حيدر - سويسرا
منذ 4 سنوات

المنطق في استنباط الأحكام

لماذا قواعدنا تعتمد على المنطق في الأحكام؟


الأخ حيدر المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الإنسان منطقي بطبعه، فلا ضير من استخدام المنطق باعتباره واسطة منهجية في استنباط الأحكام الشرعية من مظانّها، وهي: الكتاب والسُنّة والإجماع والعقل، فالمنطق، كما قال ارسطو: هو آلة لجميع العلوم، وما هو إلاّ مجموعة قواعد يرجع إليها الإنسان لعصمة ذهنه من الخطأ، وهذه غاية يسعى إليها جميع الناس، فضلاً عن العلماء. ويؤثّر عن الشيخ أبي حامد الغزّالي في كتابه (المستصفى) أنّه قال: ((من لا معرفة له بالمنطق فلا ثقة بعلمه))، ولذلك فقد جعل لمقدّمة كتابه المشار إليه، وهو كتاب في أُصول الفقه، باباً موسّعاً في المنطق. وعلم أُصول الفقه يعتمد كثيراً على القياس المنطقي، لا سيّما في باب الملازمات العقلية، وباب حجّية العقل، واعتماده بالدرجة الأساس على: القياس، وإن كان يستبعد كلاًّ من الاستقراء والتمثيل الذي هو (القياس) باصطلاح فقهاء العامّة، ومعنى ذلك: أنّ المنطق ليس كلّه بجميع أبوابه مستعمل في استنباط الأحكام، بل خصوص ما يفيد اليقين، وما تلزم نتيجته بالضرورة عن مقدّماته، وليس هو إلاّ القياس المنطقي. ونحن لا نرى أيّ ضير في اعتماد علم أُصول الفقه على بعض قواعد المنطق في عملية استنباط الأحكام الشرعية. وإن كان ذلك يُعدّ عندكم معيباً؛ بسبب تقدّم العلوم الإنسانية المعاصرة، ولكن يجب التنبيه على أنّ المنطق ليس له عندنا أيّة قدّسية، وإنّما هو مجرّد وسيلة، بالرغم من أنّ المنطق ليس هو الوحيد المستعمل من بين سائر العلوم عند المتشرّعة من فقهاء وأُصوليين، فالنحو والرياضيات وحساب الاحتمال أيضاً يستفاد منها في بعض أبواب الفقه، أمّا النحو، فلإحكام وإتقان العبارة الفقهية والأُصولية، وأمّا الرياضيات، فلاستعماله في باب المواريث من الفقه، وأمّا حساب الاحتمال، فقد استعمل في بعض النظريات الحديثة في علمي أُصول الفقه والعقائد. ونحن نقول: لو ثبت لدينا صوابية بعض المناهج الحديثة وفائدتها في تطوير طرق استنباط الأحكام الشرعية لَما تردّدنا في اعتماده، ولكن لم يثبت لدينا ذلك، على الأقل حتّى وقتنا الراهن. ودمتم في رعاية الله