ما المقصود بقتل النفس الزكيه
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد أن يلجأ المهدي إلىٰ مكّة، ويخسف بجيش السفياني، يقبل أصحاب المهدي عليه ويقترحون أن يعلن ظهوره ويبدأ بحركته المباركة في مكّة، فيجيبهم بأنَّ أهل مكّة لا ينصـرونه، ولكن من باب إلقاء الحجَّة، ورجاء هدايتهم أو هداية بعضهم، فإنَّه يُرسِل بعض المؤمنين من خاصَّته _ وهو الذي سمَّته الروايات بالنفس الزكيَّة _ ليدعوهم إلىٰ نصـرته، فيطيع أمره، ويذهب إلىٰ مكّة، وعند بيت الله الحرام يخطب بهم ويدعوهم لنصـرة المهدي ، ولكن أهل مكّة يقتلونه في حرم الله الآمن، ليقترفوا بذلك أنواعاً من المعاصي في آنٍ واحد، هي:
1 _ هتك حرمة البيت الحرام، الذي اعتبره القرآن الكريم حرماً آمناً.
2 _ قتل النفس المحرَّمة بدون حقّ، قال تعالىٰ: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرضِ لَمُسْـرِفُونَ (المائدة: 32).
3 _ رفض نصـرة المظلومين، وقد قال النبيُّ : «من أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلاً ينادي: يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم»( ).
ولا يخفىٰ أنَّ قتل أهل مكّة إيّاه إعلان منهم لمعارضة حركة المهدي وتمرّدهم عليه، وهذا ما يحدو به لتطهيرها بداية ظهوره، ولعلَّ تسميته بالنفس الزكيَّة لبراءته وكونه يُقتَل مظلوماً، وقد ورد هذا التعبير في القرآن الكريم: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً (الكهف: 74)، أي بريئة من الذنب، كما عليه المفسِّرون( ).
هذا وتُحدِّثنا الروايات الشـريفة أنَّ ظهور المهدي التامّ سيكون بعد مقتل النفس الزكيَّة بخمس عشـرة ليلة، لتكون هذه العلامة أقرب العلامات للظهور المبارك.
عن أبي جعفر في حديث طويل إلىٰ أن قال: «يقول القائم لأصحابه: يا قوم، إنَّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنّي مرسل إليهم لاحتجَّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجَّ عليهم. فيدعو رجلاً من أصحابه، فيقول له: امض إلىٰ أهل مكّة، فقل: يا أهل مكّة، أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرّية محمّد وسلالة النبيّين، وأنّا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتزَّ منّا حقّنا منذ قُبِضَ نبيّنا إلىٰ يومنا هذا، فنحن نستنصـركم فانصـرونا. فإذا تكلَّم هذا الفتىٰ بهذا الكلام، أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكيَّة، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألَا أخبرتكم أنَّ أهل مكّة لا يريدوننا