النقطه الاولى :إن السبب في عدم ذكرهم ( عليهم السلام ) في القرآن الكريم ، هو :
أوَّلاً : أن القرآن الكريم نزل على خطاب : ( إيَّاك أعني واسمعي يا جارة ) ، أي : الاستعمال المجازي والكنائي .
فإن الكناية أبلغ من التصريح ، فذكر الإمام علي ( عليه السلام ) والأئمة من بعده كناية ومجازاً .
ثانياً : من ثقافة القرآن الكريم أنه يحكِّم القانون العام ، ويبيِّن الأصول العامة ، كما يذكر في كتب الدستور والقانون لِكُلِّ بند ، إلاَّ أنه يلحق به التبصرات والمواد الأخرى ، تفسِّر الكليات في الدستور .
فالقرآن يبيِّن الأصل الكلي للإمامة التكوينية والتشريعيَّة ، وأن الأئمة على قسمين :
۱ – أئمة ضلال .
۲ – أئمة هدى يهدون بأمر الله تعالى .
ثمّ بيِّن أوصافهم بالكناية والمجاز ، وأن منهم الإمام علي ( عليه السلام ) كما في آية إكمال الدين ، وآية التطهير ، وآية الإطاعة ، وآية الولاية .
وأن الولي من أعطى الزكاة في صلاته ، أي تصدَّق بالخاتم ، ولم يكن ذلك إلاَّ الإمام علي ( عليه السلام ) كما اتفق عليه المفسرون من السنة والشيعة .
فالقرآن الكريم يتكلَّم بنحو عام ، والسنة الشريفة هي التي تبيِّن المصاديق والجزئيات ، فان القرآن يقول : ( أَقِمِ الصَّلاَةَ ) الإسراء : ۷۸ .
والسنة تقول : صلاة الصبح ركعتان .
وهكذا في باقي الموارد .
والرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) في روايات كثيرة جداً ، نقلها الموافق والمخالف ، أنَّه نصَّ على إمامة وخلافة الإمام علي ( عليه السلام ) ، كما في حديث الغدير المتواتر عند الفريقين .
إلا أن الناس ارتدوا بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الولاية ، ولم ينصروا علياً ( عليه السلام ) ، وأعرضوا عن الأحاديث النبويَّة التي قالها في شأنه وخلافته .
فلو كان اسمه مذكوراً في القرآن الكريم لأدَّى ذلك أن ينكروا القرآن أيضاً ،
ويقولوا : إن النبي ليهجر ، كما قالها البعض في مرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندما طلب منهم الدواة / ليكتب لهم كتاباً لن يضلُّوا بعده .
وهذا يعني إنكار الدستور الإسلامي ، وإنكار الإسلام كُله ، وهذا يتنافى مع الحكمة الإلهية ، فاقتضت الحكمة أن لا يذكر اسم علي ( عليه السلام ) ولا الأئمة ( عليهم السلام ) من بعده في القرآن .
وإنما يذكر في ترجمانه ، وفي عِدل القرآن ، أي السنّة الشريفة ، ليؤمن من يؤمن ، وليكفر من يكفر ، فما ذلك لله بضار .
وما أكثر الأحاديث والمصادر من طرق السنة ، تدل على إمامة وخلافة الإمام علي ( عليه السلام ) والأئمة من بعده .
النقطة الثانيه: أن الحكمة الإلهية قد اقتضت عدم ذكر اسم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وغيره من أئمة أهل البيت عليهم السلام في القرآن الكريم ، ونحن لا نعلم وجه الحكمة في كثير من الأمور ، وهذا واحد منها ، كما أن الحكمة الإلهية قد اقتضت عدم بيان تفاصيل كثير من أمور الشريعة في القرآن الكريم ، كأحكام الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها ، ولم يقدح ذلك في وجوب تلك التفاصيل .
النقطه الثالثة: أن الله تعالى أراد أن يحفظ القرآن الكريم من كل تحريف وتبديل ، وذكر اسم علي عليه السلام يستدعي تحريفه وتبديله ، لأن أعداء أمير المؤمنين عليه السلام كثيرون ، ومن تعاقب على حكم المسلمين لا يقر له قرار إلا بمحو اسم علي من القرآن ، وبذلك يُحرَّف القرآن ولا تتحقق أي فائدة من ذكر اسم أمير المؤمنين عليه السلام فيه .
النقطة الرابعة: أن من كان معاندا حاقدا على أمير المؤمنين عليه السلام لا ينفع معه ذكر اسم علي عليه السلام في القرآن ، فإن كل آية في كتاب الله ورد فيها اسم علي عليه السلام فإنه سيؤولها ويحرف معناها ، فيجعل الآية خالية من معناها المراد ، فتنتفي الفائدة من ذكر اسم علي في كتاب الله العزيز .
النقطه الخامسة: أن القرآن قد تكفل بذكر العمومات وأما تفاصيل الشريعة فتكفلت ببيانها السنة النبوية ، والسنة النبوية قد أوضحت خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بجلاء لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ، وكما أن كتاب الله حجة ، فإن سنة النبي صلى الله عليه وآله حجة كذلك ، ومتى ما جاء حديث واحد فيه إشارة إلى فضل علي عليه السلام أو كان دالا على أنه هو الخليفة من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كفى ، ولا حاجة لطلب آية تدل على ذلك قد صرح فيها باسم علي عليه السلام ، و قدم تقدم تفصيل بعضها …