سيف الدولة الحمداني - سوريا
منذ 4 سنوات

الأدعية و الزيارات

ما هي أدلّة التسامح في السُنن؟ وماذا عن الأدعية والزيارات وأحاديث فضائل الأعمال التي رويت بأسانيد ضعيفة، أو قد يفهم من بعضها أنّها تخالف العقيدة، هل نأخذ بها؟ كما ورد مثلاً في زيارة الحجّة: (ومقاماتك التي لاتعطيل لها، لا فرق بينك وبينها إلاّ أنّهم عبادك، فتقها ورتقها بيدك)؟


الأخ سيف الدولة المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قاعدة التسامح في أدلّة السُنن هي: قاعدة استفادها بعض الفقهاء من الروايات التي ورد فيها عبارة: (من بلَغه ثواب كذا...)، ومضمون هذه الروايات: ((أنّ من بلغه ثواب على عمل فعمله فله ذلك الثواب))، وهذه القاعدة ليست ثابتة عند مشهور الفقهاء؛ لعدم الآخذ بها في استنباط الأحكام الشرعية، ويبقى استفادة الحكم باستحباب هذه الأعمال وعدمه خاضع لرأي الفقيه واستنباطه. وبخصوص الأدعية والزيارات والروايات التي ذكرت بأسانيد ضعيفة، سواء ورد فيها فضائل الأعمال أو لم يرد، لا ينبغي أن تطرح وتنكر؛ فقد قيل: إنّ أوهن الطرق طريق من حصر وجه ردّ الأخبار وقبولها على ضعف رجال السند ووثاقتهم؛ لأنّه يؤدّي بالبديهية إلى طرح طائفة من الأخبار التي نقطع بأنّ فيها مضمون ما ورد عن المعصومين(عليهم السلام) قطعاً وجزماً. وقولك أنّه قد يفهم من بعضها أنّها تخالف العقيدة، ومثّلت لذلك بما ورد عن الحجّة القائم(عجّل الله فرجه) في دعاء كلّ يوم من شهر رجب: (ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان، يعرفك بها من عرفك، لا فرق بينك وبينها إلاّ أنّهم عبادك وخلقك، فتقها ورتقها بيدك) (1) . يردّ عليه: أنّ مناط موافقتها للعقيدة، أو مخالفتها لها، ليس ما نفهمه نحن وأنت من مدلولاتها ومعانيها، بل المناط هو: ما يفهمه أهل العلم، فلا ينبغي المسارعة إلى رفض هذه الأخبار وإنكارها لمجرّد عدم فهمنا، أو ظنّنا بكونها قادحة في العقيدة، ولعلّها ليست كذلك في الواقع، فما دام لتلك الأخبار وجوهاً من المعنى غير الظاهر، فإنّ ردّها بناء على ذلك جمود على النصّ, وأنت تعلم أنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ نبيّ مرسل، أو ملك مقرب، أو عبد ممتحن، كما ورد في طائفة من الأخبار (2) .. وأنّ حديثهم ينصرف على سبعين وجهاً، لهم من كلّها المخرج، كما في طائفة أُخرى من الأخبار (3) .. وما ينصح به العلماء هو: التسليم والتوقّف عن الردّ أو القبول حتّى تتبيّن بعض وجوه المعنى المشار إليها. نعم، لو خالف الخبر ضرورة من ضرورات الدين أو الواقع، فإنّه يرفض، فأمّا ضرورات الدين فهي: أُصول الاعتقاد من التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد، بشرط أن لا يحتمل الحديث أيّ وجه من الوجوه الممكنة، وأمّا ضرورات الواقع: فكأن يلزم منه التناقض، من قبيل أن يقول: إنّ الليل نهار والنهار ليل. وأمّا حديث الحجّة الذي ضربته مثلاً: فلا يقدح في العقيدة، وقد تصدّى لشرحه ثلّة من العلماء، ولكنّك حاولت فهمه ظاهرياً وغفلت عن مضامينه العالية التي تبيّن مقامات أهل البيت(عليهم السلام) وولايتهم التكوينية، فارجع إلى الشروح واغتنم (4) . ولأجل أن يتمّ المطلب وتحيط به إحاطة كاملة نعطيك ها هنا ضابطة تنفعك في التعامل مع هذا النمط من الأحاديث، فقد ورد بأسناد صحيح عن الحذّاء، قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول في حديث له: (إنّ أسوأهم - أي أصحابي - عندي حالاً وأمقتهم إليَّ الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنّا فلم يعقله ولم يقبله قلبه اشمأزّ منه وجحده، وكفر بمَن دان به، ولا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج، وإلينا أُسند، فيكون بذلك خارجاً من ولايتنا) (5) . ودمتم في رعاية الله