هل الله موجود في عالم الملكوت ؟
إذا كان الله أيّن الأين فلا أين له، وكيّف الكيف فلا كيف له، فنستنتج أنّ الله غير مادّياً ولا يمكن رؤيته... فبما أنّ الله غير مادّياً، وأنّ عالمنا عالم المادّة، فهل: الله غير موجود في عالمنا (سبحان الله، استغفر الله) وهو موجود في عالم الملكوت؟
الأخ حبيب المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ الله عزّ وجلّ ليس كمثله شيء، ولا تجري على الله تعالى أحكام المادّيات ولا المجرّدات في جميع عوالم الإمكان، سواء في الغيب أم الشهادة، ووجوده ليس على نحو الحلول في الأمكنة، حتّى يقال: إن لم يكن مادّياً فهو غير موجود في عالمنا، بل هو فضلاً عن كونه لا يحلّ بمكان مع ذلك لا يخلو منه مكان؛ لأنّ قوام كلّ شيء وحقيقته به عزّ وجلّ، ولا يمكن لشيء من الأشياء أن يوجد لحظة واحدة لو انقطع فيضه عنه؛ لأنّ الموجودات كافّة تفتقر إلى فيض الله عزّ وجلّ ووجوده، وقد ثبت في الفلسفة إنّ ملاك الاحتياج إلى العلّة هو: الإمكان، لا الحدوث، كما زعم المعتزلة، والممكن الذي يوجد لا ينقلب بوجوده إلى غني فيستغني عنه عزّ وجلّ، بل يبقى دائم الحاجة إليه في كلّ حين؛ لأنّه ممكن بذاته لا يفارقه الإمكان الذاتي وإن صار واجباً بغيره. فيجب عليك أن تعلم: 1- إنّ الله تعالى خالق كلّ شيء وليس كمثله شيء. 2- لا يجري عليه سبحانه ما هو أجراه على خلقه؛ فالذي كيّف الكيف لا كيف له، والذي أيّن الأين لا أين له، وهكذا. 3- لا يقاس ربّنا عزّ وجلّ بمخلوقاته؛ لأنّ الخلق جميعاً في عالم الإمكان وهو عالم الفقر والحاجة، بينما هو سبحانه واجب الوجود بذاته وغني عن العالمين. 4- هو أقرب إلينا من حبل الوريد ليس على نحو القرب المكاني, وهو محيط بكلّ شيء ليس على نحو السعة والاحتواء فيكون ظرفاً, تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً، بل إحاطته إحاطة علم ووجود وإفاضة وإشراق وقيّومية. ودمتم في رعاية الله