logo-img
السیاسات و الشروط
زهراء زيد ( 16 سنة ) - العراق
منذ سنة

الفرق بين الدنيا والحياة

ماهو الفرق بين الدنيا والحياة؟ ولماذا أمر الله تعالى بأخراج حب الدنيا من قلب المؤمن وينصح الأطباء النفسيين بحب الحياة؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إبنتي الكريمة.. الدنيا في اللغة : اسم تفضيل مؤنث أدنى ، تستعمل تارة بمعنى : الأقرب زماناً أو مكاناً ، ويقابله الأبعد ، وأخرى بمعنى : الأرذل والأخس ، ويقابله الخير ، وثالثة بمعنى الأقل ويقابله : الأكثر. والكلمة تطلق بمعانيها على هذه الدنيا في مقابل الآخرة ، فإنها الأقرب وجوداً والأرذل جوهراً وقيمةً ، والأقل كماً وكيفاً.. ومعنى الحَياةُ : هو النّموُّ والبقاءُ وتطلق ويراد منها الحياة الدنيا هي الحياة في عالمنا هذا والحياة الأَبَديَّة في الآخرة، والحياة الباقيةُ ما بعد الموت، ودار البقاء.. هذه أشهر معانيها.. فالدنيا مصطلح وله عدة معاني منها الدنيا المستعملة مطلقة في مقابل الآخرة ، وهي : عبارة عن كل ما يرتبط بالإنسان وله مساس به قبل موته في هذا العالم : كأقواله وأفعاله ، ومآكله وملابسه ومسكنه ، ومناصبه وولاياته ونحوها ، وتقابله الآخرة على نحو الإطلاق، وهي : العالم المحيط به بعد موته.. ومنها الدنيا المذمومة ، وهي التي نطق الكتاب الكريم بذمها وتحقيرها ، وحثت النصوص المتواترة على تركها والإعراض عنها.. وهي تشمل جميع ما يتعلق بالإنسان من تنعّماته وانتفاعاته، وما يسعى في تحصيله من علومه وفنونه ومناصبه، وما يحصله ويعده لنفسه من أمواله وأولاده وكل ما يملكه ويدخره لينتفع به، كل ذلك إذا حصلت من الوجه المحرم ، أو كانت مقدمة للحرام ، أو لوحظت بنحو الاصالة في الحياة ، وكانت مبلغ علم الإنسان ومنتهى همته ، فتطلق على الحياة المقرونة بجميع ذلك والمشتملة عليها حياة الدنيا ، وعلى نفس تلك الأمور عرض الحياة وزينتها ومتاعها وحطامها وما أشبهها من التعابير القرآنية.. فآيات الكتاب، والسنة تبين حال اشتغال الإنسان بها وذم حبها ، وتزينها في القلب ورضا الإنسان بها ، وطمأنينته إليها وإيثارها على الآخرة وابتغائها والفرح بها واستحبابها ، أي : ترجيحها على الآخرة والإشراف بها وكونها لعباً ولهواً وتفاخراً وتكاثراً ، وغير ذلك من التعابير الكاشفة عن حالات الإنسان ونفسياته المتعلقة بها والمذمومة في الشرع. ومن الايات قوله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات ) أي : زين نفس شهوات الدنيا ومشتهياتها ، وقال : ( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ) أي : نفس الحياة أو ما يقارنها.. وقال : ( فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا ).. وقال : ( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ) وقال : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) .. وورد في النصوص والروايات : أن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، فالشقاء والشرور والخطايا والمفاسد كلها مطوية تحت عنوان الدنيا ، وذمائم الخصال ورذائلها محوية في صفة حبّها والميل إليها. وأن من أصبح وأمسى والدنيا أكبر همه جعل الله الفقر بين عينيه ( أي : كلما صرف همه وعمره في تحصيلها زاده الله حرصاً وحاجة وفقرا ).. وأن الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا.. وأما الدنيا الممدوحة التي يمكن سلب إسم الدنيا عنها فهي كل ما كان من هذه الدنيا لله تعالى ، وفي طريق الوصول إلى رضاه ، ولازم ذلك أن لا يكون تحصيله وحفظه وصرفه والانتفاع به إلا عن طريق مسوغ أجازه الشرع وأباحه أو أحبه وندب إليه. فقد ورد : أنه : قيل للصادق عليه‌السلام : إنا لنحب الدنيا ، فقال : تصنع بها ماذا؟ قال أتزوج منها وأحج بها وأنفق على عيالي وأنيل أخواني وأتصدق ، قال لي : ليس هذا من الدنيا ، هذا من الآخرة. وأن قوله تعالى : ( ولنعم دار المتقين ) أريد به الدنيا.وأنه : نعم العون : الدنيا على الآخرة. وأن من المأثور عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : أن الدنيا دار غنى لمن تزود منها ، مسجد أنبياء الله ، ومهبط وحيه ، ومسكن أحبائه ، ومتجر أوليائه ، إكتسبوا فيها الرحمة وربحوا منها الجنة ، فمن ذا يذم الدنيا وقد نادت بانقطاعها ومثّلث ببلائها البلاء وشوقت بسرورها إلى السرور. أيها المغرور بغرورها : متى غرتك بنفسها ، أبمصارع آبائك ، أم بمضاجع أمهاتك. ولعل مراد الاطباء النفسيين بحب الدنيا هو الدنيا الممدوحة لا المذمومة. ودمتم موفقين.

3