أريد شرحاً لهذه الكلمات إن أمكن:
((وجاء فيها أنّ عمران الصابي قال للإمام(عليه السلام): أخبرني عن الكائن الأوّل، وعمّا خلق؟
فقال له(عليه السلام): سألت فافهم: أمّا الواحد، فلم يزل واحداً كائناً لا شيء معه بلا حدود وأعراض، ولا يزال كذلك، ثم خلق خلقاً مبتدعاً مختلفاً بأعراض وحدود مختلفة، لا في شيء أقامه، ولا في شيء حدّه، ولا على شيء حذاه ومثّله له، فجعل من بعد الخلق ذلك صفوة وغير صفوة، واختلافاً وائتلافاً، وألواناً وذوقاً وطعماً، لا لحاجة كانت منه إلى ذلك، ولا لفضل منزلة لم يبلغها إلاّ به، ولا رأى لنفسه فيما خلق زيادة ولا نقصاناً.
تعقّل هذا يا عمران؟
قال: نعم والله يا سيّدي.
- إلى أن قال -: إنّ الله المبدئ الواحد الكائن الأوّل، لم يزل واحداً لا شيء معه، فرداً لا ثاني معه، لا معلوماً ولا مجهولاً، ولا محكماً ولا متشابهاً، ولا مذكوراً ولا منسياً، ولا شيء يقع عليه اسم شيء من الأشياء غيره، ولا من وقت كان ولا إلى وقت يكون، ولا بشيء قام ولا إلى شيء يقوم، ولا إلى شيء استند ولا في شيء استكن، وذلك كلّه قبل الخلق إذ لا شيء غيره))(التوحيد للصدوق: 430)؟
الاخت فاطمة المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الكلمات الشريفة تفتقر إلى شرح طويل، وسنحاول في هذه العجالة أن نوجز لكِ المعنى، والله الموفّق:
يذكر الإمام(عليه السلام) أنّ رتبة الأزل، التي هي رتبة الوجوب، مختصّة به تعالى دون خلقه؛ لأنّ رتبة الخلق هي: الإمكان والحدوث. فهو في أزليّته لا شيء معه أزلي، وفي وجوبه الذاتي لا شيء مثله واجب الوجود بذاته. وإنّما قال: (لا شيء معه بلا حدود وأعراض)، لأنّ الحدود والأعراض من شؤون الحوادث والزمان والمكان، وهي كلّها مخلوقة له عزّ وجلّ، فلا تجري عليه الحدود والأعراض، فإنّه هو الذي أجراها على خلقه فكيف تجري عليه.
فالله عزّ وجلّ لا شيء معه، ولا ثاني له، ولا شيء يقع عليه؛ لأنّ هذا الشيء المفروض أنّه يقع عليه لا بدّ أن يكون في رتبته، وقد ثبت أنّ رتبة كلّ شيء سواه هي الإمكان فكيف يقع عليه شيء؟! وكذا لا يقوم بشيء من الأشياء، بل يقوم بذاته ويقوم به كلّ شيء، ولا يستند إلى شيء، وهكذا.
ودمتم في رعاية الله