صالح - السعودية
منذ 4 سنوات

صحة سند و فحوى الحديث

لقد سأل أحد المخالفين أصحابه عن صحّة الحديث التالي، بالرغم ممّن صحّحه ممّن ذكرهم، وهو: المستدرك للحاكم ج3 ص150: ((4676 - حدّثنا أبو حفص عمر بن أحمد الجمحي بمكّة، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عمرو بن عون، ثنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي إدريس الأودي، عن عليّ(رضي الله عنه)، قال: (إنّ ممّا عهد إليَّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ الأمّة ستغدر بي بعده). هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)). تعليق الذهبي في التلخيص: صحيح. فردّ عليه أحد المخالفين بالتالي: إخبار النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمقتل عليّ(رضي الله عنه) صحيح لا مرية فيه، وأنّ الذي يقتله شقيّ محروم، وهذا متواتر عندنا ومعروف. ومن ألفاظه المعروفة: أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: (أشقى الأولين عاقر الناقة، وأشقى الآخرين الذي يطعنك يا عليّ - وأشار إلى حيث يطعن ــ)، وهو حديث صحيح عندنا. وكذا قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعليّ(رضي الله عنه): (أيا أبا تراب! ألا أُحدّثكما بأشقى الناس رجلين؟) قلنا: بلى يا رسول الله! قال: (أُحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذه - يعني: قرن عليّ - حتّى تبتلّ هذه من الدم - يعني: لحيته ــ). لكن الحديث الذي ذكرته بهذا اللفظ ضعيف، بأنّ الأُمّة ستغدر به. الحديث ضعّفه غير واحد من أهل العلم: منهم: البخاري؛ كما ذكر ذلك ابن كثير في (البداية والنهاية الجزء 6، صفحة 218). وحتّى البيهقي لمّا ذكر الحديث؛ قال بعده: ((فإن صحّ))، ممّا يدلّ على استغرابه واستنكاره له. وكذا الدارقطني. وأيضاً ابن الجوزي في كتاب (العلل المتناهية). وأحمد شاكر. والألباني (السلسلة الضعيفة صفحة 4905). وفي الإسناد: حصين بن مخارق بن ورقاء أبو جنادة الكوفي، وعليك بترجمته فهي حافلة جدّاً. وكذا فيه: ثعلبة بن يزيد الحمامي، وهو ضعيف. وفي بعض طرقه أيضاً: حكيم بن جبير، وهو ضعيف. هذا هو إنصاف أهل السُنّة، محبّوا الإمام عليّ(رضي الله عنه)، وحشرنا معه.. وليس إجحاف بعض من يدّعي محبّته، الذين يبنون عقيدة كاملة في الطعن على الأئمّة، على أحاديث ضعيفة لا تصحّ)). فما ترون في نقضه وتضعيفه؟


الاخ صالح المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يكفي للقول بصحّة الحديث: أنّ الحاكم صحّحه، ووافقه الذهبي، وكذلك في (مجمع الزوائد)؛ قال: ((رواه البزّار، وفيه: علي بن قادم، وقد وثّق وضعّف)) (1) . وعندما نرجع إلى ما قاله علماء الجرح والتعديل في علي بن قادم، نجد أنّ أبا حاتم الرازي يقول: محلّه الصدق (2) ، وابن حبّان يذكره في الثقات (3) ، والحاكم يقول: ثقة مأمون (4) ، والعجلي يقول: ثقة (5) ، وابن حجر العسقلاني يقول: صدّوق يتشيّع (6) ، وعبد الباقي بن قانع البغدادي يقول: صالح (7) . فهل كلّ هؤلاء العلماء مخطئون، أم أنّ التشيّع الذي يوصف به يجعلهم يعرضون عنه؟! وأمّا السند الذي ذكره البيهقي بقوله: ((أخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو محمّد بن شوذب الواسطي بها، حدّثنا شعيب بن أيوب، حدّثنا عمرو بن عون، عن هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي إدريس الأزدي، عن عليّ...)) (8) ، فيدلّ على اعتبار الحديث: فأبو علي الروذباري (شيخ البيهقي)، قالوا عنه: الإمام المسند (9) . وأبو محمّد بن شوذب الواسطي، قالوا: المقريء المحدّث، و: محدّث واسط (10) . وشعيب بن أيوب، قالوا عنه كذلك: صدوق، حسن الحديث، وقد وثّقه الدارقطني والذهبي والحاكم، وغيرهم (11) . وقال عنه ابن حبّان: مدلّس (12) ، ولكنّه أسند الحديث هنا. وعمرو بن عون، قال عنه ابن حجر: ثقة ثبت، وأطنب في الثناء عليه يحيى بن معين (13) . وأمّا هشيم، فهو من رجال الصحاح، وثّقه أغلب من ذكره (14) . وتهمة التدليس في الحديث هنا غير موجودة؛ لأنّه روى الحديث عن إسماعيل بن سالم الثقة، فقد ذكر أنّه: إذا حدّث عن ثقة فلا بأس به. وإسماعيل بن سالم، وثّقه ابن حجر والدارقطني والذهبي ويحيى بن معين، وغيرهم (15) . وأبو إدريس الأزدي، أو (الأودي)، هو: إبراهيم بن أبي حديد، ذكره ابن حبّان في الثقات (16) . وأمّا عليّ(عليه السلام)، فهو كما يقولون: صحابي. ودمتم في رعاية الله