عليكم السلام ورحمة الله
أهمّ العلامات هي ما ورد عن أبي عبد الله : «قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكيَّة، والخسف بالبيداء»( ).
العلامة الأُولىٰ والثانية: السفياني والخسف في البيداء:
يعتبر السفياني من البلاءات والاختبارات الصعبة التي تمرُّ بها الأُمَّة الإسلاميَّة المؤمنة علىٰ مشارف الظهور، ويمكن متابعة حركته من خلال ثلاثة مواقف متسلسلة تاريخياً:
الموقف الأوَّل: مبدأ ظهوره وتحرّكه:
تُحدِّثنا الروايات الشريفة بالتالي:
عن عيسىٰ بن أعين، عن أبي عبد الله أنَّه قال: «السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب، ومن أوَّل خروجه إلىٰ آخره خمسة عشـر شهراً، ستَّة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً»( ).
إشارة مهمَّة جدَّاً:
يظهر من الأخبار أنَّه حين يتوجَّه إلىٰ العراق والكوفة، فإنَّه يقع قتلاً بشيعة علي ، فعن عمر بن أبان الكلبي، عن أبي عبد الله ، قال: «كأنّي بالسفياني أو لصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادىٰ مناديه: من جاء برأس [رجل من] شيعة علي فله ألف درهم، فيثبُ الجار علىٰ جاره يقول: هذا منهم، فيضـرب عنقه ويأخذ ألف درهم. أمَا إنَّ إمارتكم يومئذٍ لا تكون إلَّا لأولاد البغايا ... المزید»( ).
ولكن ينبغي الالتفات إلىٰ أنَّ أصل خروج السفياني هو من الأُمور الحتمية كما نصَّت الروايات علىٰ ذلك، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّه إذا خرج فإنَّ علينا أن نخنع له، وأن نستسلم له، وأن ننتظر سيفه ليصل إلىٰ أعناقنا، كلَّا أبداً، إنَّ هذه الفكرة هي ما يحاول البعض أن يقنع بها الشيعة والمنتظرين، ممَّا يُولِّد الخوف والفزع عندهم من السفياني، والحال أنَّه يمكن أن نقول التالي:
1 _ إنَّ أهل البيت حينما ذكروا لنا ما يفعله السفياني بالشيعة، لا يعني هذا أنَّهم يأمروننا بأن نستسلم لهذا الأمر، وإنَّما يعني أنَّهم يريدون تحذيرنا منه، ممَّا يعني أنَّهم يدعوننا إلىٰ أخذ الحيطة والحذر منه، وإلىٰ الاستعداد تمام الاستعداد لتحرّكه في أيّ وقت.
2 _ وهذا يعني أنَّه لو اتَّحد المؤمنون يداً واحدة، ووقفوا ضدّ أطماع السفياني التوسّعية، وانضووا تحت لواء قياداتهم المخلصة ومرجعياتهم الدينية، لأمكن أن يقفوا في وجه السفياني، وأن يمنعوه من إيقاع القتل والتشريد فيهم.
3 _ إذن، لا ينبغي للمؤمن أن يعيش حالة الخوف والفزع من السفياني بقدر ما يلزم عليه أن يُهيّئ نفسه لمواجهته في أيَّة لحظة.
الموقف الثاني: بعثه بالجيش خلف المهدي والخسف به:
يظهر من بعض الروايات أنَّ السفياني إذا ظهر في الشام وملك كورها الخمسة، فإنَّه سيعلم _ من طريق جواسيسه المنتشـرين في بقاع الأرض _ أنَّ ثمَّة ظهوراً جزئياً للمهدي في المدينة، فيبعث السفياني بجيش ليقتله، ولكن الإمام يخرج إلىٰ مكّة، فيصل الجيش ويعلم بذلك، فيتبعه، ولكن مكّة حرم الله الآمن، والمهدي هو الموعود لتطبيق الوعد الإلهي، فتقتضـي الحكمة الإلهية أن يُخسَف بذلك الجيش في البيداء، ولا ينجو منه إلَّا المخبر عن ذلك الخسف.
ويظهر أيضاً أنَّ ذلك الجيش فيه بعض من كره قتال المهدي ، ولكنَّه خرج مكرهاً، وسيشمله الخسف، ولكن في يوم القيامة سيُحاسب علىٰ نيَّته الواقعية.
عن رسول الله : «يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كان ببيداء من الأرض يُخسَف بهم»، فقلنا: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارهاً؟ قال: «يُخسَف به معهم، ولكنَّه يُبعَث يوم القيامة علىٰ نيَّته»( ).
الموقف الثالث: القضاء عليه:
بعد حصول الخسف بجيش السفياني، تحصل عنده حجَّة واضحة بأنَّ الحقّ مع المهدي ، فيقرُّ بذلك، ويلتقي بالإمام في الكوفة، وفي محاولة من الإمام المهدي لهدايته، يبايعه السفياني، ولكنَّها بيعة لا عن اعتقاد قلبي راسخ، وإنَّما عن خوف وفرق منه ، ولذلك حينما يرجع إلىٰ أخواله _ وهم قبيلة كلب _ يُعيِّرونه بذلك، فينكث بيعته، فيقاتل المهدي، فيقتله الإمام ، وبذلك تنتهي حركة السفياني إلىٰ الأبد.
عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر ، قال: «إذا بلغ السفياني أنَّ القائم قد توجَّه إليه من ناحية الكوفة، يتجرَّد بخيله حتَّىٰ يلقىٰ القائم، فيخرج فيقول: أُخرجوا إليَّ ابن عمّي، فيخرج عليه السفياني فيُكلِّمه القائم ، فيجيء السفياني فيبايعه، ثمّ ينصـرف إلىٰ أصحابه، فيقولون له: ما صنعت؟ فيقول: أسلمت وبايعت، فيقولون له: قبَّح الله رأيك، بين ما أنت خليفة متبوع فصـرت تابعاً، فيستقبله فيقاتله، ثمّ يمسون تلك الليلة، ثمّ يصبحون للقائم بالحرب، فيقتتلون يومهم ذلك. ثمّ إنَّ الله تعالىٰ يمنح القائم وأصحابه أكتافهم، فيقتلونهم حتَّىٰ يفنوهم، حتَّىٰ أنَّ الرجل يختفي في الشجرة والحجرة، فتقول الشجرة والحجرة: يا مؤمن، هذا رجل كافر فاقتله، فيقتله...»( ).
العلامة الثالثة: اليماني:
وهو من الشخصيات التي تعمل علىٰ تمهيد الأوضاع للإمام المهدي ، خصوصاً في ما يتعلَّق بمجابهة حركة السفياني، ويبدو أنَّه (ينطلق من اليمن إثر أنباء قادمة من الكوفة بتوجّه السفياني إليها، وهو صاحب حركة إصلاحية تتَّخذ اليمن معقلاً لها تهدف إرجاع الناس إلىٰ الحقّ...)( ).
ويظهر من الروايات أنَّ اليماني يبدأ حركته متزامناً مع حركة السفياني، ليوقف من مدّ جذوره في الكوفة، وكذلك متزامناً مع تحرّك الخراساني، الذي يعمل أيضاً علىٰ إيقاف تحرّكات السفياني والقضاء عليه.
ولا يخفىٰ ما لهاتين الحركتين من أثر مهمّ يومذاك في مجابهة السفياني، فالخراساني من الشـرق (إيران)، واليماني من الجنوب الغربي (اليمن)، فيُطوِّقان حركة السفياني ويوقفانها في الكوفة، ويحدّان من توسّعها لغير العراق.
وعموماً، فالذي يظهر من الروايات هو أنَّ هناك ثورة عارمة ستحدث في اليمن علىٰ يدي شخص سمَّته باليماني، وهي راية هدىٰ، (بل تصفها عدَّة روايات بأنَّها أهدىٰ الرايات في عصـر الظهور علىٰ الإطلاق...)( ).
قال الإمام الباقر : «خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كلّ وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدىٰ من راية اليماني، هي راية هدىٰ، لأنَّه يدعو إلىٰ صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح علىٰ الناس وكلّ مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإنَّ رايته راية هدىٰ، ولا يحلُّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنَّه يدعو إلىٰ الحقّ وإلىٰ طريق مستقيم»( ).
عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله ، قال: «خروج الثلاثة: الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، وليس فيها راية بأهدىٰ من راية اليماني، يهدي إلىٰ الحقّ»( ).
أسئلة وأجوبة مفيدة( ):
السؤال الأوَّل: ما هي مقوّمات وأُسس معرفة اليماني التي هي غير واضحة عندنا.
الجواب:
أوَّلاً: كون اليماني لا يخرج عن بديهيات المذهب الجعفري، ولا يخالف ضروريات المذهب من عدم مخالفة الحجَّة الشـرعية في زمن الغيبة الكبرىٰ وهم الفقهاء العدول، وهذا ما أمر به أهل البيت من انحصار طريق أخذ التكليف الشرعي من طريق الفقهاء.
أو كونه منهم حقيقة لا مجرَّد ادِّعاء، وهذا أهمّ أمر، علماً أنَّه لم يرد في الروايات أنَّه من فقهاء وعلماء الطائفة.
ثانياً: خروجه من اليمن.
ثالثاً: التزامن الواحد في الخروج بين اليماني والخراساني والسفياني، فقد ورد عن الإمام الباقر : قال الإمام الباقر : «خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً»( ).
السؤال الثاني: من هو اليماني في عصرنا؟
الجواب:
ليس اليماني ولا السفياني ولا الخراساني شخصية مستنسخة يمكن أن نُوجِد لها شاخصاً في كلّ عصـر حتَّىٰ يصحَّ السؤال عن من هو اليماني في عصرنا.
وكأنَّ اليماني في العصور الماضية كان شخصية أُخرىٰ وفي عصـرنا هذا شخصية ثانية وفي عصـر الظهور شخصية ثالثة، كلَّا، فإنَّ اليماني هو شخصية واحدة تظهر قبيل ظهور الإمام المهدي ، ويواكب ظهوره ظهور كلّ من الخراساني والسفياني، كما في تعبير الروايات: «اليماني والسفياني كفرسي رهان»( )، وأنَّ رايته أهدىٰ الرايات الثلاث.
السؤال الثالث: إذا ظهر اليماني بعد السفياني هل يجب علينا وإن كنّا في كلّ مكان من العالم الالتحاق به؟
الجواب:
ورد في الروايات ما يمكن أن يدلَّ علىٰ لزوم اتّباع اليماني وحرمة الالتواء عليه، فعن الإمام الباقر أنَّه قال: «خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز، يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كلّ وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدىٰ من راية اليماني، هي راية هدىٰ، لأنَّه يدعو إلىٰ صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح علىٰ الناس وكلّ مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإنَّ رايته راية هدىٰ، ولا يحلُّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنَّه يدعو إلىٰ الحقّ وإلىٰ طريق مستقيم»( ).
هذا، ولكن الرواية يمكن المناقشة في صحَّة سندها، بالإضافة إلىٰ أنَّ معنىٰ عدم الالتواء هو عدم معاداته ومحاربته، وهذا غير الالتحاق به.
علىٰ أنَّ النصـرة تختلف باختلاف الزمان والمكان وقدرات الشخص، فلعلَّ نصـرة رجل يعيش في اليمن تتحقَّق بالالتحاق بجيش اليماني، ولكن نصـرة رجل يعيش في بلاد الهند أو السند تكون بتأييده قلباً وذكره لساناً.
علىٰ أنَّ القاعدة في مثل هذه الحالة هو الرجوع إلىٰ المراجع الذين أُمرنا باتّباع أوامرهم في زمن الغيبة الكبرىٰ.
العلامة الرابعة: الصيحة:
ذكرت الروايات أنَّه ستحصل حادثة غريبة من نوعها، تكون المعجزة سِـمتُها الظاهرة، عبَّرت عنها الروايات الشـريفة بعدَّة تعبيرات، كالصيحة والفزعة والنداء في السماء، حيث يظهر من الروايات (أنَّ أخبار الصيحة والفزعة وأخبار النداء بأقسامها تشير إلىٰ معنىٰ مشترك وحادثة واحدة، لا اختلاف فيها وإن تعدَّدت أساليب الأخبار، ولا تعارض بينها في الحقيقة...)( ).
وخلاصة هذه العلامة هي: في الليلة الثالثة والعشـرين _ ليلة جمعة _ من شهر رمضان، سينادي جبرئيل بالحقّ: أنَّ الحقَّ مع آل محمّد عموماً ومع قائمهم خصوصاً، وحينئذٍ سيحصل فزع عظيم، بحيث يصل إلىٰ كلّ من علىٰ وجه البسيطة، وستفزع حتَّىٰ الفتاة الحيية من خدرها، ويعلم الجميع بالحقّ، فتخضع رقاب الظالمين وأعداء الله تعالىٰ، لأنَّ إعلامهم المنحرف ضدّ القضيَّة المهدوية سيذهب أدراج الرياح بسبب ذلك النداء الإعجازي( )، وستكون هذه العلامة أقرب العلامات نسبياً للظهور المبارك، إذ أنَّها تحصل في شهر رمضان، والظهور سيكون في محرَّم الحرام. وسيكون لذلك النداء أثر مهمّ في قيام ذكر المهدي علىٰ ألسنة الناس، حتَّىٰ يُشـربوا حبَّه، وسيكون موضوع الساعة _ كلّ ساعة _ هو الإمام المهدي .
والروايات في هذا المجال عديدة، نذكر منها:
عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله ، قال: «الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشـرين مضين من شهر رمضان»( ).
وعن الإمام الباقر : «الصيحة لا تكون إلَّا في شهر رمضان، لأنَّ شهر رمضان شهر الله، والصيحة فيه هي صيحة جبرائيل إلىٰ هذا الخلق»، ثمّ قال: «ينادي منادٍ من السماء باسم القائم فيسمع من بالمشـرق ومن بالمغرب، لا يبقىٰ راقد إلَّا استيقظ، ولا قائم إلَّا قعد، ولا قاعد إلَّا قام علىٰ رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإنَّ الصوت الأوَّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين »، ثمّ قال : «يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشـرين فلا تشكّوا في ذلك، واسمعوا وأطيعوا...، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه أنَّه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنَّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتَّىٰ تسمعه العذراء في خدرها فتُحرِّض أباها وأخاها علىٰ الخروج...»( ).
وأخرج ابن طاووس عن أبو نعيم بإسناده عن علي ، قال: «إذا نادىٰ منادٍ من السماء أنَّ الحقَّ في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهدي علىٰ أفواه الناس، ويشـربون حبَّه، فلا يكون لهم ذكر غيره»( ).
العلامة الخامسة: قتل النفس الزكية:
بعد أن يلجأ المهدي إلىٰ مكّة، ويخسف بجيش السفياني، يقبل أصحاب المهدي عليه ويقترحون أن يعلن ظهوره ويبدأ بحركته المباركة في مكّة، فيجيبهم بأنَّ أهل مكّة لا ينصـرونه، ولكن من باب إلقاء الحجَّة، ورجاء هدايتهم أو هداية بعضهم، فإنَّه يُرسِل بعض المؤمنين من خاصَّته _ وهو الذي سمَّته الروايات بالنفس الزكيَّة _ ليدعوهم إلىٰ نصـرته، فيطيع أمره، ويذهب إلىٰ مكّة، وعند بيت الله الحرام يخطب بهم ويدعوهم لنصـرة المهدي ، ولكن أهل مكّة يقتلونه في حرم الله الآمن، ليقترفوا بذلك أنواعاً من المعاصي في آنٍ واحد، هي:
1 _ هتك حرمة البيت الحرام، الذي اعتبره القرآن الكريم حرماً آمناً.
2 _ قتل النفس المحرَّمة بدون حقّ، قال تعالىٰ: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرضِ لَمُسْـرِفُونَ (المائدة: 32).
3 _ رفض نصـرة المظلومين، وقد قال النبيُّ : «من أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلاً ينادي: يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم»( ).
ولا يخفىٰ أنَّ قتل أهل مكّة إيّاه إعلان منهم لمعارضة حركة المهدي وتمرّدهم عليه، وهذا ما يحدو به لتطهيرها بداية ظهوره، ولعلَّ تسميته بالنفس الزكيَّة لبراءته وكونه يُقتَل مظلوماً، وقد ورد هذا التعبير في القرآن الكريم: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً (الكهف: 74)، أي بريئة من الذنب، كما عليه المفسِّرون( ).
هذا وتُحدِّثنا الروايات الشـريفة أنَّ ظهور المهدي التامّ سيكون بعد مقتل النفس الزكيَّة بخمس عشـرة ليلة، لتكون هذه العلامة أقرب العلامات للظهور المبارك.
عن أبي جعفر في حديث طويل إلىٰ أن قال: «يقول القائم لأصحابه: يا قوم، إنَّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنّي مرسل إليهم لاحتجَّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجَّ عليهم. فيدعو رجلاً من أصحابه، فيقول له: امض إلىٰ أهل مكّة، فقل: يا أهل مكّة، أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرّية محمّد وسلالة النبيّين، وأنّا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتزَّ منّا حقّنا منذ قُبِضَ نبيّنا إلىٰ يومنا هذا، فنحن نستنصـركم فانصـرونا. فإذا تكلَّم هذا الفتىٰ بهذا الكلام، أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكيَّة، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألَا أخبرتكم أنَّ أهل مكّة لا يريدوننا...»( ).
وعن صالح مولىٰ بني العذراء، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق يقول: «ليس بين قيام قائم آل محمّد وبين قتل النفس الزكيَّة إلَّا خمسة عشر ليلة »( ).