logo-img
السیاسات و الشروط
( 33 سنة ) - العراق
منذ سنتين

تفسير ايه قرآنيه

ما تفسير قوله تعالى {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (114) سورة طه صدق الله العلي العظيم


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته مرحباً بك أيها السائل الكريم جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٠ - الصفحة ٨٧-٨٩: وبما أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعجل في إبلاغ الوحي وما ينزل به من القرآن لإهتمامه به وتعشقه أن يحفظه المسلمون ويستظهروه، ولم يتمهل أن يتم جبرئيل ما يلقيه عليه من الوحي فيبلغه عنه، فإن الآية محل البحث تذكره بأن يتمهل فتقول: ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربي زدني علما. ويستشف من بعض آيات القرآن الأخرى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت تنتابه حالة نفسية خاصة من الشوق عند نزول الوحي، فكانت سببا في تعجله كما في قوله تعالى: لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه. لقد تضمنت الآيات الأخيرة دروسا تعليمية، ومن جملتها النهي عن العجلة عند تلقي الوحي، وكثيرا ما لوحظ بعض المستمعين يقفون كلام المتحدث أو يكملونه قبل أن يتمه هو، وهذا الأمر ناشئ عن قلة الصبر أحيانا، أو ناشئ عن الغرور وإثبات وجود أيضا، وقد يكون العشق والتعلق الشديد بشئ يدفع الإنسان - أحيانا - إلى هذا العمل، وفي هذه الحالة ينبعث عن حافر مقدس، غير أن هذا الفعل نفسه - أي العجلة - قد يحدث مشاكل أحيانا، ولذلك فقد نهت الآيات آنفة الذكر عن العجلة حتى ولو كان المراد أو الهدف من هذا الفعل صحيحا، وأساسا لا تخلو الأعمال التي تنجز باستعجال من العيب والنقص غالبا. ومن المسلم به أن فعل النبي لما كان عليه من مقام العصمة - كان مصونا من الخطأ، إلا أنه ينبغي عليه أن يكون في كل شئ مثلا وقدوة للناس، ليفهم الناس أنه إذا كان الاستعجال في تلقي الوحي غير محبذ، فلا ينبغي الاستعجال في الأمور الأخرى من باب أولى أيضا. ولا ينبغي أن نخلط بين السرعة والعجلة طبعا - فالسرعة تعني أن الخطة قد نظمت بدقة كاملة، وحسبت جميع مسائلها، ثم تجري بنودها بدون فوات وقت. أما العجلة فتعني أن الخطة لم تنضج تماما بعد، وتحتاج إلى تحقيق وتدقيق، وعلى هذا فإن السرعة مطلوبة، والعجلة أمر غير مطلوب. وقد ذكرت إحتمالات أخرى في تفسير هذه الجملة، ومنها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يطيق تأخر الوحي، فعلمته الآية أن يتمهل فإن الله ينزل عليه وحيه عند الاقتضاء والحاجة إليه. وقال بعض المفسرين: إن آيات القرآن نزلت على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ليلة القدر دفعة واحدة، ونزلت مرة أخرى بصورة تدريجية على مدى (23) سنة، ولذلك فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يسبق جبرئيل عند النزول التدريجي للآيات، فأمره القرآن أن لا تعجل في هذا الأمر، ودع الآيات تنزل نزولا تدريجيا كل في موقعها وزمانها. إلا أن التفسير الأول يبدو أقرب للصواب. اطلب المزيد من العلم لما كان النهي عن العجلة عند تلقي الوحي موهما النهي عن الاستزادة في طلب العلم، فقد عقبت الآية بعد ذلك بالقول مباشرة: وقل رب زدني علما لتقف أمام هذا التصور الخاطئ، أي أن العجلة ليست صحيحة، لكن من الضروري الجد والسعي من أجل الارتواء من منهل العلم! وقال بعض المفسرين: إن الجملة الأولى أمرت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا يعجل في فهم كل جوانب الآيات قبل تبيينها في الآيات الأخرى، وفي الجملة الثانية صدر الأمر بأن يطلب من الله سبحانه علما أكثر فيما يتعلق بأبعاد آيات القرآن المختلفة. وعلى كل حال، فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مأمورا أن يطلب زيادة العلم من ربه إلى آخر عمره مع غزارة علمه، وروحه المليئة وعيا وعلما، فإن واجب الآخرين واضح جدا، وفي الحقيقة، فإن العلم من وجهة نظر الإسلام لا يعرف حدا، وزيادة الطلب في كثير من الأمور مذمومة إلا في طلب العلم فإنها ممدوحة، والإفراط قبيح في كل شئ إلا في طلب العلم. فالعلم ليس له حد مكاني، فيجب الاجتهاد لتحصيله ولو كان في الصين أو الثريا، وليس له حد زماني فهو يستمر من المهد إلى اللحد. ولا يعرف حدا من جهة المعلم، فإن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها، وإذا ما سقطت جوهرة من فم ملوث فاسق فإنه يلتقطها. دمتم في رعاية الله