حول اسم الله الأعظم
اسم الله الأعظم اسم يستودعه عند خاصّة أوليائه، وهو نور يقذفه الله في قلوب عباده المؤمنين الصادقين المخلصين العارفين به، وذلك لا يكون إلاّ لمن بلغ ذروة من الكمال والترويض النفسي؛ فقد قال الله العظيم في محكم كتابه الكريم: (( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشكَاةٍ فِيهَا مِصبَاحٌ المِصبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ لاَ شَرقِيَّةٍ وَلاَ غَربِيَّةٍ يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ وَلَو لَم تَمسَسهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضرِبُ اللَّهُ الأَمثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ )) (النور:35). كيف يصل المؤمن إلى معرفة الاسم الأعظم؟ وهل هو موجود في البسملة، كما قيل؟ وهل أنّ اسم الله الأعظم موجود في: (( ألم )) الموجودة في سورة آل عمران؟ ولماذا؟ وما هو معنى كلمة: الله؟ فيقال: إنّها ليست عربية الأصل، مستشهدين بآية قرآنية إن وجدت؟
الأخ طالب نور المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أوّلاً: إنّ الاسم الأعظم أودع الله معرفته عند خاصّة أوليائه, العارفين به, المخلصين له, وهم النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام), وهو اسمٌ من ثلاث وسبعين حرف، أودع الله عند أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) اثنان وسبعين حرف واختصّ بواحد لنفسه. وما قصدت بالمؤمنين في النصّ الذي ذكرته, هم أئمّة آل البيت(عليهم السلام)، بقرينة: (الصادقين المخلصين العارفين)، فأيّ أحد منّا عرف الله كما عرفه أهل البيت(عليهم السلام)؟! إذ المعرفة والصدق والإخلاص قيودٌ احترازية عن دخول أي أحد في حدّ من عرف الاسم الأعظم, فلا يشمل إذاً غيرهم ولا يتعدّى ذلك إلى سواهم. ثانياً: البسملة لها شرفها ومنزلتها عند الله تعالى, وهل هي الاسم الأعظم أم لا؟ إنّ الاسم الأعظم كما قلنا هو سرّ الله الذي لا يطلع عليه أحد إلاّ أولياءه المعصومين(عليهم السلام)، فلا أحد يستطيع المجازفة في الخوض بذلك. نعم، منزلة بسم الله الرحمن الرحيم كمنزلة الاسم الأعظم في سرّه وفي عظمته؛ فعن الإمام الرضا(عليه السلام)، قال: (إنّ بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها) (1) . فهذه المنزلة للبسملة وكونها كالاسم الأعظم يكشف لنا عظمتها عند الله، واستخدامها كالاسم الأعظم يشترط فيه الإيمان والتصديق بأنّها كالاسم الأعظم, ولذا فهذه الرواية ستقرّب لنا هذا المعنى، وكون استخدام أي شيء مشروط بالإيمان به والتصديق والتسليم. ففي (المناقب)، قال: ((ابين إحدى يديّ هشام بن عدي الهمداني في حرب صفّين فأخذ عليٌ يده وقرأ شيئاً وألصقها فقال: يا أمير المؤمنين! ما قرأت؟ قال: فاتحة الكتاب. فكأنّه استقلّها, فانفصلت يده نصفين, فتركه عليٌّ ومضى)) (2) . وهذا يعني أنّ استخدام أي شيء مهما بلغ مشروط بالتسليم والتصديق به. فكذلك هي البسملة وأمثالها من الأسماء والآيات والأدعية. ثالثاً: إذا قلنا: أنّ (( ألم )) وأمثالها من الاسم الأعظم، فهذا لا يعني إمكانيتنا استخدام هذه الحروف كالاسم الأعظم, فالاسم الأعظم، كما قلنا، أسراره مودعة عند أهل البيت(عليهم السلام), وللاسم الأعظم تأليف وترتيب يختصّ به من يحمله من النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة(عليهم السلام)، فمعرفة كونه من الاسم الأعظم لا ينفع وحده دون معرفة تأليفه وترتيبه. فقد ورد مثلاً: (( حمسق )) هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع, يؤلّفه الرسول أو الإمام(صلّى الله عليهما), فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب (3) ، فتأليف الاسم الأعظم من الحروف المقطّعة هو سرّ مودع لدى خاصّة أوليائه وأصفيائه وهم أئمّتنا(عليهم السلام). رابعاً: إنّ لفظ (الله) هو: اسم علم للذات المقدّسة الجامعة لجميع الصفات العليا, والأسماء الحسنى. قيل: هو غير مشتق من شيء، بل هو علم. وقيل عن سيبويه: هو مشتق وأصله (إله) دخلت عليه الألف واللام فبقي (الإله)، نقلت حركة الهمزة إلى اللام وسقطت فبقي (الله)، فأُسكنت اللام الأُولى وأُدغمت وفُخّم تعظيماً, لكنّه ترقّق مع كسرة ما قبله (4) . كما في قوله تعالى: (( يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ )) (الأنعام:108)، فهنا لفظ الله خفّف لسبقه بتخفيف. فأصله عربيّ كما علمت مشتق من (إله)، أي: معبود؛ فقد ورد: (كان إلهاً إذ لا مألوه)، أي: كان إلهاً قبل أن يعبده أحد من العباد. سبحان الله وتعالى عن كلّ وصف ومثل. ودمتم في رعاية الله