جعفر - إيطاليا
منذ 4 سنوات

لماذا الامامة مستمر ؟

ما هي دلائل استمرار الإمامة وعدم انقطاعها؟


الاخ جعفر المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يمكن الاستدلال على ذلك من خلال الآيات القرآنية أوّلاً, والروايات ثانياً. الطريق الأوّل: الآيات القرآنيّة: الآية الأُولى: قوله تعالى: (( وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعلَمُ مَا لاَ تَعلَمُونَ )) (البقرة:30). أشارت هذه الآية المباركة إلى: أوّلاً: أنّ هذا الخليفة أرضي, وهو موجود في كلّ زمان, والدال على ذلك قوله: (( جَاعِلٌ )) لأنّ الجملة الاسمية, وكون الخبر على صيغة (فاعل) التي هي بمنزلة الفعل المضارع, تفيد الدوام والاستمرار, مضافاً إلى أنّ الجعل في اللغة، كما يقول الراغب في (المفردات)، له استعمالات متعدّدة، ومنها: (تصيير الشيء على حالة دون حالة) (1) ، وهذا ما أكّده جملة من المفسّرين, كالرازي في (التفسير الكبير) (2) ، والآلوسي في (روح المعاني) (3) , وعندما يقارن هذا الجعل بما يناظره من الموارد في القرآن الكريم، نجد أنّه يفيد معني: السُنّة الإلهيّة، كقوله تعالى: (( جَعَلَ لَكُم مِمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً )) (النحل:81)، و (( وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً )) (نوح:16)، ونحوهما. ثانياً: إنّ هذا الخليفة ليس هو مطلق الإنسان، فيكون من قبيل قوله تعالى: (( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُم خَلاَئِفَ فِي الأَرضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفرُهُ )) (فاطر:39). وإنّما المقصود به: إنسان بخصوصه, وذلك بقرينة اللآيات اللاحقة التي أثبتت أنّ هذا الموجود الأرضي إنّما استحقّ الخلافة الإلهيّة لأنّه عُلّم الأسماء كلّها مباشرة منه تعالى؛ (( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسمَاءَ كُلَّهَا )) (البقرة:31)، ثمّ صار واسطة بينه تعالى وبين ملائكته؛ (( قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئهُم بِأَسمَائِهِم )) (البقرة:33)، ومن الواضح أنّه لا يمكن أن يراد به كلّ إنسان, حتّى أُولئك الذين عبّر عنهم القرآن الكريم: (( أُولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم أَضَلُّ )) (الأعراف:179), إذاً فهذه الآية تدلّ على ضرورة استمرار الخلافة الإلهيّة. الآية الثانية: قوله تعالى لإبراهيم الخليل(عليه السلام): (( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) (البقرة:124). وهذه الإمامة هي غير النبوّة والرسالة التي كانت لإبراهيم(عليه السلام)، والشاهد على ذلك: 1- ((طلب الإمامة للذرّية، حيث قال: (( وَمِن ذُرِّيَّتِي )) .. ومن الواضح أنّ حصول إبراهيم(عليه السلام) على الذرّية كان في كبره وشيخوخته، كما قال: (( الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الكِبَرِ إِسمَاعِيلَ وَإِسحَاقَ )) (إبراهيم:39), وحكى سبحانه عن زوجة إبراهيم: (( قَالَت يَا وَيلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعلِي شَيخاً إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ عَجِيبٌ )) (هود:72), ولا يصحّ هذا الطلب إلاّ لمن كان عنده ذرّية، أمّا من كان آيساً من الولد ويجيب مبشّريه بقوله: (( قَالَ أَبَشَّرتُمُونِي عَلَى أَن مَسَّنِيَ الكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ )) (الحِجر:54), فلا يصحّ منه والحالة هذه أن يطلب أي شيء لذرّيته)) (4) . ولو كان ذلك في أوائل حياته وقبل أن يرزق الذرّية، لكان من الواجب أن يقول: (ومن ذرّيتي إن رزقني ذرّية)، وإلاّ لزم منه أن يخاطب الخليل(عليه السلام) ربّه الجليل بما لا علم له به، وهذا ما يتنزّه عنه مقام إبراهيم(عليه السلام). 2- ((إنّ قوله تعالى: (( وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً )) ، يدلّ على أنّ هذه الإمامة الموهوبة إنّما كانت بعد ابتلائه بما ابتلاه الله به من الامتحانات، وليست هذه إلاّ أنواع البلاء التي ابتلي(عليه السلام) بها في حياته، وقد نصّ القرآن على أنّ من أوضحها قضيّة ذبح إسماعيل(عليه السلام)، قال تعالى: (( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذبَحُكَ )) ، إلى أن قال: (( إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاَءُ المُبِينُ )) (الصافات:102)  )) (5) . وهذا ما أكّدته جملة من الروايات الصحيحة الواردة في المقام، عن الإمام الصادق(عليه السلام) في حديث مطوّل يقول فيه: (وقد كان إبراهيم(عليه السلام) نبيّاً وليس بإمام حتّى قال الله: (( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً )) ) (6) . وهذه الإمامة التي تثبت لإبراهيم(عليه السلام) طلبها لذرّيته من بعده، حيث قال: (( وَمِن ذُرِّيَّتِي )) وقد استجاب الحقّ سبحانه دعاءه، ولكن لم يجعلها في الظالمين من ذرّيته، وإنّما في غيرهم. يقول الرازي في ذيل هذه الآية: ((وقوله: (( وَمِن ذُرِّيَّتِي )) طلب للإمامة التي ذكرها الله تعالى، فوجب أن يكون المراد بهذا العهد: هو الإمامة، ليكون الجواب مطابقاً للسؤال، فتصير الآية كأنّه تعالى قال: (لا ينال الإمامة الظالمين, وكلّ عاصٍ فإنّه ظالم لنفسه)، فكانت الآية دالّة على ما قلناه. فإن قيل: ظاهر الآية يقتضي انتفاء كونهم ظالمين ظاهراً وباطناً، ولا يصحّ ذلك في الأئمّة والقضاة. قلنا: أمّا الشيعة، فيستدلّون بهذه الآية على صحّة قولهم في وجوب العصمة ظاهراً وباطناً. وأمّا نحن فنقول: مقتضى الآية ذلك. إلاّ أنّا تركنا اعتبار الباطن، فتبقى العدالة الظاهرة معتبرة)) (7) . لكن لم يبيّن لنا الرازي، لماذا ترك ما دلّت عليه الآية من وجوب العصمة ظاهراً وباطناً, واكتفى بالعدالة الظاهريّة، مع اعترافه بدلالة الآية على ذلك.. وكيف كان (( سَتُكتَبُ شَهَادَتُهُم وَيُسأَلُونَ )) (الزخرف:19)! ومن الواضح أنّ استجابة دعائه في ذرّيته، لا يختص بالصُلبيّين فقط، بل هو شامل لجميع ذرّيته شريطة أن لا يكون ظالماً. وهذا ما أكّده الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: (إنّ الإمامة خصّ الله عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل(عليه السلام) بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره، فقال: (( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً )) ، فقال الخليل(عليه السلام) سروراً بها: (( وَمِن ذُرِّيَّتِي )) ، قال الله تبارك وتعالى: (( لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) ، فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة, ثمّ أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة والطهارة، فقال: (( وَوَهَبنَا لَهُ إِسحَاقَ وَيَعقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلنَاهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا وَأَوحَينَا إِلَيهِم فِعلَ الخَيرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ )) (الأنبياء:72-73), فلم تزل في ذرّيته يرثها بعضاً عن بعض, قرناً فقرناً، حتّى ورّثها الله تعالى النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال تعالى: (( إِنَّ أَولَى النَّاسِ بِإِبرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤمِنِينَ )) (آل عمران:68)، فكانت له خاصّة, فقلّدها عليّاً(عليه السلام) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله, فصارت في ذرّيته الأصفياء، الذين آتاهم الله العلم والإيمان، بقوله تعالى: (( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَالإِيمَانَ لَقَد لَبِثتُم فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَومِ البَعثِ )) (الروم:56)، فهي في ولد عليّ(عليه السلام) خاصّة إلى يوم القيامة)) (8) . الآية الثالثة: (( وَإِذ قَالَ إِبرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَومِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ )) (الزخرف:26-28). ذهب جمع من المفسّرين إلى أنّ الكلمة الباقية في عقب إبراهيم(عليه السلام) هي: كلمة التوحيد؛ إذ براءته ممّا يعبد قومه، واتجاهه نحو الذي فطره، هو عين معنى كلمة التوحيد (لا إله إلاّ الله)، وقوله: (( لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ )) , أي: يرجع المشرك منهم بدعوة الموحّد إلى الله تعالى (9) . إذاً فقد جعل الله تعالى التوحيد باقياً في ذرّية إبراهيم(عليه السلام) وعقبه، ولا تخلو ذرّيته من الموحّدين. وقد بيّنا في كتاب (العصمة) أنّ جميع المعاصي نوع، بل مرتبة من مراتب الشرك بالله تعالى، والتوحيد الذي جعله الله تعالى باقياً في عقب إبراهيم(عليه السلام) لا بدّ أن يكون التوحيد الحقيقي، الذي لا يشوبه شيء من الشرك أبداً؛ ليستحقّ الإشادة به في القرآن الكريم، وإلاّ فلا يمكن أن يريد به التوحيد الذي وصفه الله سبحانه بقوله: (( وَمَا يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُشرِكُونَ )) (يوسف:106). هذا مضافاً إلى: أنّ ظاهر الآية يفيد أنّ هذا التوحيد الباقي في عقبة هو التوحيد الإبراهيمي الذي لم يخالطه أدنى شرك بالله العظيم. لكن من كان يتحلّى بمثل هذا التوحيد الحقيقي علماً وعملاً؟ ومن كان يحمل بين جوانحه ما يحمله شيخ الموحّدين الذي (( قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسلِم قَالَ أَسلَمتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ )) (البقرة:131) ؟ لا شكّ أنّ الذي يتحلّى بذلك هو الذي ناله عهد الله سبحانه من ذرّية الخليل(عليه السلام) حينما: (( قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ )) (البقرة:134). ومن هنا يتّضح جليّاً بقاء الإمامة التي جعلها الله تبارك وتعالى لخليله إبراهيم، ببقاء تلك الكلمة المباركة في عقبة وذرّيته (10) .. الطريق الثاني: الروايات: هناك طوائف متعدّدة من الروايات تشير إلى أنّ ظاهرة الإمامة مستمرّة غير منقطعة، نقف عند بعضها: الطائفة الأُولى: روايات حديث الثقلين: هذا الحديث يكاد يكون متواتراً، بل هو متواتر فعلاً، إذا لوحظ مجموع رواته من الشيعة والسُنّة وفي مختلف الطبقات، واختلاف بعض الرواة في زيادة النقل ونقيصته، تقتضيه طبيعة تعدّد الواقعة التي صدر فيها، ونقل بعضهم له بالمعنى، وموضع الالتقاء بين الرواة متواتر قطعاً. وحسب الحديث لأن يكون موضع اعتماد الباحثين, أن يكون من رواته كلّ من: صحيح مسلم, وسنن الدارمي, وخصائص النسائي, وسنن أبي داود, وابن ماجة, ومسند أحمد, ومستدرك الحاكم, وذخائر الطبري, وحلية الأولياء, وكنز العمّال, وغيرهم.. وأن تعنى بروايته كتب المفسّرين، أمثال: الرازي, والثعلبي, والنيسابوري, والخازن, وابن كثير, وغيرهم.. بالإضافة إلى الكثير من كتب التاريخ, واللغة, والسير, والتراجم, وما أظنّ أنّ حديثاً يملك من الشهرة ما يملكه هذا الحديث، وقد أوصله ابن حجر في (الصواعق المحرقة) إلى نيّف وعشرين صحابيّاً، يقول في كتابه: ((ثمّ اعلم أنّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرة وردت عن نيّف وعشرين صحابيّاً)) (11) . وفي (غاية المرام) وصلت أحاديثه من طرق السُنّة إلى (39) حديثاً، ومن طرق الشيعة إلى (82) حديثاً (12) . بل في (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار) للإمام السيّد حامد حسين اللكهنوي, ذكر أنّ هذا الحديث: ((رواه عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أكثر من ثلاثين صحابيّاً, وما لا يقلّ عن ثلاثمائة عالم من كبار علماء أهل السُنّة, في مختلف العلوم والفنون, في جميع الأعصار والقرون, بألفاظ مختلفة وأسانيد متعدّدة, وفيهم أرباب الصحاح والمسانيد وأئمّة الحديث والتفسير والتاريخ, فهو حديث صحيح متواتر بين المسلمين)) (13) . ولسان الحديث, كما في رواية زيد بن أرقم: (إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي, أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض, وعترتي أهل بيتي, ولن يفترقا حتّى يردا علَيَّ الحوض, فانظروا كيف تخلّفوني فيهما) (14) . ومقتضى عدم افتراق العترة عن القرآن الكريم، هو بقاء العترة إلى جنب القرآن إلى يوم القيامة، وعدم خلوّ زمان من الأزمنة منهم؛ لأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض. يقول ابن حجر: ((وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم, للتمسّك به إلى يوم القيامة, كما أنّ الكتاب العزيز كذلك, ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض)) (15) . الطائفة الثانية: روايات: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة): ورد مضمون هذا الحديث بعبارات مختلفة في كلمات الأعلام من الفريقين، منهم: الاسكافي المعتزلي في (المعيار والموازنة) ... المزید واليعقوبي في (تاريخه), وابن عبد ربّه في (العقد الفريد), وأبو طالب المكّي في (قوت القلوب)... وغيرهم (16) . يقول ابن أبي الحديد: ((كي لا يخلو الزمان ممّن هو مهيمن لله تعالى على عباده, ومسيطر عليهم, وهذا يكاد يكون تصريحاً بمذهب الإمامية, إلاّ أنّ أصحابنا يحملونه على أنّ المراد به: الأبدال)) (17) . وقال ابن حجر: ((وفي صلاة عيسى(عليه السلام) خلف رجل من هذه الأُمّة, مع كونه في آخر الزمان, وقرب قيام الساعة, دلالة للصحيح من الأقوال: أنّ الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجّة)) (18) . أمّا في المجاميع الحديثيّة الشيعيّة, فقد وردت المئات من الروايات التي تؤكّد هذه الحقيقة, وهي: أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله تعالى, وأنّها لو خلت لساخت بأهلها. ويمكن مراجعة جملة منها في بحار الأنوار, بحيث بلغت زهاء (120 رواية) بهذا المضمون، أو ما يقرب منه, ومن أمثلة ذلك: 1- عن الإمام الصادق(عليه السلام): (ولولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها, ثمّ قال: ولم تخلو الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور, ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها) (19) . 2- قال الصادق(عليه السلام): (لو لم يبق في الأرض إلاّ رجلان لكان أحدهما الحجّة) (20) . الطائفة الثالثة: روايات: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة)، أو ما يقرب من مضمونه: مثل: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهليّة)، أو: (من مات وليس عليه إمام جماعة, فإنّ موتته موتة جاهليّة)، أو: (من مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة). وتناقلت كتب الحديث السُنيّة فضلاً عن الموسوعات الحديثيّة الشيعيّة, هذا الحديث بألفاظ مختلفة, فقد نقله... ومسلم, وابن حنبل, وابن حبّان, والطبراني, والحاكم النيسابوري, وأبو نعيم الأصفهاني, وابن الأثير الجزري, والطيالسي, والدولابي, والبيهقي... وابن أبي الحديد, والنووي, والذهبي, وابن كثير, والتفتازاني, والهيثمي, والمتقي الهندي... والقندوزي الحنفي, والإسكافي المعتزلي, وغيرهم (21) . ولا بدّ من الإشارة هنا إلى نكتة, وهي: قد يستشكل بعض على جملة من هذه الروايات التي ترد في مثل هذه البحوث بأنّها ضعيفة السند, إلاّ أنّ هذا الإشكال غير تام بحسب الموازين العلميّة الثابتة في محلّها؛ لأنّ هذه الروايات ليست هي آحاد, حتّى يمكن الإشكال السندي فيها. ودمتم في رعاية الله

1