المجيب - السعودية
منذ 5 سنوات

 أسماء الله الحسنى (1)

((ولا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى رجوع الصفات الثبوتية إلى السلبية)).. هذه العبارة غير واضحة؛ لأنّه يوجد في ذلك خلاف، فمنهم من أرجع الصفات السلبية إلی الثبوتية، ومنهم من أرجع الثبوتية إلی السلبية. هل في ذلك إشارة إلی (السالبة بانتفاء الموضوع)، فرجوع الصفات الثبوتية إلی السلبية يعطی لا شيء، أو لا وجود؟


الاخ المجيب المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته معنى رجوع الصفات الثبوتية إلى الصفات السلبية هو: رجوع صفة ثبوتية مثل العلم إلى صفة سلبية هي عدم الجهل, وصفة ثبوتية مثل القدرة إلى صفة سلبية هي عدم العجز.. وهلم جرّا. مع أنّ الصفات السلبية ترجع جميعها إلى سلب الإمكان عنه. أو قل: سلب كلّ نقص عنه سبحانه وتعالى، مثل: سلب الجسمية، وسلب السكون، وسلب الحركة، وسلب الثقل، وسلب الخفّة.. وهكذا، وسلب الإمكان يرجع في الحقيقة إلى وجوب الوجود. والمتعجَّب منه في قول الشيخ المظفّر هو: الصدوق(رحمه الله)؛ عندما قال في كتابه (الاعتقادات): ((كلّ ما وصفنا الله تعالى به من صفات ذاته، فإنّما نريد بكلّ صفة منها نفي ضدّها عنه تعالى)) (1) . قال المظفّر في كرّاسه (الفلسفة الإسلامية): ((والعجب من الشيخ الصدوق في تفسير الصفات الثبوتية من التصوّر في فهم عينية الصفات للذات؛ فتصوّر أنّها ترجع إلى أمور سلبية، وفي نظره يمكن تصوّر انطباق عدّة سلوب على موضوع واحد، فهو يذكر في عقائده أنّ معنى أنّ الصفات الثبوتية عين الذات هو باعتبار أنّها ترجع إلى السلب؛ فمعنى الحياة هو: عدم الموت، ومعنى العلم: عدم الجهل، ومعنى القدرة: عدم العجز، فهذه سلوب يمكن انطباقها على ذات واحدة، فيتبيّن من هذا الكلام أنّ الله تعالى هو مجموعة سلوب، نحن نحترم الشيخ الصدوق - كمحدّث وناقل - فإذا تحدّث عن مثل هذه الأمور فلا نقبل آراءه)) (2) . ومثله تعجّب السيّد الخميني(قدّس سرّه) من القاضي سعيد القمّي على ما قاله في (شرح توحيد الصدوق) ضمن عنوان: (في رجوع تلك الصفات، أي الذاتية منها، إلى سلب نقائضها) (3) ؛ قال السيّد الخميني(قدّس سرّه) في كتابه: (مصباح الهداية): ((إنّي لأتعجّب من العارف المتقدّم ذكره - القاضي سعيد القمّي(رحمه الله) - مع علو شأنه وقوّة سلوكه، كيف ذهل عن ذلك المقام الذي هو مقام نظر العرفاء العظام، حتّى حكم بنفي الصفات الثبوتية عن الحقّ عزّ وجلّ شأنه، وحكم بأنّ الصفات كلّها ترجع إلى معانٍ سلبية، وتحاشى كلّ التحاشي عن عينية الصفات للذات)) (4) . وسبب عجب المظفّر إنّما هو لأجل أنّ صفات الجلال (الصفات السلبية) ترجع جميعها إلى سلب واحد، هو: سلب الإمكان عنه، ثمّ إنّ مرجع سلب الإمكان هو: وجوب الوجود، فمن يذهب إلى إرجاع الصفات الثبوتية إلى الصفات السلبية، فإنّما جعله كلاشيء، وكأنّما يقوم بإرجاع (وجوب الوجود) إلى (سلب الإمكان) بعد أن جعل معناه مجموعة سلوب، والحال أنّ العكس هو الصواب؛ فإنّ الإمكان هو أصل النقص ومجمع النقائص، وسلبه يعني سلب جميع النقائص، وهو يرجع إلى إيجاب الكمالات، وإنّ الوجود ضروري الثبوت له، أي: وجوب الوجود. وسبب عجب السيّد الخميني(قدّس سرّه) هو لأجل أنّ ما يظهر في آثار الأئمّة ورواياتهم من نفي الصفات، إنّما هو نفيها عن الهوية الغيبية الأحدية المقهورة عندها الأسماء والصفات في مقام الفيض الأقدس، وما جاء من وصف الذات بصفات الكمال في القرآن والروايات إنّما وقع على الحضرة الواحدة بحسب الظهور والتجلّي في مقام الفيض المقدّس (5) . ودمتم في رعاية الله