logo-img
السیاسات و الشروط
( 26 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الظلم والظالم

عانيت من الظلم والاستغلال من قبل أشخاص منذ فترة، ولحد الآن أعاني نفسياً بسبب ما عانيت منهم، خصوصاً أنهم يعيشون حياة طبيعية على العكس مني.. المشكلة في الأفكار الإنتقامية التي تخطر على بالي.. فما هي الطريقة للتخلص من هذه الأفكار وكيفية تجاوز الأزمة النفسية التي أمر بها؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إبنتي الكريمة.. تشخيصكم للموضوع (الأفكار الإنتقامية) وكونه ليس بالأمر الطبيعي ولا الصحيح إطلاقاً.. قد اختصر لنا نصف الجواب والعلاج والنصيحة.. تعالي معي (إبنتي الكريمة) لهذا الحديث العظيم عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي يحمل بين طياته معانٍ جمة، تتسامى وروح الإسلام الحقيقية التي يربي الأئمة (عليهم السلام) شيعتهم عليها.. روي عنه (سلام الله عليه : (لو أن قاتل أبي الحسين بن علي (عليهما السلام) ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديته إليه).. مع هذا الحديث، يقف الإنسان طويلاً ويتأمل كثيراً في كل مفردة وكلمة فيه، ويحتاج منه من الوقت كي يصل إلى ما يرمي إليه أئمة الحق (صلوات الله عليهم) الشيء الكثير.. فإن المقتول المذبوح بطريقة لا يتحملها العقل ولا السماء ولا الأرض، هو سيد الشهداء (صلوات الله عليه) وابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن بضعته الطاهرة (صلوات الله عليها).. والأمانة هي ذات السيف الذي قطع أوداجه المقدسة.. والمؤتمن هو إبن المذبوح نفسه.. وصاحب الأمانة هو ذات الذابح بعينه.. ومع كل هذه المصائب العظيمة التي تنوء منها أولي العصبة من الرجال، ويهتز لها عرش الله.. فإن الإمام (عليه السلام) يعمل بما تمليه عليه نفسه، وبما يريده الله عز وجل.. فيتصرف بذلك الخلق الرفيع والروح الملكوتية من مكارم الأخلاق ومقابلة الإساءة بالإحسان والظلم بالعفو عند المقدرة.. دروساً غاية بالنبل والتسامي، ولم يكن منه (سلام الله عليه) مجرد قول وكلمات، بل ترجم ذلك عملياً في الحادثة المعروفة المشهورة عبر التأريخ، والتي هي : (كان هشام بن إسماعيل والياً على المدينة في ذلك الوقت وكان ظالماً جائراً سام أهلها مدة ولايته عليهم فقد جلد محدثها " سعيد بن المسيب " ستين جلدة لامتناعه عن البيعة ثم ألبسه رداء بالياً وأركبه على بعير وطاف به في المدينة المنورة وكان يسيء معاملة العلويين بإساءات بالغة وفظيعة جداً وخاصة الإمام زين العابدين (عليه السلام) فسأم الناس منه وضاقوا ذرعاً به وبأسياده.. بعد أن عزل الوليد هشاماً , أراد أن ينفس عن حقد الناس وغضبهم عليه , فأمر به أن يوقف أمام دار مروان بن الحكم وأن ينتقم من كل شخص تضرر أو أصابه أذى منه , فانبرى الناس يمرون عليه فقد قال: ما أخاف إلا من علي بن الحسين (عليه السلام) , لأنه كان يعلم بأن جزاءه من الإمام هو القتل لا غير لما عامله به من الظلم والإساءة والسب لآبائه وأجداده. ولكن الإمام (صلوات الله عليه) أوصى خاصته بأن لا يتعرض له أحد بكلمة.. وعندما وصل إليه رفع صوته قائلاً: السلام عليكم وتقدم نحوه مصافحاً ثم قال له: أنظر إلى ما أعوزك من مال، عندنا ما يسعك فطب نفساً منا ومن كل من يطيعنا.. فنادى هشام : الله أعلم حيث يجعل رسالته.. فلما رأى أهل المدينة المنورة عمل الإمام (عليه السلام)مع هشام كفو عن سبه وشتمه وإلحاق الأذى به).. ولا أجد أكثر من ذلك نصحاً لكم.. فإن أهل البيت (عليهم السلام) هم الأدلاء على طريق الله وما يحبه ويرضاه.. ودمتم في رعاية الله وحفظه.

4