محاسبة الاب الظالم لبناته بقول او فعل
هل يحاسب الله الأب الذي يؤذي بناته بفعل أو قول ويظلمهن ويقسو عليهن الأمر الذي يجعلهن يدعين عليه بالموت مع العلم امي متوفيه وهو متزوج بأخرى ولكن بعد فتره من الوقت يتراجعن عن كلامهن لانهن يحببن والدهم ويحترمنه ولايخالفن له امر ويطيعنه ولكنه بالمقابل لايجدن سوى الاذية وكسر الخاطر والقلب فما حكم هذا الاب هل يحاسبه الله على كل هذا ام لانه والد ويجب اطاعته فتسقط عنه ؟
بسم الله الرحمن الرحيم عليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الاسرة الظلم والعدوان قبيح ومذموم في الشريعة من اي شخص صدر ، ويعاقب فاعله ما لم يتب ويستغفر الله تعالى من ذنبه ، ولو كان ذلك الفاعل للظلم هو الاب والمظلوم هم الابناء بل ربما يكون ذلك من اشد انواع الظلم والعدوان . ابنتي العزيزة مهما يكن تصرف ابيكم تجاهكم فلابد ان تعملوا انتم بتكليفكم الشرعي تجاهه ولا يستدرجكم الشيطان وسوء تصرفه معكم لان تكونوا من اهل العقوق للاباء والامهات فان ذلك من المعاصي الكبيرة ففي الحديث ( وان ضرباك فلا تنهرهما وقل غفر الله لكما ) . وقد امر الله تعالى بالبر بالوالدين والاحسان اليهما في كل حال من احوالهم فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم ( وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً * وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) سورة الاسراء الاية ٢٣ ،٢٤ وقد ورد التأكيد في الشريعة الاسلامية على التحذير من عقوق الوالدين فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الاحسان) و قال الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام ( ثلاث لم يجعل الله عزوجل لاحد فيهن رخصة : أداء الامانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين ) و قال الامام أبي عبد الله الصادق عليه السلام ( من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة ) ، فالحذر من الوقوع في عقوق الوالدين فانها من اعظم المعاصي فادعوا له بصلاح الحال والهداية والاستقامة وحسن العاقبة بدل ان تدعوا عليه بالسوء فانه وان كان مقصراً في حقكم كما تقولون فانه كان محسناً لكم في يوم من الايام لاسيما ايام الطفولة والصغر فلا تنسىوا فضله واحسانه وبره بكم وعطفه عليكم . وقد يكون هذا الذي تعانون منه من الابتلاء لكم حيث يبتلي الله تعالى عباده ببعض الابتلاءات الدنيوية قال تعالى ( وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ) محمد ٣١ فيبتلي بعض عباده بالفقر وبعض بالمرض وبعض اخر بعدو وبعض اخر بزوجة سيئة الخلق واخر بزوج سيء الخلق او اولاد ٌ عاقين وبعضهم يبتليه الله تعالى بوالدين سيئين وغيرها من صور الابتلاء ولم يستثنِ الله احداً من هذا القانون . والمطلوب من المؤمن ان يحسن التصرف حين التعرض للابتلاء وان يتحلى بالصبر على ما ابتلاه الله تعالى وان يحاول ان يغير مستعيناً به تعالى . تأملوا في فقرات هذا الدعاء المروي عن الامام زين العابدين وهو من ادعية الصحيفة السجادية حيث يقول الامام عليه السلام ( . اللهم وما تعديا ( يعني بذلك الوالدين ) عليَّ فيه من قول، أو أسرفا علي فيه من فعل، أو ضيعاه لي من حق أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته وجدت به عليهما، ورغبت إليك في وضع تبعته عنهما فإني لا أتهمهما على نفسي، ولا أستبطئهما في بري، ولا أكره ما تولياه من أمري يا رب فهما أوجب حقا علي، وأقدم إحسانا إلي وأعظم منة لدي من أن أقاصهما بعدل، أو اجازيهما على مثل، أين إذا يا إلهي طول شغلهما بتربيتي؟ وأين شدة تعبهما في حراستي؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، ولا ادرك ما يجب علي لهما ولا أنا بقاض وظيفة خدمتهما. فصل على محمد وآله وأعني يا خير من استعين به. ووفقني يا أهدى من رغب إليه، ولا تجعلني في أهل العقوق للآباء والامهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون. ) تأملوا في ذلك كله وحاولوا انتم ان تتقربوا الى ابيكم ولا تبتعدوا منه حتى تجعلوه قريباً منكم محباً لكم ، واياكم ان تتصرفوا معه تصرفاً يسوؤه فتزداد حالة النفور التي بينكم ، جربوا ان تقدموا له بين الحين والاخر هدية مما يحب وان تسعوا في قضاء حوائجه وان تبادروا الى ذلك قبل ان يطلب منكم ، اشعروه بمحبتكم له وطلبكم رضاه افعلوا ما يسره وتجنبوا ما يسوؤه مما لا يتعارض مع واجباتكم الشرعية ، حاولوا ان تعرفوا لماذا يتعامل معكم بهذا الشكل الذي وصفتموه واسعوا الى معالجة الاسباب التي تؤدي الى ذلك ، كونوا قريبين منه اجلسوا معه وتحدثوا اليه واعرفوا ان كان قد صدر منكم تقصير في حقه لم تكونوا ملتفتين اليه فتتداركوه ، كذلك لتكن علاقتكم بزوجته وبمن يحب علاقة طيبة مبنية على الاحترام والمودة فان ذلك حتماً سينعكس على طبيعة علاقته بكم . وفقنا الله واياكم لان نكون من المحسنين البارين بالاباء والامهات . دمتم في رعاية الله وحفظه