السلام عليكم
أنا فتاة في عمر المراهقة.. أحاول التقرب إلى الله وأحاول التغلب على رغباتي.. لكن لا أستطيع، فكلما أعطي الله وعداً بأن لا أفعلها وبعد عدة أيام أفعلها وأندم وأتوب.. وحتي عندما أريد أن أقوم بالأشياء التعبدية كقيام الليل، فإني بمجرد أن أفكر بفعلها أنعس وأشعر أني منهكة وعندما أعد الله بأن لا أستغيب أحداً، لا أفي بوعدي بمجرد أن يجلسوا بجانبي ويبدأوا الحديث، أنسى نفسي وأبدأ بالتكلم على فلان وفلان وبعدها أندم وأتوب ولكن أعود..
لطفاً وليس أمراً.. أريد حلاً فأنا أحب الله وأريد التقرب إليه والتقرب الصاحب زمان.
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إبنتي الكريمة..
بارك الله فيكِ وعليكِ..
الإرادة هي من الأمور الاستراتيجية والمفصلية في تحديد مصير الإنسان.. ومن الواضح أن الفلاح أو الخسران، والهدى أو الضلال؛ أمور مرتبطة بالإرادة الإنسانية..
فالإرادة في نفس الإنسان هي القائد وهي بمثابة الآمر والناهي للجوارح.. ومن المعلوم أن القائد هو الذى يخوض الأهوال، ويورد جنوده الهلاك أو النصر.. وللإرادة مستشارين خير متمثلين بالدين والعقل، ومستشارين سوء متمثلة بالشهوة والهوى..
فإن فقدان الإرادة من موجبات نزول الإنسان إلى رتبة البهائم, وكم من المؤسف أن يصل العبد إلى درجة يصر فيها على ارتكاب الموبقات، مع علمه بعواقبها، مبرراً ذلك بأنه فاقد للسيطرة على نفسه..
فإرادة الإنسان جهازٌ يحمي الإنسان من المعاصي ولكن هذه الهبة الإلهية تحتاج إلى الدعم والعزم لاستمرارها، وإلا فإن الإنسان سيكبو يوماً ما ويفقد هذا العنصر المهم الذي آتاه الله تعالى إياه وأنعم عليه به، وهناك ثلاث عقبات تحتاج إلى الإرادة لتتغلب على المضادات التي تواجه الإنسان:
الأولى/ الخواطر، إذ إنّ الكثير من المحرمات والمخالفات تبدأ من عالم الوهم والخيال، فعلى المؤمن أن يجعل جهازاً لمراقبة فكره في الدرجة الأولى، وبعبارة أُخرى عليه أن يُسيطر على خواطره، وهذه من أصعب المراحل على الإنسان، لأنّه إن قدر على ضبط خواطره فهو من الأبطال، فقد يستطيع الإنسان أن يُسيطر على جوارحه بكل يُسر وسهولة، لكنّ الأهم أن يُسيطر على الخواطر التي تحتاج إلى مجاهدة مريرة.
و هو قادر على ذلك من خلال مراقبة فضول النظر والسمع والكلام..
الثانية/ السيطرة على الغرائز وبهذه الإرادة يسيطر الإنسان على ميوله فلا يريد كل شيء، لأنّ الإنسان لو ترك حبله على غاربه لأراد كل شيء؛ كل مطعوم ومشروب وكل ما يشتهي في مجال الملذات..
الثالثة/ عبارة عن الجهاز الذي يسيطر على الجوارح يُمسكها عن الإقدام على فعل المحرمات، لكن كيف يمكننا الوصول إلى هذه المرحلة، فالإنسان إذا سقط في الإمتحان فقد هوى إلى أسفل السافلين..
فمن طرق تقوية حرس الجوارح؛ الإلتزام بالواجبات كما أرادها الشارع والقيام بالمستحبات، فإنّ من بركات المستحب في حياة الإنسان كالصيام المندوب والصلاة المندوبة تقوية هذا الجهاز في وجود الإنسان..
واعلمي ان من موجبات سلب الإرادة التواجد في مكان يمارس أفرادها المعصية وحينئذ لا يعود يرى المنكر منكراً والمعروف معروفاً.. فعلى الإنسان الإبتعاد وترك الأماكن التي يعصى الله فيها من الناس..
من موجبات سلب الإرادة؛ سيطرة الغضب. فقد قيل: إن الشيطان يقلب ابن آدم عند الغضب بين يديه كالكرة التى يلعب بها الصبيان.. ومن هنا يلزم العاقل مضاعفة الجهد للسيطرة على نفسه فى تلك الحالة، لئلا يفلت زمام الأمور من يده..
فلتكن لديك ارادة قوية تعبر بك إلى بر الأمان وترك المعاصي والإلتزام بحدود الله سبحانه لينقذك مما أنتِ فيه فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فالتغير يبدأ منكم بعد التوكل على الله وطلب العون منه والتوسل بأهل البيت عليهم السلام..
و دمتم موفقين.