوات

هل يمكن الاستدلال على الغيبتين من خلال...

هل يمكن الاستدلال على الغيبتين من خلال دراسة مقارنة بين سيرة النبي عيسى (عليه السلام) (آخر الأوصياء من بني إبراهيم وإسحاق (عليهما السلام)) وبين سيرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) (آخر الأوصياء من بني إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)) إذ كانت للنبي عيسى (عليه السلام) غيبتان الأولى بعد ما كادوا أن يصلوا إليه حتى شبه لهم غيره ومن بعد ذلك ظهر على حوارييه المقربين حتى شكوا فيه وما تيقنوا إلّا بعد إنزال الله لهم مائدة كما طلبوا وما يؤكد هذا التشابه (الخاص) التشابه العام ما بينهما وهو واضح وجلي؟


بسم الله الرحمن الرحيم يكفينا للاستدلال على غيبتي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الروايات الصريحة الدالة على ذلك، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): إن لصاحب هذا الأمر غيبتين، أحدهما تطول حتى يقول بعضهم مات. وبعضهم يقول: قُتل، وبعضم يقول: ذهب... . [الغيبة للنعماني: ص176، ب10، ح5] هذا فضلاً عن أن الروايات قد ذكرت أن سنة المهدي (عجّل الله فرجه) في النبي عيسى هي الاختلاف فيه، فمن ذلك ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): وأما من عيسى فيقال له: أنه مات- ولم يمت... . [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص152، ب6، ح16] وفي رواية أخرى عن الإمام السجاد (عليه السلام): وأمّا من عيسى فاختلاف الناس فيه. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص322، ب21، ح2] وليس فيها ما يشير إلى التشابه بالغيبتين. ولذلك تجد أن الشيخ الصدوق في كتابه (كمال الدين) عندما أخذ بذكر الغيبات التي وقعت للأنبياء والحجج السابقين (عليهم السلام) لم يذكر غيبة للنبي عيسى (عليه السلام) ولو كانت هناك غيبة له لذكرها. نعم، ورد في الروايات الشريفة أن التشابه بالغيبة هو واقع بين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وبين عدة أنبياء، كصالح وإبراهيم وموسى... (عليهم السلام) وقد عقد صاحب البحار باباً خاصاً لذكر الأخبار الدالة على ذلك. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج51، ب13، (ما فيه (عليه السلام) من سنن الأنبياء والاستدلال بغيبتهم على غيبته] وختاماً نقول: حتى لو صحّ ما قيل من غيبتي عيسى (عليه السلام)، بل وغيرها مما ذكرت الروايات أنه قد وقعت لهم الغيبة فإن ذلك لا يصح أن يكون دليلاً على وقوع الغيبتين للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فإن غيبتيه قد وقعتا -ونحن نعيش الغيبة وجداناً- وما ذكرته الروايات إنما هو من باب التشبيه لا أكثر، وإن كثيراً مما جرى على الأنبياء من سنن الغيبة هو سيقع للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ولعل ذلك إشارة إلى ترابط حركة المهدي (عجّل الله فرجه) مع حركات الأنبياء (عليهم السلام)، أو أنه من باب تطمين النفوس وزيادة اليقين بقضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وغيبته وأنه لما غاب لم يكن بدعاً من الرسل. ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

1