ALi Almadride ( 20 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

توسل

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» كيف نعرف أن الوسيلة هنا هي التوسل بآل البيت ع والأولياء والأنبياء ؟ وكيف نرد على من يقول بأن الوسيلة هنا هي الأعمال الصالحة والعروج إلى الله عز وجل بالتقوى والعبادات فهي تعتبر وسيلة لنيل رضا الله والإقتراب منه ؟ أي كيف نستدل على أن الوسيلة هنا هي التوسل بالصالحين وشكراً . أتمنى الإجابة وبوركتم


كلمة " الوسيلة " في الأصل بمعنى نشدان التقرب أو طلب الشئ الذي يؤدي إلى التقرب للغير عن ميل ورغبة، وعلى هذا الأساس فإن كلمة " الوسيلة " الواردة في هذه الآية لها معان كثيرة واسعة، فهي تشمل كل عمل أو شئ يؤدي إلى التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وأهم الوسائل في هذا المجال هي الإيمان بالله وبنبيه (صلى الله عليه وآله ) واهل البيت عليهم السلام والجهاد في سبيل الله، والعبادات كالصلاة والزكاة والصوم، والحج إلى بيت الله الحرام وصلة الرحم والإنفاق في سبيل الله سرا وعلانية وكذلك الأعمال الصالحة - كما يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في خطبة له وردت في " نهج البلاغة " منها: " إن أفضل ما توسل به المتوسلين إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقامة الصلاة فإنها الملة وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب، وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر، ويرحضان الذنب، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنساة في الأجل وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان ... المزید " كما أن شفاعة الأنبياء والأئمة والأولياء الصالحين تقرب - أيضا - إلى الله وفق ما نصر عليه القرآن الكريم، وهي داخلة في المفهوم الواسع لكلمة " الوسيلة " - وكذلك اتباع النبي والإمام والسير على نهجهما، كل ذلك يوجب التقرب إلى الساحة الإلهية المقدسة. وحتى عندما نقسم على الله بمقام الأنبياء والأئمة والصالحين فأنه يدل على حبنا لهم والاهتمام بالدين الذي دعوا إليه، هذا القسم يعتبر - أيضا - واحدا من المعاني الداخلة في المفهوم الواسع لكلمة " الوسيلة ". والذين خصصوا هذه الآية وقيدوها ببعض هذه المفاهيم لا يمتلكون في الحقيقة أي دليل على هذا التخصيص، لأن كلمة " الوسيلة " تطلق في اللغة على كل شئ يؤدي إلى التقرب. والجدير بالذكر هنا هو أن المراد من التوسل لا يعني - أبدا - طلب شئ من شخص النبي أو الإمام، بل معناه أن يبادر الإنسان المؤمن - عن طريق الأعمال الصالحة والسير على نهج النبي والإمام - بطلب الشفاعة منهم إلى الله، أو أن يقسم بجاههم وبدينهم (وهذا يعتبر نوعا من الاحترام لمنزلتهم وهو نوع من العبادة) ويطلب من الله بذلك حاجته، وليس في هذا المعنى أي أثر للشرك، كما لا يخالف الآيات القرآنية الأخرى، ولا يخرج عن عموم الآية الأخيرة موضوع البحث " فتدبر ". التوسل في القرآن: هناك آيات قرآنية أخرى تدل بوضوح على أن التوسل بمقام إنسان صالح عند الله، وطلب شئ من الله عن طريق التوسل بجاه هذا الإنسان عند الله، لا يعتبر أمرا محظورا ولا ينافي التوحيد. فنحن نقرأ في الآية (64) من سورة النساء قوله تعالى: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. كما نقرأ في الآية (97) من سورة يوسف، إن أخوة يوسف طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم الله، فقبل يعقوب هذا الطلب ونفذه. والآية (114) من سورة التوبة تشير إلى موضوع استغفار إبراهيم لأبيه، وهذا دليل على تأثير دعاء الأنبياء في حق الآخرين. وقد ورد هذا الموضوع في آيات قرآنية أخرى أيضا. التوسل في الروايات الإسلامية: إن الروايات العديدة التي وردت عن طرق الشيعة والسنة تفيد بوضوح أن التوسل بالمعنى الذي عرضناه لا ريب ولا شبهة فيه، بل أنه يعد عملا جيدا أيضا، وهذه الروايات كثيرة وقد نقلتها كتب عديدة، ونحن نورد بعضا منها مما ورد في مصادر جمهور السنة على سبيل المثال لا الحصر. 1 - جاء في كتاب " وفاء الوفا " لمؤلفه العالم السني المشهور " السمهودي " إن طلب العون والشفاعة من النبي (صلى الله عليه وآله ) أو التوسل إلى الله بجاه النبي وشخصه جائز قبل أن يولد (صلى الله عليه وآله ) وبعد ولادته ووفاته وفي عالم البرزخ وفي يوم القيامة، ثم ينقل " السمهودي " في هذا المجال عن عمر بن الخطاب الرواية المعروفة التي تتحدث عن توسل آدم (عليه السلام) إلى الله بنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله) وذلك لعلم آدم بأن هذا النبي سيأتي إلى الوجود في المستقبل، ولعلمه بالمنزلة العظيمة التي يحظى بها عند الله، فيقول آدم: " رب إني أسألك بحق محمد لما غفرت لي " ثم ينقل " السمهودي " حديثا آخر عن جماعة من رواة الحديث كالنسائي والترمذي، وهما عالمان مشهوران من أهل السنة، كدليل على جواز التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله ) في حياته وخلاصة هذا الحديث إن رجلا بصيرا طلب من النبي أن يدعو له بشفاء مريضه، فأمره النبي (صلى الله عليه وآله ) بتلاوة هذا الدعاء: " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي، اللهم شفعه في " وبعد هذا الحديث ينقل " السمهودي " حديثا ثالثا في جواز التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته، فيذكر أن صاحب حاجة جاء في زمن عثمان إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله )، فجلس بجوار القبر ودعا الله بهذا الدعاء: " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله ) نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن تقضي حاجتي ". ثم يضيف " السمهودي " إنه لم تمض فترة حتى فضيت حاجة الرجل 2 - أما صاحب كتاب " التوصل إلى حقيقة التوسل " الذي يعارض بشدة موضوع التوسل فهو ينقل (26) حديثا من كتب ومصادر مختلفة ينعكس منها جواز التوسل، ومع أنه سعى في أن يطعن بإسناد تلك الأحاديث، إلا أن الواضح هو أنه متى ما كانت الروايات كثيرة - في موضوع معين لدرجة التواتر - لا يبقى عند ذلك مجال للطعن، والتجريح في سند الحديث، والروايات التي وردت في المصادر الإسلامية بشأن التوسل قد تجاوزت حد التواتر لكثرتها. ومن هذه الأحاديث التي رواها صاحب الكتاب المذكور، الحديث التالي: نقل " ابن حجر المكي " صاحب كتاب " الصواعق " عن الإمام " الشافعي "، وهو أحد أئمة السنة الأربعة المشهورين، أنه كان يتوسل إلى أهل بيت النبي ويقول: آل النبي ذريعتي * وهم إليه وسيلتي أرجو بهم أعطى غدا * بيد اليمين صحيفتي …

5