logo-img
السیاسات و الشروط
م / سائل - السعودية
منذ 5 سنوات

حول نصب الامام ع و اختياره

لماذا يختار الله الإمام ويجعله من الأوصياء دون أخيه الذي تربّى في نفس البيت؟ أم أنّ الاختيار مبنيّ على صفات خاصّة وهبها الله للإمام الذي تمّ اختياره، فإن كان، ألا ينافي ذلك العدالة الإلهية؟


الاخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أوّلاً: إنّ الله سبحانه وتعالى لا يسأل عمّا يفعل؛ لأنّه حكيم وعالم وقادر, فباعتبار حكمته وعلمه وقدرته يفعل ما يشاء. فاختيار الله سبحانه وتعالى للإمامة وللنبوّة إنّما هو فعل من أفعال الله التي لا يسأل عنها. مع هذا نجد أنّ هناك نصوصاً تدلّ على سبب الاصطفاء والاختيار؛ فالله سبحانه وتعالى في عالم الذرّ - وهو عالم خروج البشر من صلب آدم(عليه السلام) على شكل ذرّ- أخذ الميثاق على النبييّن، فقال، كما عن الإمام الباقر(عليه السلام): (ألست بربّكم، وأنّ هذا محمّد رسولي، وأنّ هذا عليّ أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى. فثبتت لهم النبوّة، وأخذ الميثاق على أُولي العزم: أنّني ربّكم ومحمّد رسولي وعليّ أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري، وخزّان علمي(عليهم السلام)، وأنّ المهدي أنتصر به لديني، وأظهر به دولتي، وأنتقم به من أعدائي، وأُعبد به طوعاً وكرهاً. قالوا: أقررنا يا ربّ وشهدنا. - إلى أن قال -: ثمّ أمر ناراً فأججت، فقال لأصحاب الشمال: ادخُلوها. فهابوها، وقال لأصحاب اليمين: ادخُلوها. فدخلوها، فكانت عليهم برداً وسلاماً، فقال أصحاب الشمال: يا ربّ! أقلنا، فقال: قد أقلتكم، اذهبوا فادخلوها، فهابوها، فثمّ ثبتت الطاعة والولاية والمعصية) (1) . فمنهم من آمن ومنهم من كفر في ذلك العالم, وهذه الدنيا إنّما هي صورة عن ذلك العالم. إذاً، على ما في هذه الآيات أنّ سبب الاختيار والاصطفاء كان بسبب كيفية الاستجابة والقبول من قبل البشر لما طلبه الله منهم، هذا أوّلاً. ثانياً: إنّ اختياره للأنبياء والأوصياء ليس اختياراً اعتباطياً، وإنّما اختارهم بعد أن امتحنهم في العوالم الثلاث - عالم الأرواح وعالم الطينة وعالم الذرّ - فامتحن الأنبياء وشرط عليهم الزهد، فوجدهم أوفياء لهذا الشرط؛ (فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء) (2) ، وامتحن أهل البيت(عليه السلام) بالصبر، فوجدهم صابرين, لذا في زيارة فاطمة(عليها السلام) نقول: (فوجدَكِ لما امتحَنكِ به صابرة) (3) . إذاً، اختيار الله سبحانه وتعالى يكون بعد الامتحان والاختبار، وبعد الإجابة للدعوة الإلهية: ألست بربّكم؟ فأوّل من قال: بلى، هو رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ لهذا اختاره الله من بين الخلق, ثمّ بعد ذلك أمير المؤمنين(عليه السلام)، ثمّ فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وهكذا بقية الأئمّة، ثمّ الأنبياء، ثمّ المؤمنون الواحد تلو الآخر الأقرب فالأقرب، فكلّ من أجاب دعوة الله تعالى تقرّب إليه. إذاً، اختيار الإمام(عليه السلام) دون أخيه لم يكن اختياراً اعتباطياً، وإنّما اختياره عن حكمة وبعد اختباره وامتحانه، فنجح في اختباره وامتحانه، وهذا لا ينافي العدالة الإلهية. ودمتم في رعاية الله

1