م / ماجد - الإمارات
منذ 4 سنوات

معرفة الامام و معرفة الله

أوّل الدين معرفته، ومن أراد الله بدأ بكم.أريد أن أعرف الله تعالى من خلال معرفة المعصوم، فقد ورد عنهم (عليهم السلام) : (لا يعرف الله إلّا بسبيل معرفتنا)، ولكن ما هي المعرفة التي تحقّق هذا الهدف؟ كيف أعرف الإمام؟


الأخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هنالك معرفتان لله تبارك وتعالى: الأُولى: هي المعرفة المترتّبة على الإيمان به عزّ وجلّ، والتي يعبّر عنها بأنّها أوّل الدين (أوّل الدين معرفته).وقد أشارت إليها صحيحة زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟فقال: إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله) إلى الناس أجمعين رسولاً وحجّة لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واتّبعه وصدّقه فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة عليه، ومن لم يؤمن برسوله ولم يتّبعه ولم يصدّقه ويعرف حقّهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقّهما... الحديث. والثانية: هي المعرفة بعد الإيمان، والتي تتكامل معرفة المؤمن فيها بربّه، فينزهه عن المثيل والنظير والجسمية وشبه خلقه، فكثير ممّن حصلت لهم المعرفة الأُولى تصوّروا الله تعالى جسماً من الأجسام، يحلّ في الأمكنة، وتجري عليه الحوادث من الحركة والسكون والمجيء والذهاب والاستواء ولاستقامة، وأن يكون مرئياً بالعيون... وما إلى ذلك.فلأجل توحيد الله وتمجيده وتسبيحه وتحميده وتنزيهه من شبه الخلق، لا بدّ من أن يُعرف طبقاً لمعرفة الكمّل من عباده الذين اصطفاهم لنفسه، وأودع عندهم حكمته، وجعلهم مختلفاً لملائكته، ومهبطاً لوحيه، وخزنة لعلمه... وهؤلاء العباد الذين هم محمّد وأهل بيته (عليها السلام) قد علّمونا كيف نعرف الله تعالى وننزّهه ونسبّحه ونمجّده، فينبغي أن نقتفي آثارهم ونسير على منوالهم ونقتدي بهم، ونتقرّب إلى الله بطاعتهم ونتبرأ من عدوّهم...وقولهم (عليهم السلام) : (لا يعرف الله إلّا بسبيل معرفتنا)، فيه إشارة إلى هذه المعرفة التي يحصل للعبد فيها التنزيه من شوائب الشرك والتجسيم والتشبيه، فيتكامل بالمعرفة. وهناك وجه آخر أعلى من ذلك: وهو أنّ الله سبحانه وتعالى لا يعرف إلّا بآثاره والدلائل التي تدلّ عليه، ولا أثر له أعظم من محمّد وآل محمّد(صلوات الله عليهم أجمعين)، فهم التجلّي الأعظم، وأسماء الله الحسنى، فلا معرفة أكمل من معرفة الله بأعظم آثاره وبأسمائه الحسنى، وهي ذواتهم (عليهم السلام)، فصحّ أن يقولوا (عليهم السلام) : (لا يعرف الله - معرفته الحقّة - إلّا بسبيل معرفتنا). وهناك روايات يمكن حملها على كلا الوجهين:ففي (بصائر الدرجات) للصفّار: ((عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت عند أمير المؤمنين (عليه السلام) جالساً فجاءه رجل، فقال له: يا أمير المؤمنين! الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم؟ فقال له عليّ (عليه السلام) : نحن الأعراف، نحن نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلّا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف نوقف يوم القيمة بين الجنّة والنار فلا يدخل الجنّة إلّا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلّا من أنكرنا وأنكرناه، وذلك بأنّ الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف الناس حتّى يعرفوه ويوحّدوه ويأتوه من بابه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله وبابه الذي يؤتى منه)) (1) . وفيه أيضاً: ((عن مقرن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: جاء ابن الكوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين! (( وَعَلَى الأَعرَافِ رِجَالٌ يَعرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُم )) (الأعراف:46)؟فقال: نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله عزّ وجلّ إلّا على الصراط، فلا يدخل الجنّة إلّا من عرفنا ونحن عرفناه، ولا يدخل النار إلّا من أنكرنا وأنكرناه، إنّ الله لو شاء لعرف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا فإنّهم عن الصراط لناكبون، ولا سواء من اعتصم الناس به، ولا سواء من ذهب حيث ذهب الناس، ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عين صافية تجرى بأُمور لا نفاد لها ولا انقطاع)) (2) .وهناك وجوه أُخر لا نرى حاجة لذكرها، ففي ما ذكرناه كفاية.ودمتم في رعاية الله

3