محمد الوزيرى - مصر
منذ 4 سنوات

حول أسماء الأئمة و عصمتهم من كتب اهل السنة

أريد من حضرة العلماء إثبات صحّة سند حديث متنه يدلّ على النص على الأئمّة ع وعصمتهم صراحة، وبأسمائهم، من مصادر أهل السُنّة؟


الاخ محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيّها الأخ العزيز أنت تطلب أمراً يذكّرنا بطلب بني إسرائيل من موسى(عليه السلام) حتّى يؤمنوا بدعوته؛ إذ قالوا له: (( لَن نُؤمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهرَةً )) (البقرة:55)، فلو أراد الله تعالى إيمان كلّ الناس لَما سار بأنبيائه ورسله، وحتّى دينه وتشريعه، وفق الدليل والبرهان، وبمقتضى الأسباب الطبيعية، ولذهب مباشرة إلى العيان، أو المعاجز، أو عدم احتمال الاختلاف والتخلّف عن الحقّ، ولذلك قال تعالى: (( وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لأََملأََنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ )) (هود:118-119).. وكذلك قوله تعالى عند ردّه على من لا يؤمن إلاّ بالأدلّة التي يشتهيها والواضحة لكلّ أحد، حين قال عزّ من قائل: (( وَقَالُوا لَولاَ أُنزِلَ عَلَيهِ مَلَكٌ وَلَو أَنزَلنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ * وَلَو جَعَلنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسنَا عَلَيهِم مَا يَلبِسُونَ )) (الأنعام:8-9).. فهذه الآيات الكريمة تثبت لنا بأنّ هناك ابتلاءً وامتحاناً واختباراً للبشر حتّى يؤمنوا بالله تعالى ويسلّموا له, ولو كان الأمر واضحاً لا لبس فيه لأحد لم يكن هناك اختبار، فيؤمن الجميع مباشرة، فلا ثواب ولا عقاب ولا أي استحقاق؛ فتأمّل! هذا من جهة.. ومن جهة أُخرى، فإنّك إن كنت تبحث عن الحقّ، فيجب عليك النظر في أصل الاختلاف بين الفرق الإسلامية، ثمّ النظر في أدلّتها وأُصولها العامّة، ومن ثمّ النظر في خصوصيات كلّ مذهب وتفاصيله، ذلك ينبغي قبل طلبك هذا الذي جمعت فيه النصّ على الأئمّة والإمامة، وكذلك عصمة الأئمّة، وكذلك أسماء الأئمّة(عليهم السلام)، ومن مصادر السُنّة، فماذا أبقيت للسُنّة من تبرير كي يخالفوا مذهبنا إلاّ العناد والكفر؟!! فاختلاف المسلمين وفرق المسلمين يجب أن يكون غير مخرج لهم من الإسلام، فإذا كان ما تسأل عنه موجوداً ومتحقّقاً، فهو حجّة على كفرهم وإخراجهم من الملّة، ولا قائل بذلك، أو لآمن أهل السُنّة جميعاً، وانتهى الخلاف الأزلي بين المسلمين وما استدلّ أحد بغير هذا النص الذي تطلبه أنت الآن!!! فنعجب حقّاً لما طلبت، كيف طلبته؟! وكيف تتوقّع وجود مثل ذلك النصّ الصحيح الصريح في كلّ مسائل الخلاف، فماذا أبقيت أيّها الأخ للمخالف؟ ولماذا يبقى خلاف أصلاً؟! فسؤالك يشبه سؤال أهل الكتاب لنا: بأنّ دينكم باطل؛ لأنّه غير مذكور عندنا بصراحة ونصّ، لا يقبل التأويل!! وسؤالك يشبه قولك للخارجي: ارو لنا حديث قتال عليّ(عليه السلام) للمارقين الخوارج، وأعترف لك بأنّكم المقصودون من الحديث!! فهل يعقل ذلك أيّها الأخ؟! أنت تطالبنا بأن نثبت لك صحّة تفاصيل مذهبنا المتفرّعة عن أصل ثابت عند السُنّة، وتقفز على ذلك الأصل دون تسليم، وتطالبنا بأن نأتي لك بدليل صحيح صريح يفصل ذلك الأصل الثابت برواية سُنّية صحيحة صريحة، تذكر أسماء الأئمّة وعصمتهم، ولا تتكلّم عن ثبوت خلافة عليّ(عليه السلام) وإمامته، وهو المهم، وهو أصل الخلاف، ومنه يعرف الحقّ من الباطل, وآخر يشترط ذكر خلافة عليّ(عليه السلام) في القرآن صراحة! أمّا بالنسبة إلى عدم الوجدان عند السُنّة، فهو لا يدلّ على عدم الوجود الواقعي، ولنا روايات كثيرة وبأسانيد عن صحابة وتابعين، ولكن للأسف، كما قلنا لك، إنّ من يروى تلك الروايات لا يمكن أن يخالفها، وبالتالي فالرواة هم شيعة، ولا يستطيعون البوح بها إلاّ لخواص أصحابهم، حتّى وصلت إلينا وعن طرقنا دون طرق الحكومات. والنتيجة هي: أنّ موضوع الخلاف بين الشيعة والسُنّة هو في مسألة الخلافة: هل هي بنص على عليّ(عليه السلام)، أم هي شورى، أو لم يتكلّم النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أصلاً في هذا الأمر، وليس في الإسلام أصلاً نظام حكم، أم هو كيفي تكيفي مزاجي بحسب ما يقع؟! وبأيّ شكل يقع نقبله ونمضيه؟! كما هو رأي المشهور من أهل السُنّة، لأنّ أسباب ثبوت خلافة وملك السلطان عندهم اختلف من شخص لآخر، ولم يستدلّ أحد بدليل على خلافته وملكه البتة!! فها هي خلافة أبي بكر، التي يعترف عمر قبل غيره بأنّها: كانت فلتة ولكن الله وقى شرّها، كما يروي ذلك البخاري في كتاب المحاربين، باب رجم الحبلى من الزنا من صحيحه (1) . وقد روى البخاري أيضاً ومسلم اعتراض عليّ(عليه السلام) على هذه البيعة، وعدم مبايعته لأبي بكر ستّة أشهر، وهجره لهم واعتزاله إيّاهم، ووصفه للبيعة بقوله لأبي بكر: (ولكنّك استبددّت علينا بالأمر، وكنّا نرى لقرابتنا من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نصيباً) (2) .. وها هي خلافة عمر بولاية عهد من أبي بكر، وبرفض من الصحابة وإجبار من الخليفة، إذ يروي ابن سعد في طبقاته، وابن أبي شيبة في مصنّفه، وابن عساكر في تاريخه، والمتّقي الهندي في (كنز العمّال)، وابن الأثير في (أُسد الغابة)، وابن شبّة في (تاريخ المدينة): ((إنّ أبا بكر حين حضره الموت أرسل إلى عمر يستخلفه، فقال الناس - وفي رواية - فدخل عليه علي وطلحة: تستخلف علينا فظّاً غليظاً، ولو قد ولينا كان أفظّ وأغلظ، فما تقول لربّك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر؟ قال أبو بكر: أبربّي تخوّفونني...)) (3) . وها هي الخلافة بعد عمر تؤول إلى ستّة يحدّدهم عمر وحده، ويجعل الأمر والحكم والتنصيب في يد عبد الرحمن بن عوف، ويرفض عليّ(عليه السلام) شرطاً اشترطوه عليه، هم يعلمون بأنّه لا يوافق عليه، ألا وهو: العمل بسُنّة وسيرة أبي بكر وعمر، فأبى عليّ(عليه السلام) ذلك، وبيّن للأُمّة بموقفه ذاك رفضه للشيخين، فأعطى عبد الرحمن الخلافة لعثمان بعد قبوله لذلك الشرط، ورفض عليّ له، ومن ثمّ قال عليّ لعبد الرحمن، كما رواه ابن شبّة في (تاريخ المدينة)، والطبري في تاريخه: (حبوته حبو دهر.. ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون، والله ما وليت عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك...) (4) . ومن ثمّ قتل عثمان من قبل المسلمين، وتخلّى عنه الصحابة أجمعهم، فتوجّهوا إلى أمير المؤمنين حقّاً، ولاذوا به لينقذهم ممّا حصل لهم، ومن الفتنة التي أصابتهم، والتي ليس لها إلاّ أبو الحسن(عليه السلام)، فأجمعوا عليه وجعلوه خليفة لهم، ولم ينعقد إجماع ورضا للمهاجرين والأنصار على خليفة إلاّ لعليّ(عليه السلام). ومن ثمّ آلت الخلافة إلى بني أميّة، الذين لا يصلحون للإمامة؛ لأنّهم طلقاء، وليسوا ممّن تُمدّ لهم الأعناق في الإسلام، ووصفهم النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بذلك كما وصفهم به مولى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) سفينة حين سأله سائل: ((إنّ بني أميّة يزعمون أنّ الخلافة فيهم؟ قال: كذب بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شرّ الملوك))، رواه الترمذي وحسّنه، وأبو داود، والسيوطي، وصحّحه الألباني (5) . وبعدهم بنو العبّاس، ذوو الملك الجبري، ومن ثمّ جاءت الدولة العثمانية، وبعدها الوهابيون، ومن ثمّ العلمانيون، والى يومنا هذا.. فهل تستطيع أن تتبنّى ديناً له مثل هذه النظم في الحكم؟! وفي مقابل ذلك يأتي الشيعة ويقولون: إنّ منصب الإمامة خلافة لله وللرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو يعني: قيادة الأُمّة وهدايتها والأخذ بها على الصراط المستقيم. ومعرفة الإمام المناسب ليس أمراً ظاهرياً، فكم من رجل صالح ظاهراً وهو شيطان في باطنه وبالعكس, وكذلك من كان صالحاً حقيقةً قد يفسد بالإمارة والولاية والمنصب والمال، وما إلى ذلك لو قلنا بمعرفتنا بالصالح والكفوء حقيقةً. وكذلك فإنّ أدلّة النص على إمامة عليّ(عليه السلام) وخلافته لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثابتة عند السُنّة أنفسهم، وفي صحاحهم.. فبالإضافة إلى ما ذكرنا من اعتراض الإمام(عليه السلام) على الخلفاء الثلاثة، ورفضهم ورفض خلافتهم وسُنّتهم وسيرتهم، هناك حديث الثقلين، الذي يوجب على الأُمّة إخلاف النبيّ بهما، كما أمر أُمّته بالتمسّك بهما، وعدم افتراقهما إلى يوم القيامة. وهناك حديث الغدير، الذي نصّ فيه النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على خلافة عليّ(عليه السلام) فيه؛ وخصوصاً حين التدقيق في الألفاظ والتجرّد عن المعتقد، فإنّك سترى وبوضوح أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد أخبر في بداية كلامه بأنّه يوشك أن يأتي رسول ربّه - ملك الموت - فيجيب، وكذلك قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) للمسلمين: (ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه). وهناك حديث الأئمّة الاثني عشر الذين من قريش، وهذا حديث حار فيه أهل السُنّة حتّى قال أحدهم: ((لم ألق أحداً يقطع في هذا الحديث بشيء معيّن...)) (6) ، أي: لم يصل فيه أحد إلى نتيجة. فالنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يحصر خلفاءه باثني عشر فقط، والواقع أنّ عشرات الخلفاء والملوك والسلاطين قد تأمّروا على المسلمين، فقام كلّ واحد من علماء السُنّة باختيار ما بدا له وما يقتنع به من خلفاء فيجعلهم مصاديق لهذا الحديث، ولم يتّفق اثنان منهم على اثني عشر خليفة أبداً، وهذا يكشف عن ترجيحهم لخليفة دون آخر، دون مقياس أو معيار! وهنا نسأل: هل قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما قال، وبشّر بما بشّر، لعباً ولغواً ولعدم فائدة؟ فلا ندري إن كان الجواب بالنفي ما الفائدة التي استفادها إخواننا السُنّة من هذا الحديث وهؤلاء الاثني عشر المجهولين عند الأُمّة؟!!! وبالتالي فلم يصل أحد إلى نتيجة مع هذا الحديث إلاّ الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، فهم قد طبّقوا الحديث واستفادوا منه وجوب تقليد هؤلاء الأئمّة الاثني عشر لخلافة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتمثيله، والاستنان بسُنّته، فيأخذ الناس عنهم الشرع الصحيح، والدين الحنيف، والصراط المستقيم. وهناك الكثير من الأحاديث والآيات غير ما ذكرنا لمن يطلب الحقّ ويتجرّد تماماً عمّا حمله، أو تربّى عليه، أو تعلّمه والتزمه. ونختم حديثنا معكم بحديث، نرجو أن تفكّر به جيّداً أيّها الأخ العزيز، وهو حديث لم يصل فيه أهل السُنّة إلى نتيجة، كحديث الأئمّة الاثني عشر، وهو: قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو ولّي كلّ مؤمن بعدي)، الذي رُوي بأربعة أسانيد وطرق كلّها صحيحة بذاتها، ولا يمكن ردّها حديثياً وعلمياً، وبما أنّ معناه صريح وقوي ألجأ ابن تيمية إلى تكذيبه (7) !! فانظر أيّها الأخ في هذا الحديث جيداً، وانظر إلى تخبّط علمائك فيه بين مكذّب ومؤول بتأويل عجيب، واحكم! ودمتم في رعاية الله

1