احمد - ألبانيا
منذ 4 سنوات

 لماذا لا نخاطب النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالإمامة مع أنّها أفضل من النبوّة؟

أشرتم في جوابكم: أنّ إمام الزمان: المهدي، وهو المطلوب معرفته واتّباعه، فكيف تتّبع إنساناً لا تراه؟! وما هو مفهوم الطاعة عندكم؟ الذي نعرفه أنّ الطاعة هي: الامتثال للإرادة, فكيف يمكن من الناحية العملية أن تطيع أو تتّبع الإمام المهدي؟ فأغلب المسلمين متساوين من هذه الناحية, فأغلبهم يعرفون الإمام المهدي, أمّا الحديث المشار إليه، فإنّ (الهاء) في كلمة (زمانه) تعود إلى المكلّف - أي: زمان المكلّف - أي: ضرورة وجود إمام مختصّ لكلّ زمان. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّي سمعت محاضرة لأحد العلماء الشيعة قال فيها: إنّ إمام الزمان لا يقصد به الإمام المهدي!


الأخ احمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد دلّت الأحاديث على وجود اثني عشر إماماً، أو خليفة، أو أميراً, بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتولّون شؤون المسلمين وقيادتهم إلى قيام الساعة، كما ذكرنا ذلك لك في الجواب السابق, ومن المصادر المعتبرة عند أهل السُنّة قبل الشيعة.. وقد قلنا: أنّ هذه الأحاديث لا يوجد تفسير صحيح لها سوى تطبيقها على أئمّة العترة النبوية الطاهرة من الأئمّة الاثني عشر المعصومين(عليهم السلام).. وهذا ما يستفاد أيضاً من حديث التمسّك بالثقلين - الكتاب والعترة - المتضافر المشهور, الذي دلّ على وجود إمام من أهل البيت(عليهم السلام) يجب التمسّك به مع القرآن الكريم إلى يوم القيامة؛ لأنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال هذا الحديث: (وإنّهما - الكتاب والعترة - لن يفترقا حتّى يردا علَيَّ الحوض), وقد استفاد ما ذكرناه أيضاً بعض علماء الجمهور، كالسمهودي الشافعي، في ما نقله عنه الإمام الزرقاني المالكي في (شرح المواهب)؛ إذ قال: ((هذا الخبر يفهم منه وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من عترته في كلّ زمن إلى قيام الساعة، حتّى يتوجّه الحثّ المذكور على التمسّك به، كما أنّ الكتاب كذلك)) (1) . فالإمام الثاني عشر, حسب حديث الثقلين, موجود حيّ، لا يفارق القرآن ولا يفارقه، إلى يوم وفاته(عليه السلام) وهو قبل قيام الساعة.. فالمعلوم أنّ الأئمّة الأحد عشر من آبائه(عليهم السلام) قد توفّوا، وهذا ثابت مشهور, وبقي هو (عليه السلام) حيّاً غائباً، قد دلّت على ذلك نصوص كثيرة متضافرة عندنا, وأثبتت أيضاً أمر ولادته، وأنّه ابن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام). أمّا سؤالك عن كيفية اتّباعه وهو غائب، أو عن كيفية إطاعته.. فنقول: لقد وردت الروايات الصحيحة عندنا التي توجّه المسلمين، الذين يعتقدون بإمامة الأئمّة الاثني عشر, ويتّبعون الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ما ذكره في هذا الجانب, إلى العودة إلى الفقهاء الذين يروون أحاديث أهل البيت(عليهم السلام), وقد ورد عن الإمام المهدي(عليه السلام) نفسه قوله: (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله عليهم) (2) .. وهذا الحديث الوارد عنه(عليه السلام) هو السبيل لطاعته في زمن الغيبة, أي: بالعودة إلى الفقهاء ومراجع الدين، الذين يروون أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) وتقليدهم في العبادات والمعاملات.. ومفهوم الإطاعة والاتّباع لا ينحصر بالتلقّي المباشر من المطاع, بل له طريق آخر، وهو: من خلال نوّابه، أو من يوصل أوامره، وإلاّ كيف تفسّر كوننا مسلمين ونتّبع رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في هذا الزمن؟! وأمّا ما ذكرته عن كلام العالم الشيعي، فلم نطّلع عليه! وإن كان النص الكامل لكلامه موجوداً عندك, فزودنا به ولكم الشكر.. وعلى أيّة حال لا يوجد خلاف بين علماء الإمامية، متقدّمهم ومتأخّرهم، في أنّ إمام الزمان في عصر الغيبة الكبرى هو: المهدي المنتظر(عليه السلام), بل عُدّ من ألقابه لقب: (صاحب العصر والزمان)، الذي يعني: مصاحبته للزمان كلّ هذه المدّة الطويلة من حياته الشريفة، عجّل الله تعالى ظهوره المبارك, وأنقذ المسلمين بطلعته البهية؛ إذ به يتحقّق حلم الأنبياء والمؤمنين بإقامة دولة العدل الكبرى. ودمتم في رعاية الله