فايز الزبيدي - اليمن
منذ 5 سنوات

رسائل النبي ص

عندما أرسل الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الرسائل إلى قيصر الروم، وملك فارس، يدعوهم للإسلام أو الجزية أو الحرب، لم يذكر فيها الإمام عليّ(عليه السلام)؛ إذ قال فيما معناه: (أن تشهد أن لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله)، ولم يضف عليّ وليّ الله، لماذا؟


الأخ فايز المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من المعلوم لديكم أنّ أحكام الشريعة المقدّسة قد نزلت بالتدرج ولم تنزل دفعة واحدة، وإنّ التبليغ عنها كان أيضاً بالتدريج حسب المصلحة وتقبل الناس وليس دفعة واحدة، فإنّك تجد مثلاً أنّ النطق بالشهادتين في أوّل الدعوة مدعاة لعصمة المال والدم، كما ورد في الأحاديث الشريفة المتضافرة: (لا أزال أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلاّ الله، فإذا قالوها فقد عصموا منّي دماءهم وأموالهم، إلاّ بحقّها وحسابهم على الله) (1) . ثمّ بعد نزول الفرائض وتوسّع الأحكام، قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من شهد أن لا إله إلاّ الله، واستقبل قبلتنا وصلّى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم وعليه ما على المسلم) (2) ، وعند تحريم الخمر كان ذلك بالتدريج مع أنّها حرام من أوّل الإسلام. لذا فالرسائل التي بعثها النبيّ الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى رؤساء البلدان في أوّل الدعوة كانت وفق هذا السياق، وهو: إعلان التوحيد، الذي أراده الله سبحانه بأن لا يشرك به عباده شيئاً، والإقرار بنبوّة نبيّه محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، الذي يعني التسليم بكلّ ما سيبلّغه النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) للأُمّة، ومنها: ولاية عليّ(عليه السلام)، التي نزل أمر الله سبحانه للنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالتبليغ العام بها في آخر الدعوة، كما هو المعلوم في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ ... المزید وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ... )) (المائدة:67)، وقد جمع النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أصحابه في ذلك الموقع الذي يقال له غدير خمّ في حادثة مشهورة معروفة، ليخبرهم بأمر الله في التبليغ بولاية عليّ(عليه السلام)، وبعد التبليغ العام بولايته(عليه السلام) نزل قوله تعالى: (( اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً )) (المائدة:3). نعم، ورد التبليغ والإخبار بولاية عليّ(عليه السلام) وخلافته بعد النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في موارد خاصّة - لا على نحو التبليغ العام كما جرى في غدير خمّ - كما في يوم الدار عند نزول قوله تعالى: (( وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ )) (الشعراء:214)، فقد قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) آخذاً بيد عليّ(عليه السلام): (إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا) (3) . ولعلّ للتأخّر في الإبلاغ العام بولاية عليّ(عليه السلام) أسباب كثيرة.. منها: موقع سيف عليّ(عليه السلام) في الذود عن حمى الرسالة، ووتره لكلّ القبائل العربية بقتل أبنائها في الحروب التي واجهوا بها النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولخصائصه النفسية وقربه الشديد من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، الذي جعله موضع حسد البعض وتحاملهم عليه، لذا نجد النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يخشى التبليغ بأمر الولاية بشكل علني عام, والله سبحانه قد علم من نبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذه الخشية، فأخبره سبحانه بأنّه سيعصمه من الناس من حيث القتل والتكذيب عند التبليغ، وقد وفى سبحانه لنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بما وعده عليه؛ إذ سلّم جميع الحاضرين في يوم غدير خمّ على الإمام عليّ(عليه السلام) بالولاية، وقد اشتهر قول أبي بكر وعمر في تلك الواقعة: ((أصبحت وأمسيت يا عليّ بن أبي طالب مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة)) (4) . ودمتم في رعاية الله

1