شهيد - لبنان
منذ 4 سنوات

حول علة الخلق

- ما هو سرّ وجودنا، ولماذا خلقنا الله تبارك وتعالى؟ - والعياذ بالله هل نستطيع أن نقول: أنّ الله ظلمنا عندما خلقنا في هذه الدنيا الدنيئة؟


الأخ شهيد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقول: تعالى الله عن الظلم؛ لأنّ الظلم فرع العجز والنقص، والله تعالى هو العزيز والغني والكامل؛ قال تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يَظلِمُ مِثقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفهَا وَيُؤتِ مِن لَدُنهُ أَجراً عَظِيماً )) (النساء:40). خلقنا الله تعالى لأجل إيصالنا إلى الكمال اللائق بنا، وبما أنّنا مخلوقون من جزءين: الأوّل مادّي، والآخر روحاني، فإنّنا يجب أن نقطع مراحل من التكامل المناسب للروح والمادّة كلّ بحسبه، ولا يكون التكامل إلاّ بانتهاج شرائع الله وأحكامه، وقد دلّت بعض الأخبار أنّ الغاية من خلق الإنسان هي المعرفة (1) ، وجاء في تفسير قوله تعالى: (( وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالأِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ )) (الذاريات:56). أي ليعرفون (2) ، فمعرفة الله تعالى تؤدّي إلى تكامل الإنسان وتزلّفه من الله وتقرّبه إليه، ولذلك كانت العبادات مقيّدة بقصد القربة إليه عزّ وجلّ. وأيضاً الوجود خير محض، فإذا تأمّلنا ما يقال له: خير، وجدناه وجوداً، وإذا تأمّلنا ما يقال له: شرّ، وجدناه عدماً، فالقتل مثلاً شرّ، ولكن إذا تأمّلناه وجدنا أنّ شرّيته باعتبار ما يتضمّن من العدم، وهو: إزهاق الروح؛ فإنّه ليس شرّاً من حيث قدرة القادر عليه، وإلاّ فإنّ القدرة كمال للإنسان؛ ولا من حيث أنّ الآلة قاطعة؛ فإنّها أيضاً كمال لها، ولا من حيث حركة أعضاء القاتل، ولا من حيث قبول العضو للتقطيع، فليس الشرّ إلاّ هذا العدم وباقي القيود الوجودية خيرات.. وهكذا ما يحصل في هذه الدنيا من الجهالات المركّبة، والعقائد الفاسدة، والأوهام الخرافية، والملكات الرذيلة، والأخلاق الذميمة، فليس ذلك إلاّ أعدام لا حقيقة لها، والله تعالى قد خلق الإنسان وسائر المخلوقات، وأفاض عليها نعمة الوجود، وأردفها بأصناف الآلاء والمواهب التي لا تحصى، فلا ينبغي أن ينظر إلى بعض موجبات الشقاء من تلك الأعدام الإضافية على أنّها شرور مخلوقة وظلم من الباري عزّ وجلّ. ودمتم في رعاية الله

5