السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بالسائل الكريم دلالة الحديث ظاهرة وذلك أن الإنسان مؤتمن على من تحت يده، فالأب مؤتمن على الزوجة والأولاد الذكور والإناث، وعلى كل من استرعاه الله تعالى إياهم، والمرأة أيضاً مؤتمنة على مال الزوج، وهي مؤتمنة أيضاً على عرضها ونفسها وعلى بيت زوجها، فلا يدخله إلا من يكون مرضياً له، وكذلك أيضاً هي مؤتمنة على رعاية الأولاد وتربيتهم التربية الصالحة، وغيرهم ممن يعمل معهم فإنهم مؤتمنون على هذه البيوت، فلا يفشون أسرارها، ولا يتسببون بما يتوصلون إليه من دواخل أمور هؤلاء الناس، إلى شيء من الأذى يوصلونه إليهم، لا عن طريق السرقة أو نحو ذلك، فإن هؤلاء قد عرفوا ما في البيوت، ويعرفون متى تكون خالية، ومتى يكون فيها أهلها، ومتى يغفلون عنها، فهم مسؤولون عن ذلك، وهكذا يجدون فيها متاع أصحاب الدار، ويجدون فيها ما يتعلق بهم من خصوصياتهم التي لا يمكن التحفظ بها عنهم، فهم مؤتمنون على ذلك، لا يتحدثون ولا يسيئون، ولا يسرقون، ولا يخونون، وهكذا كل واحد من الناس هو راعٍ، كما قال النبي [صلى الله عليه وآله] بهذه الصيغة الجلية الواضحة الصريحة، التي هي أقوى صيغ العموم: كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، المسؤلية تعبر عن المؤاخذة، وتدل على أن الإنسان سوف يحاسب على هؤلاء الذي جعلهم الله تعالى تحت يده، فإذا ضيع فإن ذلك يكون سبباً لحسابه العسير عند الله، ما لم يتجاوز عنه، والنبي [صلى الله عليه وآله] يقول: ما من راعٍ يسترعيه الله رعية فيموت وهو غاش لهم إلا لم يدخل الجنة معهم. ودمتم موفقين.