عبد الله البغدادي - الولايات المتحدة
منذ 4 سنوات

 لماذا لا نخاطب النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالإمامة مع أنّها أفضل من النبوّة؟

سأبدأ معك بسؤال واحد فقط، إذا كنت رجل أثبت أنّ النصّ الذي كذبته على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّكم من بعدي)، بذكرك أنّه قد صحّحه الألباني(رحمه الله) هو من كتب الألباني، وأتحدّاك أن تخرجه من كتبه، وتذكر رقم الصفحة، واسم الكتاب، وإلاّ تكون مدّعي، أو أنّك تهرف بما لا تعرف. وانتظر جوابك على ذلك. أمّا باقي الأدلّة، فإنّها لا تلزمنا، فكلّها من مناقب وفضائل عليّ(رضي الله عنه)، ويكفي لخزي مذهبكم أنّكم تستندون بذكر فضائله من كتبنا وطرقنا. وعلى كلّ، فإنّ كلامك هذا يردّه عليّ(رضي الله عنه) حينما بايع أبا بكر وعمر وعثمان(رضي الله عليهم)، فأنت بذلك جعلت عليّ(رضي الله عنه) وقع في دائرة الكفر حينما بايع كفّار، وحينما تخلّى عن أمر الله، (( إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ )) (الأحزاب:36). وبذلك يستلزم من قولك هذا: أنّ الله لم يستطيع أن يجري أمره على عباده، وهذا كفر صريح؛ لأنّه يفهم من كلامك عدم نفاذ الرسالة واكتمال الدين. وأرجو أن تردّ ردّاً أكاديمي، وإلاّ والله سأفضحكم في الإنترنيت، وأقول تهرّبوا من الإجابة.


الأخ عبد الله البغدادي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقول: من العيب أن يعرّف الإنسان نفسه برتبة علمية يظنّ الناس بصاحبها أنّه من أهل العلم والدراية، وفي واقع الأمر تراه لا يحسن صغائر الأُمور التي يحسنها الطلبة المبتدئين من طلبة العلوم الدينية، بل غير الدينية، وأمثال هكذا أشخاص - وصفهم القرآن الكريم: - (( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحسَبُهُ الظَّمآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَم يَجِدهُ شَيئاً ... المزید )) (النور:39). وإلاّ ألم يكن بإمكانك - أيّها المرعد المزبد - أن ترجع إلى سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، الجزء الخامس الصفحة (262) برقم (2223)، طبعة مكتبة المعارف، لتجد ذكره لهذا الحديث، وتصريحه بأنّه ممّن أخرجه أحمد في مسنده (5/356). وقوله بعد ذلك بأنّ: ((إسناده حسن، ورجاله ثقات، رجال الشيخين غير الأجلح، وهو ابن عبد الله الكندي)). ثمّ قوله: ((أنّه مختلف فيه، وفي (التقريب): صدوق شيعي)). ثمّ قال - أي: الألباني -: ((فإن قال قائل: راوي هذا الشاهد شيعي، وكذلك في سند المشهود له شيعي آخر، وهو: جعفر بن سليمان، أفلا يعتبر ذلك طعناً في الحديث، وعلّة فيه؟! فأقول - والكلام للألباني -: كلاّ؛ لأنّ العبرة في رواية الحديث إنّما هو الصدق والحفظ، وأمّا المذهب فهو بينه وبين ربّه، فهو حسيبه، ولذلك تجد صاحبي (الصحيحين) وغيرهما، قد أخرجوا لكثير من الثقات المخالفين، كالخوارج والشيعة، وغيرهم)). (انتهى ما أفاده الألباني). وقال الألباني في تعليقته على كتاب السُنّة لابن أبي عاصم: ((إسناده جيّد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أجلح، وهو: ابن عبد الله بن جحيفة الكندي، وهو شيعي صدوق)) (1) . نقول: وممّن علّق على هذا الحديث أيضاً: المناوي الشافعي، إذ قال في (فيض القدير) ما نصّه: ((قال جدّنا للأُمّ، الزين العراقي: الأجلح الكندي وثّقه الجمهور، وباقيهم رجاله، رجال الصحيح)) (2) . انتهى. وهذا الحديث كان الألباني قد أخرجه في سياق ذكره لجملة من الشواهد على الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي والنسائي والحاكم وأحمد وغيرهم من طريق جعفر بن سليمان، وهو: قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي). صحّحه الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) (3) ، وفي تعليقته على كتاب السُنّة لابن عاصم: إسناده صحيح، ورجاله ثقات على شرط مسلم (4) . فراجع أيّها الأخ قبل أن تتوعّد وتتحدّى، فالجنّة لا تنال بالعصبية والجهل.. واحتط لدينك؛ فإنّ أمامك يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، (( يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ )) (عبس:34-36). وأمّا قولك: ((أمّا باقي الأدلّة فإنّها لا تلزمنا، فكلّها من مناقب وفضائل عليّ(رضي الله عنه) ))، فإنّا لم ننقل فضائل عليّ(عليه السلام) ومناقبه، وإنّما نقلنا أقوال علمائكم في كتبهم الروائية والتاريخية؛ استدلالاً على ما سردناه من وقائع لكيفية بيعة عليّ(عليه السلام) لأبي بكر، وما وقع في عهد الحسن الذي اضطرّه للصلح. وقولك: ((ويكفي لخزي مذهبكم أنّكم تستندون بذكر فضائله من كتبنا وطرقنا))، فقد ذكرنا لك أنّنا لم نقل في الجواب فضائل الإمام عليّ(عليه السلام) أصلاً، ومع ذلك فإنّ الاستناد إلى ما يعترف به الخصم من أصحّ أساليب المناظرة؛ إلزاماً له، ودفعاً لتهرّبه بإنكاره وتكذيبه، ممّا لا يصبح بعد ذلك، لو أصرّ على الإنكار، إلاّ معانداً. ونقلنا ما يدعم مذهبنا من كتبكم وطرقكم ليس فيه الخزي أبداً، بل هو دلالة على قوّته وأحقّيته، بحيث يثبت مدّعياته من كتب خصومه؛ فأيّ حقّ ووضوح في مذهب تكون أدلّته مدعومة بما ينقله ويقرّ به خصومه، فضلاً عمّا موجود في تراثه ممّا ثبت صحّته وتواتره؛ فافهم! وأمّا قولك: ((وعلى كلّ فإنّ كلامك هذا يردّه عليّ(رضي الله عنه) حينما بايع أبا بكر وعمر وعثمان...))، فإنّ البيعة الواقعة عن إكراه واضطرار ليست بشرعية، ولا دلالة فيها على أحقّية وصحّة منصب من استدعاها وأخذها، ولم يقع الإمام عليّ(عليه السلام) في مبايعته مكرهاً في إثم أو محذور شرعي؛ لأنّ له المندوحة والمجال الواسع والإذن الشرعي بعد الإكراه والاضطرار، ولم يكن الثلاثة معلني الكفر، ولا نحكم نحن الشيعة بكفرهم، بل كانوا على ظاهر الإسلام، والباطن حسابه على الله يوم القيامة، وهو (عليه السلام) لم يتخلّى عن أمر الله، (( وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلاَ مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم )) (الأحزاب:36)، بل غصبوه حقّه عن غير اختيار، ومن تخلى عن قضاء الله ورسوله هو: من بادر إلى البيعة في السقيفة خلافاً على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وما عقده من بيعة لعليّ(عليه السلام) يوم الغدير. وأمّا قولك: ((وبذلك يستلزم من قولك هذا: أنّ الله لم يستطيع أن يجري أمره على عباده، وهذا كفر صريح؛ لأنّه يفهم من كلامك عدم نفاذ الرسالة واكتمال الدين))، فإنّ الظاهر منه أنّك تعتقد أنّ أمره تعالى هنا حتم وقضاءه مبرم ولا تفرّق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية! فإنّ أوامر الله التشريعية، ومنها كلّ الشرائع الإلهية، يكون الأمر فيها موجّه للعبد أن يفعل ما أمر به باختياره لا بالإجبار، وإلاّ بطل التكليف؛ فما توهّمته هو الذي يلزم منه الكفر لا ما نعتقده! كما أنّ قولك هذا، يتعدّى إلى كلّ الأنبياء والرسل الذين لم يؤمن بهم قومهم وردّوا نبوّتهم ورسالتهم؛ إذ بحسب قولك أنّ الله لم يستطع أن يجري أمره على عباده بإرسال هؤلاء الأنبياء والرسل! ويلزم منه أيضاً: أنّ كلّ معصية وكلّ خلاف يقع في هذه الأُمّة بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيكون مؤدّاه عدم نفاذ الرسالة وإكمال الدين، وهذا ما لا يعتقده مسلم؛ فلاحظ وافهم! وأخيراً؛ نرجو منك على الأقل احتراماً لنفسك أن تعلن عن خطئك على الانترنت، كما هددتنا بأنّك ستفضحنا إذا لم نجبك، وها نحن قد أجبناك، فكن صادقاً مع نفسك. ودمتم في رعاية الله

4