السلام عليكم
أريد أن أعرف ما المقصود من كلام سيدة النساء الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام، عن قول : خير للمرأة أن لا يراها الرجل؟
وهل هذا يعني مثلاً أنه لا يجوز أن تضهر في مواقع التواصل مثلاً وتعلم وتنشر علم أهل البيت عليهم السلام بكامل عفتها وعبائتها؟
أتمنى التوضيح.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إبنتي الكريمة..
نحمد لكم هذا التتبع لروايات أهل البيت عليهم السلام.. واستيضاحكم لنور كلامهم المبارك..
الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) (قال) لها: أي شئ خير للمرأة؟ قالت: أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل. فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض.
المصدر / بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ٨٤
وهنالك مصادر كثيرة نقلت هذه الرواية..
ونحن هنا (إن شاء الله تعالى) سنتاول معنى الرواية ومفرداتها ومؤداها، بغض النظر عن كونها صحيحة السند أو لا.. بل سوف نفترض صحة سندها، لأن في ذلك فائدة لا تترك..
كما أن ما تحمله في طياتها من مواضيع جمة (أكدت عليها جملة من الروايات) حريٌّ بنا أن نتناولها ونستعرض بعضاً منها..
إبنتي الكريمة..
بدايةً لابد من قراءة الرواية ببصر وبصيرة وبشيء من الدقة والروية..
فالسائل هو النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).. والمجيب هو سيدة النساء (صلوات الله عليها).. وبالتأكيد إن السائل دقيق، والمجيب كذلك..
لاحظوا السؤال : (أي شيء خير للمرأة).. ولم يقل (صلى الله عليه وآله) أي شي واجب على المرأة.. ولم يقل ما هي وظيفة المرأة.. بل ولم يقل ما هو المطلوب من المرأة..
إنما السؤال في شيء محدود، وجانب خاص، ومن زاوية معينة.. وكأنه (صلى الله عليه وآله) أراد بيان جانب مكنون في المرأة، وإشارة إلى كنز مدفون فيها، وعظمة ذلك في نفسه ونفس الزهراء..
وكيف يريد الحفاظ عليها وعلى قدسيتها، قدر المستطاع.. وأن لا تكون فريسة بين فكي المفترسين من الرجال الذين لا يرعون في الله ذمة ولا حرمة..
فلا يخفى عليكم (إبنتي الكريمة) بأن هنالك الكثير من المجتمعات (سواء أكانت في بعض دوائر الدولة على سبيل المثال، أم في الأسواق، أو أي محيط مختلط) تجدين الذين ينهشون المرأة بعيونهم، ويصلونها بألسنتهم، وإن سنحت الفرصة أخذوا مآربهم منها مهما كانت النتيجة.. وما أكثرهم وهذا الواقع بين أيديكم يشهد بذلك..
هذه المرأة التي قدسها الإسلام لما تحمل من روح رقيقة، ونفس عطوف، و كائن لطيف، يتأثر بالكلمة فضلاً عن الفعل.. يخاف من ظل الظلم علاوة عن مواجهته والعيش فيه..
لذلك نجد أن الرواية عبرت بكلمة (خير) ولم تأتِ بلفظ الوجوب.. ولم تحرم..
إنما أرادت للمرأة بأن تبقى محافظة على فطرتها السليمة (قدر المستطاع) التي تعتبر مصدر قوتها لرسالتها القدسية، وعملها المقدس في مصنع الأسرة والجيل السليم.. هذه الرسالة التي لا يمكن لغيرها اشغال مكانها، ولا لأحد إتقان دورها، ولا لأي رجل (مهما كان) بأن يتم الوظيفة كما هي تؤديها..
لو استعرضنا البعض من البعض من الروايات الشريفة، نجد إن الإسلام، أوجب الإنفاق عليها وإن كانت غنية.. وأوجب التعامل معها بإحسان، وحرم ظلمها، ووصفها بأنها ريحانة وليست بقهرمانة، وجعل الجنة تحت أقدمها، وقدمها بالبر ثلاثاً على الأب ... المزید الخ الروايات العظيمة.. وهذا كله لبيان مكانة المرأة وكونها مما يُعتنى به غاية العناية ولا نجد مثل ذلك للرجل..
والخلاصة /
إن أمكن للمرأة بأن تؤدي دورها الذي فطرها الله عليه بأكمل وأحسن صورة، فذلك (خير).. فهي تصل إلى قمة الكمال وترسم مستقبل الأجيال بأحسن حال..
وأما لو اضطرت للخروج وممارسة ما هو ليس بواجب عليها، ودفعها الظرف بأن تجعل نفسها بين الرجال، فعليها أن تحافظ على الحجاب الكامل والحشمة التامة.. وأن تدعو الله سبحانه بأن يبقيها على ما فطرها عليه، وأن يستمر قلبها بذات الحنان الذي يحتاجه الكثير منها من ذريتها وزوجها ومن هم يلجأون إليها..
وفقكم الله لكل خير، ورزقكم وإيانا فطرته التي تجعلنا في طاعته ورضوانه..
ودمتم برعاية الله وحفظه.