م - العراق
منذ 4 سنوات

 فائدة معرفة خليفة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)

تقولون في سبب عدم مطالبة عليّ بن أبي طالب بحقّه في الخلافة بعد وفاة النبيّ محمّد، أو عدم مواجهته لهذا الاغتصاب هو: عدم توفّر عدد كافٍ من الأنصار؛ إذ أنّه طلب أربعين رجلاً ولم يحضر لنصرته إلاّ أربعة؛ وقد قرأت هذا في موقعكم. أقول: كيف يعقل هذا؟! هذا يعني أنّ المؤمنين حقّاً هم أربعة فقط والبقية كلّهم منافقون، أو على الأقلّ مخالفون لأوامر نبيّهم! كيف يعقل أن يخالف كلّ المسلمين من المهاجرين الذين تحمّلوا المصاعب والأذى في سبيل هذا الدين، والأنصار الذين نصروا وقدّموا الغالي والنفيس لنصرة هذا الدين أوامر نبيّهم الواضحة يوم غدير خمّ، بل أوامر ربّهم - والذي أنزل حينها آية إكمال الدين وآية البلاغ - وينقضون البيعة التي في عنق كلّ واحد منهم لعليّ بن أبي طالب؟! كيف يعقل أن يكون كلّ هؤلاء منافقون وهم تحمّلوا ما تحمّلوا في سبيل نصرة هذا الدين؟!


الأخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد أن استتبّ الأمر للخليفة الأوّل وصارت بيده السلطة، لم يكن هناك من لديه القدرة على قتالهم، لكن مجموعة من المهاجرين والأنصار أرادوا تحريك الوضع ضدّ الخليفة الأوّل، فجاؤوا لعليّ(عليه السلام) يبايعونه على الموت دونه، فقال لهم عليّ(عليه السلام): (إن كنتم صادقين فاغدوا علَيَّ غداً محلّقين)، فحلق عليّ(عليه السلام)، وحلق سلمان، وحلق المقداد، وحلق أبو ذر، ولم يحلق غيرهم، كما ورد ذلك في رواية (1) ، وفي أُخرى تضيف عمّار بن ياسر (2) ، وفي أُخرى تضيف الزبير (3) . ويصرّح عليّ(عليه السلام) في كلام له أنّه: (لو وجد يوم بويع أخو تيم (أبو بكر) أربعين رجلاً كلّهم على مثل بصيرة الأربعة الذين وجدت، لما كففت يدي ولناهضت القوم، ولكن لم أجد خامساً فأمسكت) (4) . وقوله(عليه السلام) واضح بأنّه أراد أربعين على بصيرة هؤلاء، أي: مستعدّين للتضحية والقتال. ونحن نقول: نعم، الظاهر لم يكن على مثل بصيرة هؤلاء سواهم. أمّا أنّه لا يوجد من يعرف الحقّ ويؤيّد عليّاً(عليه السلام)، ويعتقد أنّه صاحب الخلافة الحقّة وأنّ من غصبوها ظالمين، فلا نقول به! بل كان هناك كثير من المهاجرين والأنصار يعرفون ذلك ولكنّهم لم يكونوا مستعدّين للقتال والتضحية، أو كانوا ينتظرون ما تأتي به الأيام، أو كانوا يتأمّلون خيراً. وبالتالي لا نحكم على كلّ المسلمين بالردّة، بمعنى: إنكار الإمامة، سوى هؤلاء الأربعة، بل نقول: إنّ كثيراً من المسلمين ارتدّوا بمعنى: أنكروا الإمامة، سواء عن علم وقصد، أو عن تواطؤ، أو عن جهل، أو طمع، وهناك الكثير منهم - أي البقية - كانوا يعرفون الحقّ ولكنّهم كانوا مختلفين في مستوى الإيمان واليقين، وفيهم المستضعفون. وأمّا استبعاد مخالفة المسلمين لأمر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأنّه لا يعقل ذلك، فهذا مخالف لما نصّ عليه القرآن الكريم، من وقوع مثل ذلك لبني إسرائيل، عندما عبدوا العجل بعد تأخّر موسى(عليه السلام) ودفعهم هارون(عليه السلام) عن منصبه. فأين موت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من تأخّر موسى(عليه السلام)؟! وأين إنكار الإمامة من عبادة العجل؟! وقد كان بنو إسرائيل سبعون ألفاً ارتدّوا كلّهم سوى هارون(عليه السلام) وأهل بيته، مع أنّ في المسلمين من بقي على الحقّ غير عليّ(عليه السلام) وأهل بيته؛ فلاحظ! ودمتم في رعاية الله