logo-img
السیاسات و الشروط
Hasan Falah ( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

تفسير الآية رقم11من سورة الرعد

سؤال / ما تفسير الآية ((له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وآل)) آية 11 من سورة الرعد .


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته مرحباً بك أيها السائل الكريم جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٤-٣٥٧: علمنا في الآيات السابقة أن الله بما أنه عالم الغيب والشهادة فإنه يعلم أسرار الناس وخفاياهم، وتضيف هذه الآية أنه مع حفظ وحراسة الله لعبادة فإن له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله (1). ولكي لا يتصور أحد أن هذا الحفظ بدون شروط وينغمس في المزلات، أو يرتكب الذنوب الموجبة للعقاب، ومع كل ذلك ينتظر من الله أو الملائكة أن يحفظوه، يعلل القرآن ذلك بقوله: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ماوكي لا يتبادر إلى الأذهان أنه مع وجود الملائكة الحافظة فأي معنى للعذاب أو الجزاء؟ هنا تضيف الآية وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ولهذا السبب فإنه حين صدور العذاب الإلهي على قوم أو أمة، فسوف ينتهي دور المعقبات ويتركون الإنسان عرضة للحوادث و" المعقبات " كما جاء في مجمع البيان للعلامة الطبرسي وكما قاله بعض المفسرين جمع (معقبة) وهي بدورها جمع (معقب) ومعناه المجموعة التي تعمل بشكل متناوب ومستمر. والظاهر من الآية أن الله سبحانه وتعالى أمر مجموعة من الملائكة بأن يحفظوا الإنسان في الليل والنهار ومن بين يديه ومن خلفه. إن الإنسان - بدون شك - معرض في حياته إلى كثير من الحوادث الروحية والجسمية، فالأمراض والمتغيرات في السماء والأرض محيطة بالإنسان، وخصوصا في مرحلة الطفولة التي لا يدرك فيها ما يجري حوله ويكون هدفا سهلا للإصابة بها، فقد يتعجب الإنسان كيف ينجو الطفل وينمو من بين جميع هذه الحوادث، وخصوصا في العوائل التي لا تدرك هذه المسائل وتعاني من قلة الإمكانيات كأبناء الريف الذين يعانون من الحرمان والفقر وهم معرضون للأمراض أكثر من غيرهم. وإذا ما أمعنا النظر في هذه المسائل فسوف نجد أن هناك قوى محافظة، تحفظ الإنسان في مقابل هذه الحوادث كالدرع الواقي. وكثيرا ما يتعرض الإنسان إلى حوادث خطرة ويتخلص منها بشكل إعجازي تجعله يشعر أن كل ذلك ليس صدفة وإنما هناك قوى محافظة تحميه. وهناك كثير من الأحاديث المنقولة عن أئمة المسلمين تؤكد ذلك ومن جملتها: الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية يقول: " يحفظ بأمر الله من أن يقع في ركي أو يقع عليه حائط أو يصيبه شئ، حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه يدفعونه إلى المقادير، وهما ملكان يحفظانه بالليل وملكان من نهار يتعاقبانه ". وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: " ما من عبد إلا ومعه ملكان يحفظانه فإذا جاء الأمر من عند الله خليا بينه وبين أمر الله ". ونقرأ في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) " إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ". كما نقرأ في نهج البلاغة في وصف الملائكة من الخطبة الأولى " ومنهم الحفظة لعباده ". إن عدم إدراكنا لوجود المعقبات عن طريق الحس أو التجربة العلمية ليس دليلا على عدم وجودهم، لأنه غير منحصر في هذا المجال فقط، فالقرآن الكريم والمصادر المعرفية الأخرى أشارت إلى أمور كثيرة وراء الحس والتي لا يمكن إثباتها بالطرق العادية. وأكثر من ذلك ما قلنا سابقا من أننا نتعرض في حياتنا إلى كثير من المخاطر والتي لا يمكن النجاة منها إلا بوجود هذه القوى المحافظة (ورأيت في حياتي بعض من هذه النماذج المحيرة، والتي كانت بالنسبة لي كشخص صعب التصديق دليلا على وجود هذا المعقب اللا مرئي). والتغيير يبدأ من النفس (قانون عام) تبين الجملة إن الله لا يغير ما بقوم والتي جاءت في موردين متفاوتين في القرآن الكريم، أنها قانون عام، قانون حاسم ومنذر! هذا القانون الذي هو واحد من القوانين الأساسية لعلم الاجتماع في الإسلام، يقول لنا: إن ما يصيبكم هو من عند أنفسكم، وما أصاب القوم من السعادة والشقاء هو مما عملت أيديهم، وما يقال من الحظ والصدفة وما يحتمله المنجمون ليس له أساس من الصحة، فالأساس والقاعدة هي إرادة الأمة إذا أرادت العزة والافتخار والتقدم، أو العكس إن أرادت هي الذلة والهزيمة، حتى اللطف الإلهي أو العقاب لا يكون إلا بمقدمة. فتلك إرادة الأمم في تغيير ما بأنفسهم حتى يشملهم اللطف أو العذاب الإلهي. دمتم في رعاية الله

3