المقارنة بين مصادر التشريع عند الإمامية وأهل السُنّة
هذا الحديث الذي ذكرتموه غريب كل الغرابة، فما درجة صحته عن الإمام الحسين عليه السلام؟ وقد أشكل علي في عدة أمور منها: أولاً: جاء في نص الحديث "فإذا حكم بحكمنا، فلم يقبله منه، فإنّما استخفّ بحكم الله، وعلينا ردّ، والرادّ علينا الراد على الله، وهو على حدّ الشرك بالله." ماذا يقصد الإمام بالرد هل هو الاعتراض كما فهمته؟ وأياً كان معناه فما علاقته بالشرك؟ فالشرك هو إشراك آلهة أخرى مع الله، على خلاف الكفر الذي هو إنكار لوجود الذات الإلهية أو إنكار لأحكام الله، فلماذا استعمل الإمام هنا كلمة الشرك ولم يستعمل كلمة الكفر؟ وهل أفهم من هذه الجملة أن الراد لكلام الأئمة الاثني عشر حكمه شرعاً "مشرك"؟ أي أن العامة مشركين حسب هذا الحديث؟ ثانياً: استعمل الإمام لفظ: "العامة" للدلالة على أتباع المذهب السني في ذلك الوقت، فمتى ظهر هذا المصطلح ومن أول من أطلقه عليهم؟ ثالثاً: جاء في الحديث أيضاً: "ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسُنّة وخالف العامّة، فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسُنّة ووافق العامّة" وهذه العبارة أغرب ما ورد فيه. فما حاجتي بالعامة إذا كان الحكم موجوداًَ في الكتاب والسنة؟ أقصد إن وافق حكمه حكم الكتاب والسنة فلا حاجة للنظر في رأي أي شخص أو جماعة، وكذلك إن خالف حكمه الكتاب والسنة فلا يحلله رأي البشرية جمعاء وليس العامة فقط! فما الداعي لإدراج عبارة: "وخالف العامة، ووافق العامة" هنا!!! هل عند الشيعة كتاب وسنة غير التي عند العامة؟ نعم السنة مختلفة ولكن الكتاب واحد حسب ما قرأت في موقعكم فما هذه الجملة الغريبة في هذا الحديث؟ رابعاً: في آخر الحديث يؤكد الإمام على مخالفة العامة ومخالفة قضاتهم حتى نهاية الحديث، فما هي فلسفة الرشاد في المخالفة؟ لماذا يكون الرشاد في المخالفة؟ وفي أي الأشياء تكون المخالفة؟ أقصد أن الرجل السائل للإمام كان يعرض عليه مسألة في الدَين والميراث، فهل قول الإمام: "ما خالف العامة ففيه الرشاد" يقصد به ما خالفهم في هذا الشأن حصراً أي المواريث والديون أم تعممون ذلك على أشياء أخرى؟ وما هو الضابط في تحديد ذلك؟ أقصد لا يمكن أن يكون الرشاد في مخالفة العامة في كل شيء لأن هنالك أصول مشتركة بين الفريقين على حسب علمي، إذن إما أن قصد الإمام في أمر الميراث والمعاملات المالية حصراً أو تعمم هذه العبارة على أشياء أخرى يكمن الرشاد في مخالفتها فمن الذي يحدد ما هي تلك الأشياء؟
الأخ سامي المحترم السلام عليكم ورحمة الله أولاً: الحديث رواه عمر بن حنظلة عن الامام ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) وليس المقصود من العبارة الامام الحسين (عليه السلام) كما هو واضح . ثانياً: المراد بالرد في الرواية هو عدم قبول الحكم الذي اتى به الراوي والذي نقله عن الامام المعصوم وما دام رادا على الامام فهو رادة على الله تعالى والمراد بالشرك هنا هو ما يقابل الاسلام حيث ان المسلم من شأنه ان يكون عنده كامل التسليم والانقياد لله تعالى بخلاف المشرك فانه ليس عنده تسليم وانقياد لذا الامام (عليه السلام) وصفه بالمشرك واما انه لم لم تستخدم كلمة الكفر فلان هذه الكلمة تشير الى عدم التصديق القلبي والانكار القلبي الذي يحصل غالبا مع الاعتقادات لا الاحكام الذي هو مورد الرواية . ثالثاً: قد يصعب الحصول على نص يحدد زمن استخدام لفظة العامة على اهل السنة ولكن يمكن القول ان هذه اللفظة استخدمت في مقابل لفظة الخاصة التي تدل على اتباع الامام امير المؤمنين (عليه السلام) والائمة من بعده لذا فمن الراجح ان تكون بداية اطلاق لفظة العامة منذ زمن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) والمسألة تحتاج الى تتبع وتحقيق . رابعاً: ان الظاهر بدوا من ان الخبر يكون موافقا للكتاب هو مطابقة مفاد احد الخبرين لكتاب الله عز وجل الا ان هذا الظهور يزول بمجرد الالتفات الى ان القران الكريم لم يتصد لبيان كثير من تفاصيل الاحكام الشرعية واوكل ذلك للسنة الشريفة فلو كان المراد من الموافقة هو المطابقة لكانت فائدة هذا المرجح محدودة جدا ومن هنا لا يستبعد ان يكون المراد من الموافقة هو عدم المنافاة لكتاب الله عز وجل وذلك في مقابل الخبر المنافي لكتاب الله وحينئذ يلاحظ الخبران فان كان احدهما مخالفا للكتاب والاخر غير مناف له فان الترجيح يكون للخبر غير المنافي للكتاب . ولو لم يقبل هذا الاستظهار فان الموافقة لا تعني التطابق التام بين مفاد الكتاب العزيز ومفاد احد الخبرين بل يكفي دخوله تحت عمومات او اطلاقات الكتاب المجيد وحينئذ يلاحظ الخبران فلو كان مؤدى احدهما مشمولا عمومات او اطلاقات الكتاب وكان مؤدى الاخر منافيا او غير موافق فان الترجيح يكون للاول . خامساً: ان الترجيح بمخالفة العامة يأتي في مرحلة متاخرة عن الترجيح بالموافقة للكتاب المجيد والسنة القطعية فالترجيح بمخالفة العامة انما هو في حالة عدم موافقة ومخالفة كلا الخبرين للكتاب المجيد كان لم يكن الكتاب المجيد متصديا لحكم المسألة المشتمل عليها الخبران المتعارضان وعندئذ يلاحظ الموافق لمذهب العامة فيكون مرجوحا . والمراد من الترجيح بمخالفة العامة (الترجيح بالتقية) هو انه لو تعارضت روايتان تعارضا مستحكما موجبا للعلم بمنافاة احدهما للواقع وكانت كلتا الروايتين واجدتين لشرائط الحجية بقطع النظر عن التعارض فانه يلاحظ مفاد كلا الروايتين فان كانت احدهما موافقة لروايات العامة والاخرى مخالفة او غير موافقة فان الموافقة لروايات العامة تسقط عن الحجية بسبب التعارض . سادساً: اما قوله (عليه السلام) (ما خالف العامة ففيه الرشاد) فليس المقصود في المخالفة في خصوص المواريث او المنازعات بل يعم غيره من الاحكام كما هو واضح . ودمتم في رعاية الله