أبو الزين - الأردن
منذ 5 سنوات

حول رواية في البحار

أسيادنا الأعزة الرواية في بحار الأنوار 40/2 : إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : سافرت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس له خادم غيري, وكان لحاف ليس له غيره, ومعه عائشة, وكان رسول الله ينام بيني وبين عائشة ليس علينا ثلاثتنا لحاف غيره, فاذا قام إلى الصلاة يحط بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة, حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتنا . تعليقكم على الرواية المستغلة للإساءة إلى مصادرنا الحديثية .


الأخ أبا الزين المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نلفت نظركم للنقاط التالية : 1- إن نظرة الشيعة للمصادر الحديثية تختلف عن نظرة أهل السنة إليها, ففي حين يعتبر أهل السنة أن أمثال كتب البخاري ومسلم وغيرهما تصل في حد الصحة بحيث لا يمكن المناقشة فيها, نرى أن الشيعة لا تنظر بهكذا نظرة لمجامعيها الروائية, بل تعتقد باخضاع كافة الروايات والأحاديث للبحث السندي والدلالي, وهذه من مميزات الفكر الشيعي في كافة الجهات . وعلى هذا فان ورود حديث ما في مجموعة لا تدل بالملازمة على قبوله, بل يجب البحث عن سنده أولاً ودلالته ثانياً, وسائر قواعد الجرح والتعديل, مثل العرض على الكتاب وغيره. 2- إن المجلسي (ره) - صاحب البحار -بنفسه كان لا يلتزم بصحة كل ما ورد في كتابه - فضلاً عن الآخرين - ويستفاد هذا الموضوع من مقدمته على (البحار), إذ يصرح أنه جمع كل ما في وسعه من الأحاديث من دون إبداء رأيه, لكي تكون هناك موسوعة كبيرة يتمكن الباحث من المراجعة اليها . ويشهد لهذا أيضاً أنه وفي مقام البحث السندي لا يرى صحة مجموعة من أحاديث (الكافي) الذي هو أمتن الكتب الحديثية عند الشيعة (مرآة العقول للشيخ المجلسي رحمه الله) . 3- إنّ الرواية المنقولة عن (البحار) هي في الحقيقة وردت في احتجاج الشيخ الطبرسي نقلاً عن كتاب سليم بن قيس الهلالي (الاحتجاج 1/231 - البحار 38/314 ح 18 و40/1 ), وأيضاً نقلها ابن شهر آشوب (بصورة مرسلة) في مناقبه وجاءت عنه في (البحار). ( مناقب ابن شهر آشوب 2/220 - البحار 38/297 ) . فسند الحديث ليس مقطوعاً به حتى يصبح حجة لنا أو علينا . 4- توجد هناك أحاديث كثيرة منقولة في الجوامع الروائية لأهل السنة مخالفة للعقل والنقل القطعي وتمس الجوانب الأساسية للعقيدة, ومع هذا يرتضون بها ويؤولونها بتأويلات سخيفة, حفظاً منهم لهذه الكتب, ولو كان المجال واسعاً لأوردنا بعض الأمثلة لذلك. ولكن حرصاً على الاجمال في الجواب نوكل هذا الموضوع إلى البحوث المستقلة في هذا المضمار والتي تتولى دراسة أحاديث الصحاح الستة وغيرها حتى يتبين للمنصف المتوخي للحقيقة مدى قباحة بعض منقولات أهل السنة وركاكتها . 5- وأخيراً نقول : كيف يخاف من علي (عليه السلام) وهو مع القرآن ؟! وكيف يخاف منه وهو مع الحق بل هو راعي الدين والاسلام ؟! وعلى فرض صحة الرواية, فانها تدل على ثقة الرسول (صلى الله عليه وآله) التامة في علي (عليه السلام)، ولم ينقل عن علي (عليه السلام) أنه نظر إلى امرأة من نساء النبي (صلى الله عليه وآله), كما نقل عن عمر أنه كان يتعرض لنساء رسول الله وهن خارجات للتبرز قبل الحجاب ، فكان عمر يغار على زوجاته ويأمر الرسول بأن يحجبهن والرسول لا يهتم بذلك ولا يفعل ما يأمره به عمر !! إلى أن وافق الله عمر وأمر الرسول بما أمره به عمر !!! ففي (صحيح البخاري 1/45) : حدثنا يحيي بن بكير, قال : حدثنا الليث, قال : حدثني عقيل, عن ابن شهاب, عن عروة, عن عائشة : أن أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح, فكان عمر يقول للنبي (صلى الله عليه وآله) : احجب نساءك, فلم يكن رسول الله يفعل, فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي ليلة من الليالي عشاء, وكانت امرأة طويلة, فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة, حرصاً على أن ينزل الحجاب, فأنزل الله الحجاب . وعلي (عليه السلام) أطهر من أن يشك فيه أحد, وهل أعرف به من رسول الله (صلى الله عليه وآله), ولكن الاشكال في قول عمر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من أن نساؤه يدخل عليهن في بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) البر والفاجر وهن فيه. ففي (صحيح البخاري 5/149): حدثنا مسدد, عن يحيى بن سعيد, عن حميد, عن أنس قال : قال عمر : وافقت الله في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث, قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلّى, وقلت : يا رسول لله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب, قال : وبلغني معاتبة النبي (صلى الله عليه وآله) بعض نسائه فدخلت عليهن قلت إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيراً منكن, حتى أتيت إحدى نسائه, قالت : يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت, فأنزل الله : (( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات ... المزید )) . فليس يحتمل في علي (عليه السلام) الرجس ليخاف منه رسول الله(صلى الله عليه وآله) . مع أن الرواية في (البحار) وجدت في كتاب سليم, فقد ذكر أن النسخة التي عنده بالوجادة, ولابد من وجودها في نفس كتاب سليم المسند لا المرسل . وهنا لا بأس أن نشير إلى أنه لا يوجد أمر مريب في مدلول الرواية يبعث القلق, إذ جاء التصريح فيها بوجود المانع الذي هو اللحاف المنحط بين الامام (عليه السلام) وعائشة. ودمتم في رعاية الله

1