عماد صوان
منذ 4 سنوات

 الفرق بين أُصول الدين وأُصول المذهب

قلتم: (وقد وافق الإمامية في ذلك بعض الأشاعرة، كالقاضي البيضاوي، وعن بعضهم، كالتفتازاني، قال: لا نزاع في أنّ مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق. وعلى أيّة حال إنّ المشهور بين أهل السُنّة كونها من المسائل الفرعية).ثم أتيتم بقول ابن حجر: (وليس المراد أنّه: يموت كافراً، بل يموت عاصياً.قلت: الامامية تقول أن امامة المعصوم المنصوص علييها عينا هي أصل وركن من لم يؤمن بها فهو كافر، فكيف تتفق مع المسلمين القائلين أن الامامة تثبت حتى للعبد المتغلب ومن من لم يبابع فهو عاصي وليس بكافر؟!


الأخ عماد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاتههناك تناقض صارخ في اقوال اهل السنة بالنسبة للامامة وموقفهم منها حيث انهم في مقام المناظرة والجدل يقولون انها من مسائل الفروع وليست من اصول الدين وهي مسألة فقهية وليست عقائدية.وفي مقام التأليف والبيان نجد ان هذه المسألة تذكر في كتب العقائد واصول الدين وليست في ابواب الفقه!!واهل السنة يعلمون ويدركون ويقرون بذلك كله حيث قالوا في تعريف الامامة ما يلي:أ‌- قال الماوردي في احكامه السلطانية ص5: (الامامة: موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به).ب‌- وقال امام الحرمين الجويني في غياث الامم ص15: (الامامة: رياسة تامة وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين والدنيا).ت‌- وقال النسفي في عقائده ص179: (انها نيابة عن الرسول (صلى الله عليه واله) في اقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الامة)ث‌- ويقول الايجي في مواقفه ص295: (هي خلافة الرسول (صلى الله عليه واله) في اقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الامة)ج‌- وقال ابن تيمية امام الوهابية في السياسة الشرعية ص161: (يجب ان يعرف ان ولاية امر الناس من اعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا الدنيا الا بها)ح‌- وقال القرطبي في تفسيره 1/265: (انها ركن من اركان الدين الذي به قوام المسلمين)فهذه تعاريفهم واقوالهم التي تدل على اهمية وعظمة هذا المنصب الالهي المتفرع عن الرسالة والنبوة بل الخلافة عن الله عز وجل في ارضه وعلى احبائه واولياءه.وبالتالي وقعوا في تهافت بل تناقض واحراج حينما قبلوا بشغل هذا المنصب من قبل طلقاء ولعناء وقتلة وفسقة ومحاربين للاسلام ولاولياء الله تعالى.فاصبح موقفهم في حيص بيص لا يدرون كيف يفعلون ويتصرفون مع هذا التناقض الكبير. المنصب العظيم عقائدي قطعا كون شاغله خليفة عن الله وعن رسوله فلا بد ان يكون هذا الامر عقائديا هذا من جهة. ولكن من جهة اخرى قبلوا شغله من قبل اناس لا خلاق لهم ولا ذمة ولا دين فماذا يفعلون؟!!في هذه الحالة ومع هذا الوضع المحرج قاموا بنقل هذه العقيدة المهمة وانزالها الى الفقه والواجبات المفترضة على المسلمين ليس اكثر.وبالتالي حصل هذا التناقض الصارخ من حيث قداسة وعظمة ومكانة هذا المنصب وهذا الواجب كما راينا ولاحظنا قوة الدلالة عليه في تعريفاتهم له، وقوله (صلى الله عليه واله) في التعبير عنه بقوله كما يروونه في صحيح مسلم عن ابن عمر في حديث طويل: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) وفي لفظ عند احمد في مسنده: (من مات وليس عليه (بغير) امام مات ميتة جاهلية) وكذلك ادراج اكثر علماءهم هذه المسألة ضمن كتب العقائد كما رأينا عند البحث عن تعريف الامامة والخلافة كما نقلناه آنفا من كتب الاصول والعقائد وكذلك ذكرهم للخلافة والخلفاء ووجوب الاعتقاد بالترتيب الحاصل في تسلسل خلافة الخلفاء الراشدين كما يطلقون على خلافة ابي بكر وعمر وعثمان والحقوا بهم امير المؤمنين (عليه السلام) على مضض وخلاف بينهم وفي زمن متاخر جدا!!. ونأخذ مثلا لذكر وجعل هذا الامر في كتب عقائد القوم واصول دينهم:أ‌- ما قاله شيخ اسلام الوهابية ابن تيمة حيث قال في مجموع فتاواه 3/153: (استَقَرَّ أَمرُ أَهلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقدِيمِ عُثمَانَ وَإِن كَانَت هَذِهِ المَسأَلَةُ - مَسأَلَةُ عُثمَانَ وَعَلِيٍّ - لَيسَت مِن الأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ المُخَالِفُ فِيهَا عِندَ جُمهُورِ أَهلِ السُّنَّة لَكِنَّ المَسأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ المُخَالِفُ فِيهَا هِيَ " مَسأَلَةُ الخِلَافَةِ " وَذَلِكَ أَنَّهُم يُؤمِنُونَ بِأَنَّ الخَلِيفَةَ بَعدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ وَمَن طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِن هَؤُلَاءِ الأَئِمَّةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِن حِمَارِ أَهلِهِ).أهـ وها هو يصرح بانه يتكلم عن الاصول وعن الضلال الذي لا يطلق الا في العقائد وليس الفقه فافهم. ب‌- وقال القرطبي في تفسيره 8/148: قلت - وقد جاء في السنة أحاديث صحيحة، يدل ظاهرها على أنه (ابو بكر) الخليفة بعده، وقد انعقد الاجماع على ذلك ولم يبق منهم مخالف. والقادح في خلافته مقطوع بخطئه وتفسيقه.وهل يكفر أم لا، يختلف فيه، والأظهر تكفيره. ت‌- وقال الالكائي في شرح اصول اعتقاد اهل السنة والجماعة 1/198 دار طيبة:.... حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم قال سألت ابي وابا زرعة عن مذاهب أهل السنة في اصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك؟ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم..... وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن ابي طالب عليهم السلام. وهم الخلفاء الراشدو المهديون.وبذلك يتبين ان هذه المسألة بل فرع منها وهو ترتيب الخلفاء الاربعة انما هي من اصول الدين وليست من فروعه وكونهم خلفاء راشدين مهديين ايضا من اصول الدين والعقيدة عند اهل السنة بالاجماع.وكما ذكر قبل ذلك اللالكائي نفسه حينما عرض عقيدة اهل السنة والجماعة مع مخالفته لكلام ابي حاتم وابي زرعة وما نقلا من الاجماع بخلاف قوله حيث جعل الايمان بالثلاثة دون امير المؤمنين وسيد العترة والصحابة المهاجرين والانصار ومن تبعهم باحسان فتجاهل هذا الرجل هذه العقيدة وخالف الاجماع المنقول من هذين الامامين الكبيرين فقال ص179: (وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا في ذلك ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى- الخمسة- علي بن أبي طالب والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص كلهم يصلح للخلافة وكلهم إمام) أهـ.وهذا ازدراء واساءة لامير المؤمنين ومكانته الحقيقية والله حيث اصبح عند هؤلاء يقرن بمثل هؤلاء الاربعة ولم يجعلوه حتى بعد عثمان!! وكما قال (عليه السلام) ذلك حيث ورد في نهج البلاغة في الخطبة الشقشقية شكواه (عليه السلام) من فعلهم هذا فقال: (حتى إذا مضى (عمر) لسبيله. جعلها في جماعة زعم أني أحدهم فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر؟!!) فحسبنا الله ونعم الوكيل على دين بني امية. خ‌- قال العلامة الطحاوي المصري الحنفي في مقدمة العقيدة الطحاوية ص5: هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان...، وأبي يوسف.. ومحمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين.ثم قال في ص533: ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا لأبي بكر الصديق.... تفضيلا له وتقديما على جميع الأئمة، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم لعثمان رضي الله عنه، ثم لعلي بن أبي طالب،وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون،...ومن احسن القول في اصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) وازواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق...أهـ. هـ- قال ابو الحسن الاشعري في كتاب الابانة عن اصول الديانة ص251 بعد ان عدد ثلاثة عشر بابا: الباب الرابع عشر الكلام في امامة ابي بكر.... وقد اجمع هؤلاء الذين اثنى الله عليهم ومدحهم على امامة ابي بكر.... وسموه خليفة رسول الله (صلى الله عليه واله) وبايعوه وانقادوا له واقروا له بالفضل، وكان افضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الامامة من العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة الامة وغير ذلك. أهـ وكما يرى كل عاقل فقد ادرج الكلام عن الامامة والخلافة هؤلاء وكل من كتب كتابا في العقيدة واصول الدين فلا ندري لماذا يصر اهل السنة على انكار عقائدية هذا الامر بعد كل هذا الوضوح الا التدليس والتلبيس واعياء الحجة وخلاف اهل الحق وعنادهم ثم يأتي نفس اتباع هؤلاء يقولون على الشيعة اعزهم الله ما يقولون ويعيبون عليهم جعلهم الامامة من اصول المذهب او اصول الدين. فما هذا الا العجب العجاب من هؤلاء القوم وافعالهم وتناقضهم كما قال تعالى (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختِلَافًا كَثِيرًا )) (النساء:82).فلما علمنا ان الامامة من الاهمية بمكان في التشريع الاسلامي وكون من يموت بلا امام وبلا بيعة يموت ميتة جاهلية كما صح عن رسول الله (صلى الله عليه واله) وان الخليفة وامام المسلمين هو خليفة لرسول الله (صلى الله عليه واله) وخلافة للنبوة كما نص جميع علماء العامة فلا يمكن ان يكون هذا الامر دنيويا او فقهيا فقط ولا يمكن ان يكون خليفة رسول الله (صلى الله عليه واله) رجل فاسق او فاجر او جاهل او جبان او متهتك او منافق...الخ فتبين ان الامامة امتداد للنبوة وحافظة للدين وقيمة عليه وراعية لمصالحه ومصالح جميع المسلمين وممثلة لله ورسوله امام الخلق اجمعين فلابد ان يكون هو ذلك الحجة المعصوم المؤيد من الله تعالى حيث اعترف الجميع بان (الارض لا تخلو من حجة لله على خلقه) وذكر ابن حجر العسقلاني ذلك عند شرحه لحديث البخاري بصلاة عيسى بن مريم (عليه السلام) خلف امام المسلمين وهو الامام المهدي (عليه السلام).ودمتم في رعاية الله