بو محمد - الكويت
منذ 4 سنوات

 ابن الرومي.. جلال الدين الرومي

كثيراً ما كان يذكر علماء العرفان أشعار جلال الدين الرومي المولوي، صاحب كتاب (المثنوي)، وكذلك ابن الفارض (عمر بن علي الحموي)، صاحب (التائية)، فهل كانا ينتميان إلى المذهب الشيعي الإمامي؟


الأخ أبا محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يظهر من كلام الزركلي في (الأعلام) أنّه لم يكن شيعيّاً، بل سُنّياً متصوّفاً؛ فقد قال عنه: ((جلال الدين الرومي (604 - 672هـ = 1207 - 1273م) محمّد بن محمّد بن الحسين بن أحمد البلخي القونوي الرومي، جلال الدين: عالم بفقه الحنفية والخلاف وأنواع العلوم، ثمّ متصوّف (ترك الدنيا والتصنيف)، كما يقول مؤرّخو العرب. وهو عند غيرهم صاحب (المثنوي) المشهور بالفارسية، وصاحب الطريقة (المولوية) المنسوبة إلى (مولانا) جلال الدين.. ولد في بلخ (بفارس) وانتقل مع أبيه إلى بغداد، في الرابعة من عمره، فترعرع بها في المدرسة المستنصرية حيث نزل أبوه. ولم تطل إقامته؛ فإنّ أباه قام برحلة واسعة، ومكث في بعض البلدان مدداً طويلة، وهو معه، ثمّ استقر في قونية سنة (623هـ). وعرف جلال الدين بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، فتولّى التدريس بقونية في أربع مدارس، بعد وفاة أبيه (سنة 628هـ)، ثمّ ترك التدريس والتصنيف والدنيا وتصوّف (سنة 642هـ) أو حولها، فشغل بالرياضة وسماع الموسيقى ونظم الأشعار وإنشادها. ونظم كتابه (المثنوي - ط) بالفارسية (وقد ترجم إلى التركية، وشرح، وطبع بها وبالعربية وبالفارسية)، وهو منظومة صوفية فلسفية في 700/25 بيت، في ستّة أجزاء، كتب مقدّمتها بالعربية وتخلّلتها أبيات عربية من نظمه. واستمر يتكاثر مريدوه وتابعو طريقته إلى أن توفّي بقونية. وقبره فيها معروف إلى اليوم، في تكية أصبحت (متحفاً) يضمّ بعض مخلّفاته ومخلّفات أحفاده وكتبا ً(1) . والذي يرجّح كونه سُنّياً صوفياً لا شيعياً: أنّ والده كان صوفياً، كما في (هدية العارفين) ً(2) ، ولكن الذي على خلاف ذلك أنّ آغا بزرك الطهراني أورد بعض مؤلّفاته في (الذريعة) ووصفه بـ(العارف) ً(3) ، ولكن الحقّ أنّ هذا لا يعدّ خلافاً؛ فإنّه كثيراً ما يطلق الشيعة لقب العارف على بعض أعلام الصوفية دون النظر إلى مذهبهم. وأمّا ابن الفارض، فقال عنه النمازي في (مستدركات علم رجال الحديث): العارف المشكور والشاعر المشهور، صرّح جمع بتشيّعه ً(4) ، وعدّه الشهيد الثاني من الأولياء الفضلاء ً(5) ، ولكن المشهور عند المخالفين أنّه من الصوفية؛ ففي (الأعلام) للزركلي 5/59 قال: ((ولمّا شبّ اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المزّي وغيره، ثمّ حبّب إليه سلوك طريق الصوفية، ونقل عن المناوي: واختلف في شأنه... من الكفر إلى القطبانية، وكثرت التصانيف من الفريقين في هذه القضية، وقال الذهبي: كان سيّد شعراء عصره وشيخ الاتّحادية، وما تم إلاّ زي الصوفية وإشارات مجملة وتحت الزي والعبارة فلسفة وأفاعي)) ً(6) . دمتم في رعاية الله