العالمي - سوريا
منذ 4 سنوات

حول الامامة و العصمة

هذه أسئلة من طالب حقّ أودّ أن أُوجّهها لحضرتكم.. فبعد طول بحث لم أتوصّل حتّى الآن لنتيجة ترضني، فأرجو أن تجيبوني أجوبة حاسمة للموضوع. قد حاولت كثيراً أن أجد إجابة لهذه الأسئلة من كتبكم، ولكني لم أجد شيئاً واضحاً، بل وجدت كلام متناقض وخصوصاً في مقام الإمام، وقد أتبعت هذه الأسئلة ببعض أقول علمائكم المتناقضة والغريبة أحيانا. فأرجو الردّ سريعاً, وأرجو المعذرة إن أطلت. ما تعريف كلّ من: الرسول والإمام والنبيّ والحجّة والوصيّ والمهديين لديكم؟ وما هو الشيء المشترك بينهم، وما هو الشيء غير المشترك؟ هل من الممكن للشخص أن يحمل أكثر من صفة من الصفات السابقة الإمام عليّ حتّى يصبح نبيّاً ماذا ينقصه؟ هل كلّ رسول إمام؟ هل كلّ نبيّ إمام؟ هل كلّ وصيّ إمام؟ هل تشترطون وجود الرسول أم الإمام أم النبيّ أم الحجّة أم الوصيّ في كلّ زمان؟ هل الإمام يكون إمام منذ ولادته، أم الأمر يكون بالتدريج؟ ما الفرق بين الإمام الناطق والصامت؟ هل إبراهيم(عليهم السلام) لم يكن إماماً ثمّ كان؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل إبراهيم كان تابعاً لإمام آخر قبل أن يصبح هو إمام، أم أنّكم لا تشترطون وجود إمام في كلّ زمان؟ من هو الحجّة، أو الإمام، أو الوصيّ قبل النبيّ محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مباشرة؟ هل الإمام المهدي آخر إمام؟ وهل يوم القيامة يكون بعده مباشرة؟ وهل يحكم أحد بعده؟ وهل يكون معصوم؟ وهل يكون إمام أم وصيّ أم مهدي من المهديين؟ وهل بذلك يصبح عدد الأئمّة أكثر من 12؟ هل العصمة إجبارية؟ هل العصمة بمعنى: أنّ الله يجبرهم على العصمة، ولكنّهم في أنفسهم يشعرون أنّهم غير معصومين، فيأخذون الأجر لذلك؟ وهل هذا يعقل؟ هل العصمة من المعصومين، أم من الله، أم منه ومن الله؟ وكيف يكون ذلك؟ هل هم معصومون منذ أن خلقهم الله، أم أنّ الله أجرى لهم اختباراً ثمّ أصبحوا معصومين؟ هل العصمة تكون من الذنب، أم من الخطأ، أم أنّهم يتركون أنواع معيّنة من الخطأ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل يتكرّر منهم، أم لمرّة واحدة فقط؟ هل هم معصومون من المكروهات؟ هل المعصومين يتركون فعل الأولى؟ وهل يتكرّر منهم ذلك؟ ولماذا يتركون فعل الأولى؟ هل عصمتهم كعصمة الملائكة؟ لماذا لا يكون للمعصومين مكانة واحدة؟ وهل تفاوت مقاماتهم بسبب ترك بعض الأولويات، أو ترك بعض السنن؟ (مهم جدّاً، راجع: الكافي ج1 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته). - كتاب (أصل الشيعة وأُصولها) لكاشف الغطاء، ص222: ((وعرفت أنّ مرادهم بالإمامة: كونها منصباً إلهياً يختاره الله بسابق علمه بعباده، كما يختار النبيّ، ويأمر النبيّ بأن يدلّ الأُمّة عليه، ويأمرهم باتّباعه)). - كتاب (العصمة) للسيّد علي الميلاني، ص15: ((وقد رأيت في بعض الكتب أنّ سلمان الفارسي أيضاً معصوم، ولا يهمّنا الآن البحث عن ذلك القول)). - كتاب (العصمة) للسيّد علي الميلاني، ص17: ((العصمة ومسألة الجبر: أوضح علماؤنا أنّ هذه الحالة تجتمع تماماً مع ما ذهبت إليه الطائفة من أنّ: لا جبر ولا تفويض، بل أمر بين الأمرين.. وذلك بأنّ العصمة تمسّك المعصوم وتمنعه عن أي مناف, ولكن لا تلجئه إلى الطاعة, ولا تلجئه إلى ترك المعصية أو المنافي. وهذا المعنى قد أشار إليه العلاّمة(رحمه الله) في تعريفه من جهتين: الأُولى: قوله: بالمكلّف، إذ قال: العصمة لطف يفعله الله بالمكلّف؛ فإنّه يريد أن يفهمنا بأنّ المعصوم مكلّف, أي: أنّه مأمور بالطاعة وترك المعصية, وأنّه إذا أطاع يثاب, وإذا عصى يعاقب, ولذا جاء في القرآن الكريم: (( فَلَنَسأَلَنَّ الَّذِينَ أُرسِلَ إِلَيهِم وَلَنَسأَلَنَّ المُرسَلِينَ )) (الأعراف:6), يعني: إنّ المرسلين كسائر أفراد أُممهم مكلّفون بالتكاليف, فلا يكون من هذه الناحية فرق بين الرسول وبين أفراد أُمّته, وعلى الرسول أن يعمل بالتكاليف, كما أنّ على كلّ فرد من أفراد أُمّته أن يكون مطيعاً وممتثلاً للتكاليف, فلو كان المعصوم مسلوب القدرة على المعصية, مسلوب القدرة على ترك الإطاعة, فلا معنى حينئذ للثواب والعقاب, ولا معنى للسؤال. وقد بيّنا بالإجمال هذا المطلب في بحثنا عن آية التطهير. والجهة الثانية: الموجودة في كلام العلاّمة(رحمه الله): قوله: بحيث لا يكون له داعٍ إلى ترك الطاعة وفعل المعصية؛ ففي هذه العبارة إشارة إلى أنّ ترك الطاعة وفعل المعصية إنّما يكون بداع نفساني، يحمل الإنسان على الإطاعة, أو يحمل الإنسان على إتيان المعصية وارتكابها, وهذا الإنسان قد أودع الله سبحانه وتعالى فيه مختلف القوى التي يستخدمها لأغراضه، الصحيحة وغير الصحيحة, إلاّ أنّ العصمة تمسّك المعصوم, بحيث لا يبقى له داع إلى ارتكاب المعصية، أو ترك الطاعة والتكليف الشرعي. ثمّ إنّ السيّد الطباطبائي صاحب (الميزان)(رحمه الله), عبّر عن هذا اللطف الإلهي بـ(الموهبة), فالعصمة عبّر عنها بالموهبة الإلهية, وأرجع العصمة إلى العلم, وذكر أنّها - أي: العصمة - نوع من العلم والشعور يغاير سائر أنواع العلم في أنّه غير مغلوب لشيء من القوى الشعورية البتة, بل هي الغالبة القاهرة عليها، المستخدمة إياها, ولذلك كانت تصون صاحبها من الضلال والخطيئة مطلقاً. وإذا كانت العصمة راجعة إلى العلم, فيكون الأمر أوضح؛ لأنّ الإنسان إذا علم بقبح شيء فلا يريده, وإذا علم بالآثار المترتّبة على الفعل الذي يريد أن يقدم عليه, تلك الآثار إن كانت حسنة فإنّه يقدم, وإن كانت سيئة فإنّه يحجم, فتكون العصمة حينئذٍ منبعثة عن العلم.. ويكون الفارق بين المعصوم وغير المعصوم: أنّ غير المعصوم لم يحصل له ذلك العلم الذي حصل عليه المعصوم, ولذا لا يبلغ غير المعصوم مرتبة العصمة؛ لعدم وجود العلم اللازم فيه, وعدم حصول ذلك العلم الخاص له, وكثير من الأشياء يعجز الإنسان عن درك حقائقها من محاسن ومساوي, أمّا إذا كان الإنسان عالماً وبتلك المرحلة من العلم, وكانت عنده تلك الموهبة الإلهية - كما عبّر السيّد الطباطبائي(رحمه الله) - فإنّه يعلم بحقائق الأشياء، ويمتنع صدور ما لا يجوز عنه. ولا بدّ من التحقيق الأكثر في نظرية السيّد الطباطبائي(رحمه الله), وأنّه: هل يريد أنّ العصمة منبعثة من العلم, وأنّه هو المنشأ لهذه الحالة المعنوية الموجودة عند المعصوم, كما قرأنا في هذه العبارة, أو أنّه يريد أنّ العصمة نفس العلم؟ وعلى كلّ حال, فإنّ الإنسان إذا كان عالماً بحقائق الأشياء وما يترتّب على كلّ فعل يريد أن يفعله, أو حتّى على كلّ نية ينويها فقط, عندما يكون عالماً ومطّلعاً على ما يترتّب على ذلك, فسيكون عنده رادع على أثر علمه عن أن يقدم على ذلك العمل إذا كانت آثاره سيئة, أو أنّه سيقدم على العمل إذا كانت آثاره مطلوبة وحسنة)). - قال الشيخ المفيد(رحمه الله) في (النكت الاعتقادية): ((العصمة لطف يفعله الله بالمكلّف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما)). - قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات)، ص26: ((واتّفقت الإمامية على أنّ كلّ رسول فهو نبيّ، وليس كلّ نبيّ فهو رسول، وقد كان من أنبياء الله - عزّ وجلّ - حفظة لشرائع الرسل وخلفائهم في المقام، وإنّما منع الشرع من تسمية أئمّتنا بالنبوّة دون أن يكون العقل مانعاً من ذلك؛ لحصولهم على المعنى الذي حصل لمن ذكرناه من الأنبياء(عليهم السلام). واتّفقوا على جواز بعثة رسول يجدّد شريعة من تقدّمه وإن لم يستأنف شرعاً، ويؤكّد نبوّة من سلف وإن لم يفرض غير ذلك فرضاً. وأجمعت المعتزلة على خلاف هذين القولين، ومع الإمامية في تصحيحه جماعة من المرجئة وكافّة أصحاب الحديث)). - قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات)، ص63: ((القول في عصمة الأنبياء(عليهم السلام): أقول: إنّ جميع أنبياء الله - صلوات الله عليهم - معصومون من الكبائر، قبل النبوّة وبعدها، وما يستخفّ فاعله من الصغائر كلّها، وأمّا ما كان من صغير لا يستخف فاعله، فجائز وقوعه منهم قبل النبوّة وعلى غير تعمّد، وممتنع منهم بعدها على كلّ حال.. وهذا مذهب جمهور الإمامية، والمعتزلة بأسرها تخالف فيه. القول في عصمة نبيّنا محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم): وأقول: إنّ نبيّنا محمّداً(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ممّن لم يعص الله عزّ وجلّ منذ خلقه الله عزّ وجلّ إلى أن قبضه، ولا تعمّد له خلافاً، ولا أذنب ذنباً على التعمّد ولا النسيان، وبذلك نطق القرآن وتواتر الخبر عن آل محمّد(عليهم السلام)، وهو مذهب جمهور الإمامية، والمعتزلة بأسرها على خلافه)). - قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات)، ص64: ((وأقول: إنّ تعليق النبوّة تفضّل من الله تعالى على من اختصّه بكرامته؛ لعلمه بحميد عاقبته، واجتماع الخلال الموجبة في الحكمة بنبوّته في التفضيل على من سواه)). - قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات)، ص66: ((وأقول: إنّ الأئمّة القائمين مقام الأنبياء(عليهم السلام) في تنفيذ الأحكام، وإقامة الحدود، وحفظ الشرائع، وتأديب الأنام، معصومون كعصمة الأنبياء، وإنّهم لا يجوز منهم صغيرة إلاّ ما قدّمت ذكر جوازه على الأنبياء، وإنّه لا يجوز منهم سهو في شيء في الدين، ولا ينسون شيئاً من الأحكام، وعلى هذا مذهب سائر الإمامية إلاّ من شذّ منهم، وتعلّق بظاهر روايات لها تأويلات على خلاف ظنّه الفاسد من هذا الباب)). - قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات)، ص136: ((القول في العصمة ما هي؟ أقول: إنّ العصمة في أصل اللغة هي ما اعتصم به الإنسان من الشيء كأنّه امتنع به عن الوقوع في ما يكره، وليس هو جنساً من أجناس الفعل. ومنه قولهم: (اعتصم فلان بالجبل)، إذا امتنع به، ومنه سمّيت: (العصم)، وهي: وعول الجبال؛ لامتناعها بها. والعصمة من الله تعالى، هي: التوفيق الذي يسلم به الإنسان ممّا يكره إذا أتى بالطاعة، وذلك مثل: إعطائنا رجلاً غريقاً حبلاً ليتشبّث به فيسلم، فهو إذا أمسكه واعتصم به، سمّي ذلك الشيء: عصمة له لمّا تشبّث به وسلم من الغرق، ولو لم يعتصم به لم يسمّ: (عصمة)، وكذلك سبيل اللطف، إنّ الإنسان إذا أطاع سمّي (توفيقاً) و(عصمة), وإن لم يطع لم يسمّ (توفيقاً) ولا (عصمة).. وقد بيّن الله ذكر هذا المعنى في كتابه بقوله: (( وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَمِيعاً )) (آل عمران:103)، وحبل الله هو: دينه؛ ألا ترى أنّهم بامتثال أمره يسلمون من الوقوع في عقابه، فصار تمسّكهم بأمره اعتصاماً، وصار لطف الله لهم في الطاعة عصمة، فجميع المؤمنين من الملائكة والنبيّين والأئمّة معصومون؛ لأنّهم متمسّكون بطاعة الله تعالى. وهذه جملة من القول في العصمة ما أظنّ أحداً يخالف في حقيقتها، وإنّما الخلاف في حكمها كيف تجب، وعلى أي وجه تقع)). - (الكافي) ج1 ص158: ((الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)، قال: سألته فقلت: الله فوّض الأمر إلى العباد؟ قال: الله أعزّ من ذلك. قلت: فجبرهم على المعاصي؟ قال: الله أعدل وأحكم من ذلك. قال: ثمّ قال: قال الله: يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك منّي، عملت المعاصي بقوّتي التي جعلتها فيك)). - الكافي ج1 ص161: ((محمّد بن أبي عبد الله، عن حسين بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عمّن حدّثه، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين. قال: قلت: وما أمر بين أمرين؟ قال: مثل ذلك: رجل رأيته على معصية، فنهيته، فلم ينته، فتركته، ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية)). - (الكافي) ج1 ص175: ((1 - محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، ودرست بن أبي منصور، عنه، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات: فنبيّ منبّأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبيّ يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد، وعليه إمام، مثل: ما كان إبراهيم على لوط(عليهما السلام)، ونبيّ يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك، وقد أُرسل إلى طائفة، قلّوا أو كثروا، كيونس؛ قال الله ليونس: (( وَأَرسَلنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلفٍ أَو يَزِيدُونَ )) (الصافات:147)، قال: يزيدون: ثلاثين ألفاً، وعليه إمام، والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة، وهو إمام، مثل: أُولي العزم، وقد كان إبراهيم(عليه السلام) نبيّاً وليس بإمام حتّى قال الله: (( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) (البقرة:124)، من عَبَد صنماً أو وثناً لا يكون إماماً. 2 - محمّد بن الحسن، عمّن ذكره، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان، عن زيد الشحّام، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: إنّ الله تبارك وتعالى اتّخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتّخذه نبيّاً، وإن الله اتّخذه نبيّاً قبل أن يتّخذه رسولاً، وإنّ الله اتّخذه رسولاً قبل أن يتّخذه خليلاً، وإنّ الله اتّخذه خليلاً قبل أن يجعله إماماً، فلمّا جمع له الأشياء قال: (( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً )) ، قال: فمن عظمها في عين إبراهيم، قال: (( وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) ، قال: لا يكون السفيه إمام التقي)). - (الكافي) ج1 ص177: ((محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقّي، عن العبد الصالح(عليه السلام)، قال: إنّ الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلاّ بإمام حتّى يعرف. محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن خلف بن حمّاد، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): الحجّة قبل الخلق، ومع الخلق، وبعد الخلق. أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن الحسين بن أبى العلاء، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: قلت له: تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لا)). - الكافي ج1 ص179: ((عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: قال: والله ما ترك الله أرضاً، منذ قبض آدم(عليه السلام)، إلاّ وفيها إمام يهتدي به إلى الله، وهو حجّته على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجّة لله على عباده)). - كتاب (براءة آدم حقيقة قرآنية) للسيّد جعفر مرتضى العاملي، ص26: ((خلاف الأولى: وربّما نجد: أنّ بعضهم قد اختار في توجيه قضية آدم(عليه السلام) التعبير الذي يقول: إنّ ذلك كان من قبيل ترك الأولى؛ فقد قال العلاّمة الطباطبائي(رحمه الله)): ابتلاء آدم(عليه السلام) كان قبل تشريع الشرايع، فكان المتوجّه إليه إرشادياً. وما ابتلى به من المخالفة كان من قبيل: ترك الأولى (تفسير الميزان ج14 ص227). وقال أيضاً عن التعبير القرآني الذي يوحي بصدور المعصية من آدم(عليه السلام): إنّما هي معصية أمر إرشادي، لا مولوي. والأنبياء(عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يُوحى إليهم، فلا يخطئون، ومن جهة حفظه، فلا ينسون ولا يحرّفون، ومن جهة إلقائه إلى الناس وتبليغه قولاً، فلا يقولون إلاّ الحقّ الذي أوحي إليهم، وفعلاً، فلا يخالف فعلهم قولهم، ولا يقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة؛ لأنّ في الفعل تبليغاً كالقول. وأمّا المعصية بمعنى: مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه إلاّ إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح، كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحاً؛ فإطاعته ومعصيته خارجتان من مجرى أدلّة العصمة. وهو ظاهر. وليكن هذا معنى قول القائل: إنّ الأنبياء(عليهم السلام) على عصمتهم يجوز لهم ترك الأولى، ومنه: أكل آدم(عليه السلام) من الشجرة. ونقول: أوّلاً: علينا أن نحمل كلامهم على أنّ مقصودهم هو: الترك المستند إلى المقدّمات الصحيحة التي تناسب عصمة النبيّ أو الوصيّ، وحكمته، وعقله، وتدبيره، بحيث يكون تركه للأولى من أجل أنّه رأى في مرحلة الظاهر هذا الترك هو الأولى. وليس المقصود أنّه عرف أنّه الأولى، ثمّ تركه.. فإذا ظهر أنّ الواقع كان مخالفاً للظاهر، فإنّ ذلك لا يضرّ؛ لأنّه تكليفه هو العمل بما ثبت له في مرحلة الظاهر.. والسبب في ذلك هو: أنّ تركه للأولى، إذا كان من أجل أنّه لم يدرك أولويته، وكان عدم إدراكه لذلك يمثّل نقصاناً في مستوى وعيه، وفهمه، وحكمته، أي: أنّه لا يدرك ما هو أولى وراجح، ولا يدرك أيضاً: أن عليه أن يأخذ بالراجح، ويلتزم به)). - (الكافي) للكليني ج1 ص269: ((باب في أنّ الأئمّة بمن يشبّهون ممّن مضى وكراهية القول فيهم بالنبوّة)). - (الكافي) للكليني ج1 ص270: ((عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: الأئمّة بمنزلة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ أنّهم ليسوا بأنبياء، ولا يحلّ لهم من النساء ما يحلّ للنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأمّا ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم))). - الشيخ علي الكوراني كتاب (العقائد الإسلامية) ج1 ص341: ((المقنعة 32، ويجب على كلّ مكلّف أن يعرف إمام زمانه، ويعتقد إمامته وفرض طاعته، وأنّه أفضل أهل عصره وسيّد قومه، وأنّهم في العصمة والكمال كالأنبياء(عليهم السلام)، ويعتقد أنّ كلّ رسول لله تعالى إمام وليس كلّ إمام نبيّاً ولا رسولاً)). - (تفسير نور الثقلين) للشيخ عبد علي الحويزي ج3 ص142: ((في كتاب (معاني الأخبار) بإسناده إلى موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين(عليهم السلام)، قال: الإمام منّا لا يكون إلاّ معصوماً, وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها, وكذلك لا يكون إلاّ منصوصاً. فقيل: يا بن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال: هو المعتصم بحبل الله, وحبل الله هو: القرآن, والقرآن يهدي إلى الإمام, وذلك قول الله عزّ وجلّ: (( إِنَّ هَذَا القُرآنَ يَهدِي لِلَّتِي هِيَ أَقوَمُ )) (الإسراء:9) )). - وقال المفيد في (المقنعة)، ص30: ((باب ما يجب من الاعتقاد في أنبياء الله تعالى ورسله(عليهم السلام): ويجب أن يعتقد التصديق لكلّ الأنبياء(عليهم السلام)، وأنّهم حجج الله على من بعثهم إليه من الأُمم، والسفراء بينه وبينهم، وأنّ محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاتمهم وسيّدهم وأفضلهم، وأنّ شريعته ناسخة لما تقدّمها من الشرائع المخالفة لها، وأنّه لا نبيّ بعده ولا شريعة بعد شريعته، وكلّ من ادّعى النبوّة بعده فهو كاذب على الله تعالى، ومن يغيّر شريعته فهو ضالّ كافر من أهل النار، إلاّ أن يتوب ويرجع إلى الحقّ بالإسلام، فيكفّر الله تعالى حينئذٍ عنه بالتوبة ما كان مقترفاً من الآثام. ويجب اعتقاد نبوّة جميع من تضمّن الخبر عن نبوّته القرآن على التفصيل، واعتقاد الجملة منهم على الإجمال، ويعتقد أنّهم كانوا معصومين من الخطأ، موفّقين للصواب، صادقين عن الله تعالى في جميع ما أدّوه إلى العباد، وفي كلّ شيء أخبروا به على جميع الأحوال، وأنّ طاعتهم طاعة لله ومعصيتهم معصية لله، وأنّ آدم، ونوحاً، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وإدريس، وموسى، وهارون، وعيسى، وداود، وسليمان، وزكريا، ويحيى، وإلياس، وذا الكفل، وصالحاً، وشعيباً، ويونس، ولوطاً، وهوداً، كانوا أنبياء الله تعالى ورسلاً له، صادقين عليه، كما سمّاهم بذلك، وشهد لهم به، وأنّ من لم يذكر اسمه من رسله على التفصيل - كما ذكر من سمّيناه منهم - وذكرهم في الجملة، حيث يقول: (( وَرُسُلاً قَد قَصَصنَاهُم عَلَيكَ مِن قَبلُ وَرُسُلاً لَم نَقصُصهُم عَلَيكَ )) (النساء:164)، كلّهم أنبياء عن الله صادقون، وأصفياء له، منتجبون لديه، وأنّ محمّداً(صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيّدهم وأفضلهم، كما قدّمناه)). - ألف سؤال وإشكال للشيخ علي الكوراني العاملي ج2 ص148: ((نؤمن بالعدالة المطلقة لله تعالى، والعصمة التامّة للأنبياء والأئمّة، امتاز الشيعة عن غيرهم من جميع مذاهب المسلمين والأديان الأُخرى, بعقيدتهم بالعدالة الكاملة لله تعالى, والعصمة الكاملة لأنبيائه وأوصيائه، فهم ينزّهونهم عن جميع المعاصي والمعائب, قبل البعثة والإمامة وبعدها, في تبليغ الرسالة, أو في سلوكهم الشخصي والعام. وقد عرّف الإمام الصادق العصمة كما في (معاني الأخبار) للصدوق، ص132: قال: سألت أبا عبد الله عن ذلك؟ فقال: المعصوم هو: الممتنع بالله من جميع محارم الله, وقال الله تبارك وتعالى: (( وَمَن يَعتَصِم بِاللَّهِ فَقَد هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ )) (آل عمران:101). وفي (معاني الأخبار)، ص132: عن الإمام موسى بن جعفر, عن أبيه جعفر بن محمّد, عن أبيه محمّد بن علي, عن أبيه علي بن الحسين، قال: الإمام منّا لا يكون إلاّ معصوماً, وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيُعرف بها, ولذلك لا يكون إلاّ منصوصاً. فقيل له: يا ابن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال: هو: المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو: القرآن، لا يفترقان إلى يوم القيامة, والإمام يهدي إلى القرآن، والقرآن يهدي إلى الإمام, وذلك قول الله عزّ وجلّ: (( إِنَّ هَذَا القُرآنَ يَهدِي لِلَّتِي هِيَ أَقوَمُ )) (الإسراء:9). وفي (معاني الأخبار)، ص132: عن محمّد بن أبي عمير، قال: ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي له شيئاً أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام؛ فإنّي سألته يوماً عن الإمام أهو معصوم؟ فقال: نعم. فقلت: فما صفة العصمة فيه؟ وبأي شيء تُعرف؟ فقال: إنّ جميع الذنوب لها أربعة أوجه، ولا خامس لها: الحرص والحسد والغضب والشهوة, فهذه منفية عنه.. لا يجوز أن يكون حريصاً على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه؛ لأنّه خازن المسلمين, فعلى ماذا يحرص! ولا يجوز أن يكون حسوداً؛ لأنّ الإنسان إنّما يحسد من فوقه وليس فوقه أحد, فكيف يحسد من هو دونه؟! ولا يجوز أن يغضب لشيء من أُمور الدنيا إلاّ أن يكون غضبه لله عزّ وجلّ, فإنّ الله عزّ وجلّ قد فرض عليه إقامة الحدود, وأن لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا رأفة في دينه حتّى يقيم حدود الله عزّ وجلّ. ولا يجوز له أن يتّبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة؛ لأنّ الله عزّ وجلّ حبّب إليه الآخرة كما حبّب إلينا الدنيا, فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا، فهل رأيت أحداً ترك وجهاً حسناً لوجه قبيح، وطعاماً طيّباً لطعام مرّ, وثوباً ليناً لثوب خشن, ونعمةً دائمة باقية لدنيا زائلة فانية؟! (رواه في علل الشرائع 1: 204، وأمالي الصدوق ص731، والخصال ص215))). انتهى كلام الكوراني. - (الشيعة في عقائدهم وأحكامهم), للكاظمي القزويني, ص322: ((قوّة في العقل تمنع صاحبها من مخالفة التكليف مع قدرته على مخالفته)). ((إنّ استنباط الفرق بين النبيّ والإمام من تلك الأخبار لا يخلو من إشكال)). (بحار الأنوار: 26/82.). ثمّ قال: ((ولا نعرف جهة لعدم اتّصافهم بالنبوّة إلاّ رعاية خاتم الأنبياء، ولا يصل عقولنا فرق بين النبوّة والإمامة)) (بحار الأنوار: 26/82).


الأخ العالمي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قد ذكرنا الفرق بين الرسول والنبيّ في أجوبتنا ضمن عنوان: (النبوّة والأنبياء/ الفرق بين النبيّ والرسول)؛ فراجع! أمّا تعريف الإمامة فقد عرّفها العلاّمة الحلّي بأنّها: رياسة عامّة في أُمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص نيابة عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم). وقال المقداد السيوري: ((الإمامة رياسة عامّة في أُمور الدين والدنيا لشخص إنساني)) (1) ، وقد عرّفناها نحن هنا في هذا العنوان بأنّها: رئاسة عامّة إلهية لشخص من الأشخاص خلافة عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ فراجع! ومعنى كون (الأنبياء والأئمّة حجّة الله على عباده)، أي: أدلّته وعلامته التي بها يهتدون إليه سبحانه، إذ بهم يعرفون وعده ووعيده وصراطه وغاية وجودهم، وبهم يحتجّ الله تعالى عليهم يوم القيامة (2) . ومعنى وصيّ النبيّ، هو: القائم مقامه في الأمر والنهي بعهد من النبيّ إليه. وأمّا المقصود من (المهديين)، فمرّة يراد بهم: الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) (3) ، وهناك أخبار آحاد تشير أنّ بعد القائم اثني عشر مهدياً، وهم ليسوا بأئمّة كما تصرّح بعض الروايات (4) . ومن الممكن أن يكون هناك شخص يحمل أكثر من صفة من تلك الصفات؛ فالإمام عليّ(عليه السلام) هو إمام ووصيّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو حجّة الله على خلقه في فترة إمامته، ونبيّ الله إبراهيم(عليه السلام) نبيّ ورسول وإمام وحجّة الله على خلقه في فترة نبوّته. والإمام عليّ(عليه السلام) لا يمكن أن يكون نبيّاً؛ فإنّ درجته الكمالية التي وصل إليها والتي اختاره الله واصطفاه هي: الإمامة لخاتم الأنبياء. ويمكنك الرجوع إلى عنوان: (الإمامة/ أعلى رتبةً من النبوّة) لاستيضاح الأمر. وليس كلّ رسول إمام - على خلاف في هذه المسألة؛ فبعضهم يقول: أنّ كلّ رسول إمام - ولا كلّ نبيّ إمام، ولا كلّ وصيّ إمام، فقد يكون هناك نبيّ أو رسول - على الخلاف - دون أن يصل إلى الإمامة، كما حصل مع إبراهيم(عليه السلام) قبل إمامته، ويمكن أن يكون هناك وصيّ ليس بإمام كأن يكون نبيّ، كما هو الحال في بعض أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا أوصياء لمن سبقهم من الأنبياء(عليهما السلام). نعم، الشيخ المفيد يرى أنّ كلّ رسول فهو نبيّ إمام؛ فهو يرى أنّ العلاقة بين الرسول والنبيّ هي العموم والخصوص المطلق (5) ، وقد عرفت الحال منها سابقاً، والروايات تشير إلى أنّه لا تخلو الأرض من حجّة بشكل مطلق، وهو يشمل النبيّ والرسول والإمام والوصيّ، وطريق الجمع بينها وبين الروايات التي تشير إلى أنّه لا تبقى الأرض بغير إمام: أنّ الإمام المقصود في هذه الروايات بمعنى: الهادي، الذي يشمل النبيّ والرسول والإمام بالمعنى الأخصّ، فيكون المدار على وجود الحجّة في الأرض، أو القول بأنّ الحجّة مساوق للإمام كما عليه الكثير من علمائنا التزاماً بالروايات، وقد مضى بيان ذلك في السؤال السابق. والإمام يختاره الله ويصطفيه لعلمه به منذ ولادته إماماً. ويطلق الإمام الصامت في بعض الروايات على الإمام الذي يكون مع إمام آخر الذي يكون هو الإمام الفعلي الذي يحقّ له التكلّم، والآخر يكون صامتاً (6) . وكان إبراهيم(عليه السلام) هو الحجّة في زمانه حتّى قبل أن يكون إماماً على القول بالمعنى المطلق للحجّة، وأمّا القول الآخر، فلا بدّ من أن يكون عليه إمام لا نعرفه. وربّما كان الحجّة قبل نبيّنا(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو: أبو طالب، كما تشير بعض الروايات. وأوضحنا ذلك في عنوان (أبو طالب/ هو الحجّة قبل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم))، وهل كان عليه إمام، العلم عند الله في ذلك؛ إذ لم يصلنا شيء من الروايات بهذا الخصوص. وآخر الأئمّة(عليهم السلام) هو: الإمام المهدي(عليه السلام). لكن تشير بعض الروايات إلى رجوع بعض الأئمّة(عليهم السلام) بعد ظهوره(عجّل الله فرجه الشريف) (7) . ولا يزيد عدد أئمّتنا عن اثني عشر إماماً. نعم، هناك روايات تشير إلى اثني عشر مهدياً، وهم غير الأئمّة وليسوا المعصومين (8) ، ولعلّهم سيكونون قادة في ظلّ حكومة أحد المعصومين(عليهم السلام) في الرجعة. أمّا أسئلة العصمة، فقد فصّلنا القول فيها في عنوانها الخاص بها؛ فراجع! ودمتم في رعاية الله

1