محمد العجمي - عمان
منذ 4 سنوات

حول حروب الردة

هل كانت حروب الردة غير شرعية، واذا كانت شرعية فان خلافة أبو بكر شرعية، واذا كانت غير شرعية فلماذا يتزوج الامام علي (ع) من سبيهم، فهو تزوج خولة والدة محمد بن الحنفية، كما زوج ابنه الحسين (ع) من سبي فارس في عهد الخليفة عمر أرجو الافادة ... ولكم جزيل الشكر.


الأخ محمّد العجمي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنت تعلم أن شرعية الأمر متأتية من شرعية القائمين به, وعلى هذا يمكنك أن تجعل هذه القاعدة منطبقة على موردنا هذا, فحروب الردة تتبع في عدم شرعيتها إلى فقدان شرعية القائمين عليها, وإذا كان الأمر كذلك فمن أين تأتي شرعية هذه الحروب, ولا يمكن القول بعد ذلك بشرعيتها لعدم توفر شرعية الخليفة ... أما كون أمير المؤمنين (عليه السلام) قد تزوج بخولة بنت جعفر بن قيس والدة محمّد بن الحنفية، فغير ثابت أن خولة من سبي حروب الردة, بل هي سبيت في أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، كما عليه أبو الحسن علي بن محمّد بن سيف المدائني حيث قال : هي سبيت في أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قالوا : بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) علياً (عليه السلام) إلى اليمن فأصاب خولة في بني زبية وقد ارتدوا مع عمرو بن معدي كرب ... فصارت في سهم علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : إن ولدت لك غلاماً فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي, فولدت له بعد موت فاطمة (عليها السلام) محمداً فكنّاه أبا القاسم ... (هذا كلام المدائني نقله المجلسي في بحاره في أحوال أولاد وأزواج أمير المؤمنين (عليه السلام)) . وظهر من ذلك أن خولة هي سميت في حروب الردة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا كما يتوهم البعض أنها سبيت في حروب الردة في زمن أبي بكر. أما زواج الإمام الحسين (عليه السلام) من سبي فارس, فإن الإمام علي (عليه السلام) لم يتعامل معهم بعنوان سبي، بل تعامل معهم كمسلمين وكان تزويج أحد بنات كسرى للحسين (عليه السلام) لا كونهن سبيات بل كونهن بنات ملوك قد استنقذها الإمام (عليه السلام) من أيديهم وهي ظاهر رواية (المناقب) لابن شهر آشوب والتي رواها المجلسي في بحاره وإليك نصّها : ((لما ورد بسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء, وأن يجعل الرجال عبيد العرب, وعزم على أن يحمل العليل والضعيف والشيخ الكبير في الطواف وحول البيت على ظهورهم, فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال : أكرموا كريم قوم وإن خالفوكم وهؤلاء الفرس حكماء كرماء, فقد ألقوا السلام ورغبوا في الإسلام وقد أعتقت منهم لوجه الله حقي وحق بني هاشم, فقالت المهاجرون والأنصار: قد وهبنا حقّنا لك يا أخا رسول الله, فقال : اللّهم فاشهد فإنهم قد وهبوا وقبلت وأعتقت, فقال عمر : سبق إليها علي بن أبي طالب ونقض عزمتي في الأعاجم . ورغب جماعة في بنات الملوك أن يستنكحوهن فقال أمير المؤمنين : خيّروهن ولا تكرهوهن, فأشار أكبرهم إلى تخيير شهر بانو بنت يزد جرد فحجبت وأبت, فقيل لها : يا كريمة قومها من تختارين من خطبك ؟ وهل أنت راضية بالبعل ؟ فسكتت, فقال أمير المؤمنين : قد رضيت, سكوتها إقرارها, فأعادوا القول في التخيير فقالت : لست ممن يعدل عن النور الساطع والشهاب اللامع الحسين أن كنت مخيّرة ...)) إلى آخر الرواية . ويظهر أن تعامل أمير المؤمنين (عليه السلام) مع هؤلاء ليس تعامل الرقيق والإماء مما يعني أن الإمام (عليه السلام) لم يتعامل معهم أسرى حرب كما هو ظاهر الرواية . هذا ولو تنزلنا وقلنا أن الإمام (عليه السلام) قد تعامل معهم كأسرى حرب، فإنه (عليه السلام) كونه الخليفة الواقعي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) له إقرار هذه الحرب لمصلحة يراها هو (عليه السلام) وإن كان ظاهر من يقوم بالأمر غير الخليفة الشرعي, أي إقرار الإمام الحرب أو عدم إقراره من شؤون إمامته، وكذا كثير من الموارد التي يتصرف بها الإمام (عليه السلام) ضمن شؤون ولايته الإلهية وإن كان الأمر في الظاهر لغيره . فتبين أن زواج الإمام الحسين (عليه السلام) من سبي فارس لا يدلّ على مشروعية خلافتهم، إذ ربما لا تكون ملازمة بين عملهم ومشروعية خلافتهم فإن الله ينصر دينه على أيدي أناس لا خلاق لهم كما هو وارد. ودمتم في رعاية الله