علي - الكويت
منذ 4 سنوات

البداء في أمر الامامة

هناك روايات تنصّ على أسماء الأئمّة ع جميعهم، فهل هذه الروايات تتعارض مع مسألة البداء التي حصلت للإمام الحسن العسكري ع حين قال له الإمام الهادي(عليه السلام): (إنّ الله أحدث فيك أمراً)؟ إذ لو كانت أسماء الأئمّة معروفة فما هو موقع البداء بتعيّن الإمام العسكري(عليه السلام) إماماً، مع شهرة القول بإمامة محمّد ابن الإمام الهادي(عليه السلام)؟


الأخ علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشير هنا إلى عدّة نقاط لها صلة بالموضوع كي يرتفع الإبهام عن المسألة: أوّلاً: إنّ البداء بأيّ تفسير مقبول يجب أن لا يعارض العلم الأزلي لله تبارك وتعالى, وهذا شيء لا مناص منه ومتّفق عليه. ثانياً: معنى البداء - على التحقيق - هو: إظهار شيء في عالم التكوين من جانب الله عزّ وجلّ كان مكتوماً على الناس، فهم كانوا لا يرونه، أو يرون خلافه, فبإظهاره - تبارك وتعالى - يظهر عندهم؛ ففي الواقع البداء: إظهار من قبل الله - على لسان المعصومين(عليهم السلام) - وظهور عند الناس, فله وجهان، باعتبارين، ونظرتين مختلفتين، فلا تنافي بينهما. ثالثاً: إنّ النصوص الواردة إلينا في أسماء الأئمّة المعصومين الاثني عشر(عليهم السلام) هي بحدّ الاستفاضة بل التواتر, وكلّها متّفقة في العدد والأسامي, وعليه فكلّ ما يوهم خلاف ذلك، إمّا مردود سنداً، وإمّا ممنوع ومخدوش من باب الدلالة. رابعاً: إنّ الرواية التي تتحدّث عن طُرو البداء في شأن الإمام العسكري(عليه السلام) - مع غضّ النظر عن البحث السندي فيها - ليس فيها ما ينافي القواعد التي ذكرناها, بل فيها تلويح بأنّ الناس كانوا يرون الإمامة بعد الإمام الهادي(عليه السلام) في ابنه الأكبر السيّد محمّد (سبع الدجيل), وثمّ بعد وفاته صرّح الإمام الهادي(عليه السلام) بخطأ ما ذهبوا إليه بعدما تبيّن عندهم أيضاً ذلك. والذي يدلّ على ما قلنا: أنّه لا يوجد أيّ تصريح من الإمام الهادي(عليه السلام)، أو آبائه، بإمامة السيّد محمّد حتّى يُفرض تبدّل كلامهم(عليهم السلام) حينئذ, بل إنّ الشيعة، ومن منطلق ارتكازاتهم الموجودة، كانوا يعتقدون بإمامة الولد الأكبر, ولكنّ الله، ومن منطلق علمه الأزلي ووجود المصالح الإلهيّة، كان لم يجعل ذلك، وفي نفس الوقت المصلحة العليا تقتضي أن لا يصرّح بهذا الموضوع قبل وفاة السيّد محمّد. ولا يخفى أنّ المصلحة قد تكون هي: بيان مقام السيّد محمّد وعظمته عند الشيعة، حتّى يعرفونه بحدّ قريب لمعرفتهم الإمام(عليه السلام)، أو أنّ المصلحة كانت: في إخضاع الشيعة للاختبار الإلهي في طاعتها وولائها لله عزّ وجلّ، والأئمّة المعصومين(عليهم السلام)، أو غير ذلك. وأخيراً لا بأس أن نشير إلى ورود رواية بالمضمون نفسه في شأن الإمام الكاظم(عليه السلام) لتدلّ على حدوث البداء له بالنسبة إلى أخيه الأكبر إسماعيل. والبحث في هذه الرواية كسابقتها. وبالجملة، فالاعتقاد والالتزام بالبداء لا يناقض الأُمور الحتميّة واليقينيّة، كما ذكرنا. ودمتم في رعاية الله