حسن - الكويت
منذ 4 سنوات

خلق الشرور و الموت و الفقر

وأنا أقرأ كتاب التوحيد للشهيد المطهّري، يقول فيه: ((الشرور: هي عدم، وأُمور عدمية, فالموت ليس سوى عدم الحياة, وخالق الحياة لم يخلق الموت كوجود مستقل... وغاية الأمر هي أنّ الحياة ما دامت محدودة بحدّ, فإنّ ما بعد هذا الحدّ هو العدم)). وأمثال هذا الكلام يقوله كلّ علمائنا والفلاسفة, وهو موجود في موقعكم، واطّلعت عليه. ولكن السؤال يبقى هو: إنّ القرآن يخالف هذا المعتقد مخالفة صريحة؛ يقول تعالى: (( قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ )) (الفلق:1-2)، ويقول تعالى: (( الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلاً )) (الملك:2). فكيف تقولون: أنّ الشرور والموت والفقر والجهل أُمور عدمية لم يخلقها الله تعالى، والله تعالى يصرّح بأنّه خلق الشرّ وخلق الموت؟!


الأخ حسن المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذا أردنا أن نعرف ما معنى: (خلق الموت)، فيجب أوّلاً أن نعرف معنى الموت، فإذا فسّرنا الموت بأنّه: عدم الحياة في ما من شأنه الحياة، أصبحت العلاقة بين الحياة والموت علاقة العدم والملكة، فيكون الموت عدمي، ويكون معنى الآية: أنّه قدّر الموت والحياة، فإنّ الخلق يأتي بمعنى: التقدير، والتقدير يتعلّق بالحياة والموت.. أو: بما أنّ الموت عدم ملكة فله حظّ من الوجود، فهو: عدم إضافي، ومن هنا صحّ أن يوصف بالخلق، أو أنّه خلق الموت بالعرض؛ لأنّه خلق الحياة، فبانعدامها يحدث الموت، على غير ذلك من المعاني. وأمّا إذا فسّرنا الموت بأنّه: انتقال من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، فيكون وجودياً، وبالتالي فلا إشكال في وصفه بالخلق، ولا يكون عند ذلك شرّاً، ويخرج عن بحث كون الشرّ عدماً؛ لأنّه انتقال من عالم المادة إلى عالم البرزخ. وأمّا معنى قوله: (( قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ))  فليس له علاقة بالموضوع؛ لأنّه استعاذة من شرّ الأشياء التي خلقها الله سبحانه وتعالى. ودمتم برعاية الله

1