ابو دانية - ايسلندا
منذ 4 سنوات

لا تتعلق قدرته تعالى بالمستحيلات الذاتية

سؤالي: عن قدرة الله تعالى: إنّ مفهوم المسيحيين في قدرة الله تعالى يختلف عن مفهومنا نحن المسلمين؛ فإنّهم يطرحون سؤالاً لنا: هل الله تعالى يقدر أن يخلق خالقاً ثانياً بنفس المستوى لا يكون فرق بينهم أبداً، يكون أزلي ولا زمان ولا مكان... ووو؟ أو: هل يقدر أن يجعل رقم خمسة ستّة عشر؟ حسب علمي نحن المسلمين نقول: لا يمكن ذلك؛ لأنّه يعتبر من التناقض، لكن هذا لا يعني أنّ الله تعالى محدود. فممكن من سماحتكم أن توضّحوا لي كيف يكون ذلك؟ فقد يقال عنه: أنّه غير قادر على كلّ شيء، وإن كان متناقضاً.


الأخ محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته القدرة لا تتعلّق بما هو مستحيل أو ممتنع، بل تتعلّق بما هو ممكن، فالله تعالى على كلّ شيء قدير، ولكن لا تتعلّق قدرته بخلق خالق آخر مثله من جميع الجهات، عزّ شأنه وتعالى عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً. وذلك لأنّ الإله المخلوق لا يمكن أن يكون إلهاً؛ لأنّه مخلوق، والمخلوق كيف يصحّ أن يكون إلهاً فضلاً عن أن يكون مثله، فلو فرضنا أنّ الله تعالى قادر على إيجاد مثل هذا الإله، فهل تتعلّق قدرته بجعل المقدور والمخلوق قادراً وخالقاً غير مقدور ولا مخلوق؟! هذا هو التناقض بعينه! لأنّ الإله الثاني؛ المفروض أنّه مثله تعالى في جميع الجهات، فإمّا أن نقول: أنّه غير مخلوق، أو نقول: إنّه مخلوق، فإذا قلنا: بأنّه غير مخلوق، فكيف جاز أن نفرضه إلهاً ثانياً مقدوراً لله وهو عدم غير موجود؟ وهل معنى أن يوجده الله بعد ذلك إلاّ أنّه مخلوق له؟! وأمّا إذا قلنا: بأنّه مخلوق، فكيف يكون مثله تعالى من جميع الجهات؛ إذ الله تعالى غير مخلوق؟! فثبت أنّ القدرة الإلهية لا تتعلّق بإيجاد هذا الإله، ولا يقدح ذلك في كونه تعالى قادراً على كلّ شيء؛ لأنّه قادر على الممكن دون المستحيل والممتنع الذاتي، فإنّه لا يقال: إنّ الله تعالى غير قادر على المستحيل والممتنع، بل يقال: أنّ قدرته لا تتعلّق بالمستحيلات الذاتية، التي لو أمكنت لكان قادراً عليها، ولكنّها تأبى عن الإمكان فلا تتعلّق بها القدرة، فالقصور ليس من الفاعل وإنّما من القابل. وهذا الأمر ليس له علاقة بمعنى القدرة عند الطرفين (المسلمين والمسيحيين) بقدر ما له علاقة بالبداهة العقلية، وهو شبيه من هذه الجهة بقولهم بالثالوث. ودمتم في رعاية الله

3