لماذا لا نخاطب النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالإمامة مع أنّها أفضل من النبوّة؟
يا إخواني! أدلّتكم على الإمامة من القرآن أدلّة لا يفهمها الإنسان العادي؛ لأنّها وردت بصيغة الجمع، أو نزلت في نبيّ سابق، ولم ترد الإشارة بأي حال من الأحوال لأبي الشهداء عليّ(عليه السلام) ورضي الله عنه، فلا يوجد إنسان عاقل واحد يصدّق أنّ الإمام عليّ يؤدّي الزكاة حال الركوع في الصلاة؛ لأنّه(رضي الله عنه) من أخشع الناس لربّه في صلاته، ويلزم هذا انقطاعه(رضي الله عنه) للصلاة دون غيرها. أمّا بخصوص آيات المنافقين، فهي واضحة جليّة أنّها نزلت في بعض الأعراب، وبعض أهل المدينة، وقد وضّحت من قبل أنّ حركة المنافقين ظهرت في المدينة؛ وذلك لأنّ الإسلام أصبح قوّياً، فلم يستطع البعض الوقوف ضدّه فتظاهروا بالإيمان وأبطنوا النفاق. أمّا أن نعمّم الحكم ونخالف المنطق برمي الصحابة الأوائل بالنفاق، فهذا غير مقبول عقلاً، وهذا لأنّه لا يعقل أن يترك إنسان حياة الشرك المرفّهة في قريش والدخول في دين جديد مضطهد، بل وأتباعه ينالهم كلّ تنكيل! ومن هذا يتّضح لمن يستخدم المنطق: أنّ أبو بكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة الأوائل هم أسياد الإسلام, وعن استدلال البعض بسؤال عمر لحذيفة عن كون اسمه من أسماء المنافقين، فو الله هذا دليل قاطع على التقوى التي يتمتّع بها الفاروق(رضي الله عنه)؛ لأنّه لو كان منافقاً لما اهتم أن يسأل..
الأخ محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ هذا الاستبعاد العقلي لا يقف أمام الأدلّة النقلية التي تثبت أن الذي تصدّق في حال الركوع هو عليّ(عليه السلام)، وأنّ الآية نزلت لتثبت هذا الموقف، وهو: أنّ الذي يستحقّ الولاية هو عليّ(عليه السلام). وقد أوضحنا أدلّة ذلك بصورة مفصّلة في موضوع: (آية الولاية). وأمّا قولك: إنّ الآيات التي نزلت في القرآن والتي تشير إلى الإمامة لا يفهمها الإنسان العادي. فنحن نقول: لقد فهم الصحابة أنّ الآية نزلت في عليّ(عليه السلام)، وأنّه هو الذي يستحقّ الولاية، ولو كان ذلك بمعونة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وكذلك نحن إذا لم نفهم المراد من الآية لا بدّ أن نرجع إلى السُنّة النبوية الشريفة التي توضّح المراد من الآية، لا أن نرفض الآية ولا نقبلها لأنّ عقولنا لا تقبل ذلك, ومتى كانت عقولنا مستقيمة لا تتأثّر بالأهواء حتّى تدرك ذلك؟! وأمّا ردّك على الآيات التي ذكرت المنافقين، وأنّهم قلّة من أهل المدينة، فهو غير صحيح.. بل إنّ بعض وجوه الصحابة كانوا من المنافقين، حتّى أنّ عمر كان يستفسر من حذيفة الذي كان يعرف أسماء المنافقين هل أنّه منهم أم لا؟! وإنّ حديث رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أنّ الصحابة سوف ترتدّ معناه الحكم عليهم بالنفاق، ذلك أنّهم بقوا يظهرون الإسلام، لكن الرسول يتكلّم عن سريرتهم، فحكم عليهم بالارتداد, وهل النفاق إلاّ أن يكون الباطن أسوأ من الظاهر؟ وهؤلاء كانوا هم الكثرة الكاثرة؛ إذ قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (ارتدوا على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم) (1) ، وهو نص صريح بأنّ المنافقين أكثر، ولا يستزلك الشيطان وتكذّب الحديث، فتردّ على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)! ودمتم في رعاية الله