اماراتي - الإمارات
منذ 4 سنوات

اصول الدين الحقيقي و الصحيح

من فترة ونسمع عن كاتب ومصنّفاته، ولكن لم يصل لنا ردّ على هذه الكتب، ومنها هذا الكتاب: (المنهج القرآني الفاصل بين أُصول الحقّ وأُصول الباطل). وهذه مقدمته : ************************* فمن وجدنا أُصوله قائمة على الآيات المحكمات الواضحات حكمنا بصدقه ورسوخه وإيمانه. ومن وجدنا أُصوله مبنية على المتشابهات المحتملات حكمنا بكذبه وزيغه وبطلانه. بهذه الطريقة لن يبقى في ميدان الحقّ العريض إلاّ طائفة واحدة، هي: الطائفة التي أقامت أُصولها على النصوص القرآنية القطعية، وعندها يمكن أن يتوحّد الصادقون المخلصون على أساس الأُصول اليقينية الثابتة. وحين نرجع مرّة أُخرى إلى الآيتين السابقتين نجد أنّ سورة (البقرة) قد قرّرت - ومن بدايتها - أنّ الهداية في هذا الكتاب. أمّا سورة (آل عمران) فقد بيّنت كيفية التعامل مع آيات الكتاب من أجل تحقيق هذه الهداية. أو - قل: - بيّنت كيفية الاهتداء بها عملاً وواقعاً حين ذكرت - ومن بدايتها أيضاً - أنّ من هذه الآيات آيات متشابهات: من اتّبعها ضلّ وأضلّ. وأنّ الهداية في اتّباع الآيات المحكمات، و(ما تشابه منه) فمرجعه إليها. فآية (البقرة) قد قرّرت القاعدة وثبتتها، بينما آية (آل عمران) قد بيّنت كيفية التعامل أو صيغة الاستفادة عملياً من هذه القاعدة.. وبعبارة أُخرى: بيّنت آلية الاهتداء بآيات القرآن. نعم، القرآن في العموم هو مصدر الهداية. ولكن لهذا العموم تفصيلاً لا بدّ من مراعاته عند التطبيق أو التوظيف العملي لآياته؛ فأمّا أهل الحقّ فيؤمنون بهذا وهذا. وأمّا أهل الباطل فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، كما هو ديدن المبطلين في كلّ زمان ومكان. وهذا الكتاب الذي بين يديك يدور كلّه حول ذلك المفتاح الرباني العجيب الذي بيّنته آية (آل عمران) بياناً شافياً في غاية الوضوح والإيجاز. 2- ولقد فكرت طويلاً في شأن هذا الاختلاف الواقع بين أهل السُنّة والجماعة، وبين الشيعة، خصوصاً ونحن نعيش في بلد تمثّل الأقلية الشيعية فيه نسبة كبيرة؛ فالاحتكاك بيننا وبينهم حاصل، والنقاش والجدال قائم: نحن نعتقد أنّهم على دين باطل، ولنا على ذلك أدلّتنا وردودنا. وهم يعتقدون فينا الاعتقاد نفسه، ولهم علينا من الردود ما لهم. وقد يضيع الباحث عن الحقيقة في خضم هذه الردود؛ فلا يدري أي الفريقين على حقّ؟ وأيّهما على باطل؟! فكنت أقول: أيعقل أنّ الحقّ مشتبه إلى هذا الحد؟! وأنّك إذا أردت الوصول إليه احتجت إلى الخوض في مثل هذه المتاهات التي لا أوّل لها ولا آخر؟! وإلى علوم عديدة من اللغة والتفسير والحديث وغيرها؟! فكيف يتمكّن عوام الناس من إدراك الحقّ من الباطل؟! وكيف تقوم عليهم حجّة الله البالغة؟ وأين هي حجّة الله في وسط هذا الركام؟ كانت هذه الأسئلة وما شابهها تشغلني وتلح عليّ كثيراً. ولكنّني - مع ذلك - كنت أعتقد أنّ معرفة الحقّ من الباطل أقرب من ذلك بكثير. إنّها في متناول كلّ واحد منّا نحن المسلمين. ولا بد أن تكون حجّة الله قائمة على الجميع ومن نص كلامه سبحانه. ولكن كيف؟ وفي كلامه ما يحتاج إلى توضيح وتفسير، والعلماء يختلفون في تفسيره إلى حدّ التناقض! لا سيما إذا كانوا من فرق مختلفة. بل إنّ البعض منهم يقول: إنّ القرآن حمّال أوجه، ويعمم هذا القول على جميع آياته! حتّى يصرّح بأنّه لا حجّة فيه على الإطلاق ما لم يقرن بغيره! إلى أن هداني الله تعالى بفضله ونعمته إلى هذا المفتاح القرآني العظيم، فعرفت أنّ من القرآن متشابهاً لا يُعتمد حتّى يفسّر في ضوء المحكم منه، وأنّه ما من آية في الأُصول مشتبهة إلاّ ولها ما يبيّنها يقيناً من صريح المحكم. فليس القرآن كلّه حمّال أوجه. وأنّ ما كان منه كذلك لا نتبعه حتّى نرجع به إلى ما يزيل احتماله واشتباهه من القرآن نفسه. وأنّ أهل الباطل لا يمكن أن يكون لأُصولهم من نصيب في محكمه. كما أنّ أهل الحقّ لا بد أن تكون أُصولهم قائمة على محكم القرآن. وهنا توضّح لي الطريق تماماً: فإذا كنت أعتقد أنّي على حقّ، فلا بدّ أن تكون الأُصول التي أقمت عليها معتقدي وديني مبنية على محكم القرآن. كما أنّه إذا كنت أعتقد أنّ الشيعة على باطل، فهذا يستلزم أن أستقرئ أُصولهم فلا أجد لهم عليها من المحكم شيئاً. وهكذا كان. وهذا الكتاب شاهد عدل على ما أقول. هذا في ما يخصّ الأُصول. أمّا الفروع فلها شأن آخر؛ إذ الاختلاف في الفروع في غالبه سائغ ومشروع، ما دامت أدلّته ظنّية خاضعة للاجتهاد. والمخطئ فيه مأجور أجراً واحداً، والمصيب أجرين: الأوّل على نيّته واجتهاده في طلب الحقّ، والثاني عليه مع إصابته. ومثل هذه الأُمور لا تنقسم الأُمّة بموجبها طوائف، وإنّما مذاهب فقهية معتبرة؛ لأنّ الأُصول واحدة، ما لم يقع تعصّب وخصومة وافتراق. فللمسلم أن يكون في الفروع على أي مذهب معتبر بشرط صحّة النقل عن الإمام المقلَّد، وعدم مخالفته للكتاب والسُنّة، وبشرط عدم التعصّب للرأي وإنكار الرأي المقابل أو المعاكس. وعلى هذا إجماع العلماء. ولهم في ذلك قاعدة أُصولية تقول: لا إنكار في المسائل الخلافية الفروعية. أمّا اختلاف الأُصول فلا يسوغ شرعاً؛ لأنّ الرب جلّ وعلا قد نصب عليها من الأدلّة الصريحة القطعية في دلالتها (المحكمة) ما لا يمكن لمن اطّلع عليها أن يُعذر في مخالفتها، كما قال تعالى: (( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ النَّاسِ فِيمَا اختَلَفُوا فِيهِ وَمَا اختَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعدِ مَا جَاءَتهُمُ البَيِّنَاتُ بَغياً بَينَهُم فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِهِ وَاللَّهُ يَهدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُستَقِيم )) (البقرة:213). وفي هذا الاختلاف نزل قوله تعالى: (( وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ * إِلا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَملأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ )) (هود:118-119). فهو اختلاف قد نزعت من أهله الرحمة؛ فليس له وجه اعتبار أو قبول. وليس هذا شأن الفروع. وعليه توجب ضرورة أن تكون أدلّة الأُصول آيات قرآنية محكمة، أي: صريحة في دلالتها صراحة لا تحتاج معها إلى غيرها من الأدلّة أو النصوص الشارحة أو المفسرة. والناظر بموضوعية - بعيداً عن المجاملات والمزايدات - في شأن الاختلاف بين أهل السُنّة والشيعة لا يجد صعوبة في الحكم بأنّه اختلاف في أُصول الدين، قبل أن يكون اختلافاً في فروعه. فإنّ هناك بين الفريقين أُصولاً عديدة ليست موضع اتّفاق، بل هما فيها على طرفي نقيض وافتراق.. منها: (الإمامة) و(العصمة) وحفظ القرآن، وعدالة الصحابة، و(التمسّك بأهل البيت)... إلخ. فهل يستطيع الشيعة إثبات ما يدّعونه من أُصول بالآيات القرآنية المحكمة. فإن فعلوا تبيّن - بلا ريب - أنّهم على حقّ. وإن عجزوا ونكلوا تبيّن بياناً تامّاً أنّهم على باطل. وكذلك الأمر بالنسبة إلينا. 3- وفي هذا الكتاب منهاج نظري تأصيلي وتطبيقي لبيان أي من طوائف أهل القبلة هي الطائفة التي على الحقّ الواضح الصريح، وأي منها على الباطل السافر الذي لا شبهة فيه، بعيداً عن اللف والدوران والجدل العقيم، وصولاً إلى الحقيقة التي لا يمكن بعدها أن يختلف فيها اثنان. وقد اتّخذت من أُصول أهل السُنّة والجماعة وأُصول الشيعة - طبقاً لصريح الآيات القرآنية - ميداناً لتطبيق المنهج الذي ذكرته رغبةً في معرفة الحقّ وكشف الحقيقة بأسهل وسيلة وأقرب طريقة. والحقيقة التي توصّلت إليها - بعد الاستقراء التام - أنّ جميع الأُصول التي انفرد بها الشيعة، ليس لأي واحد منها سند من محكم كتاب الله أو صريح آياته البتة! وكلّ آية يحتجّون بها دليلاً على أي أصل من أُصولهم لا يمكن أن تدلّ بنفسها على المطلوب ما لم يرجعوا بها إلى تفسير من عالم، أو توجيه من رواية. وليس هذا هو شأن المحكمات التي وصفها الله تعالى بأنّها: الأُمّ التي يُرجع إليها، ولا يرجع بها إلى غيرها. جميع الآيات التي احتجّ بها الشيعة على أُصولهم هي من جنس المتشابهات. هذه هي الحقيقة التي خرجت بها بعد الاستقراء التام، وهي حقيقة مروّعة تحكم على أصحابها - إذا ثبتت - ومن أوّل وهلة بأنّهم من أهل الباطل الذي لا مراء فيه! وعلى الشيعة بعدها أن يثبتوا العكس، وإلاّ فإنّهم مبطلون زائغون يتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله وحمله على ما يهوون ويشتهون. ولكنّني - وبثقة مطلقة - أستطيع أن أسبق الزمن وأقرّر فأقول: إنّهم لم ولن يتمكّنوا قط من العثور على آية محكمة واحدة من القرآن كلّه تؤيد ما يدّعون! وإلاّ فليكذِّبونا ولو بآية! وبيننا وبينهم الزمان مفتوحاً على مصراعيه. فليأخذوا منه ما يشاؤون: سنة.. أو ألف سنة أو أكثر ممّا يعدون! (( رَبَّنَا لاَ تُزِغ قُلُوبَنا بَعدَ إِذ هَدَيتَنَا وَهَب لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَومٍ لا رَيبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخلِفُ المِيعَاد )) (آل عمران:8-9). ************************* المؤلف 23/1/2004 ولكم جزيل الشكر عن شيعة آل محمّد.


الأخ الإماراتي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يحاول هذا الكاتب جاهداً أن يخلط الأوراق بغية التمويه على القارئ البسيط وتلبيس الحقّ عليه، وإلاّ لا يفوتنَّ أهل العلم والمعرفة الحكم ببطلان أقواله ودعاواه من أوّل وهلة! وغاية ما أفاده في كتابه هذا هو لزوم الاقتصار في الاستدلال على العقيدة من القرآن الكريم فقط، وبالآيات المحكمات دون غيرها، ومن لم يأت بمثل هذا الدليل فعقيدته باطلة وليست صحيحة. ونحن نجيبه على هذه الدعوى بما يلي: أوّلاً: ما هو الدليل على لزوم الاقتصار على القرآن الكريم في إثبات العقيدة؟ فهل يمكن له أن يأتينا - وبحسب دعوته هذه - بآية محكمة واحدة صريحة يستفاد منها بأنّه لا يجوز الاستدلال بغير القرآن في إثبات العقائد: ونحن بدورنا نعطيه سنة.. بل ألف سنة، هو ومن تبعه على هذا القول ليأتي بذلك. ثانياً: من الواضح أنّ الكاتب هو من أهل السُنّة والجماعة، وأهل السُنّة والجماعة لهم عقائد تختلف عن الشيعة، وأس عقيدته هو مشروعية خلافة الشورى التي جاءت بعد وفاة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذه العقيدة هي خلاف عقيدة الشيعة الإمامية التي ترى أنّ الإمامة بالنصّ لا بالشورى، فهل تراه يمكنه أن يأتينا بنصّ محكم من القرآن الكريم يبيّن بشكل واضح لا ريب فيه أنّ الخلافة بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هي بالشورى.. (ونؤكد: نصّ واضح صريح لا ريب فيه)، تماماً كما يريد هو ذلك من الشيعة.. ونحن نعطيه سنة.. بل ألف سنة لإثبات ذلك، هو ومن كان على عقيدته هذه. ثالثاً: لا يخفى على كلّ مطّلع بعلوم القرآن أنّ في القرآن الكريم عام وخاص، ومجمل ومبيّن، ومحكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، ومطلق ومقيد.. وأنّ هناك جملة كبيرة من المجملات والمطلقات التي وردت في القرآن الكريم تكفّلت السُنّة الشريفة ببيانها وتقييد مطلقاتها.. وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى: (( وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم )) (النحل:44) ، فهل تراه يحقّ للمسلم أن ينظر إلى المجمل الذي ورد في القرآن كقوله تعالى: (( وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ )) (الروم:31) وهو من المحكم، ويغض النظر عن المبيّن الذي جاءه من السُنّة ببيان أحكام الصلاة وأجزائها وشرائطها فلا يأخذ به امتثالاً لدعوى هذا الكاتب في الاقتصار على المحكمات - المدّعاة - في القرآن دون الأخذ بالروايات الواردة عن السُنّة الشريفة...؟!! إنّ هذا القول مضحك، بل سخيف! لا يقول به عاقل فضلاً عن فاضل؛ فإنّ الخلط فيه واضح بين المتشابه المقابل للمحكم وبين المجمل المقابل للمفصّل، والأمر واحد لا يختلف في العقائد عنه في الفروع. رابعاً: جاء في القرآن قوله تعالى: (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا )) (الحشر:7) فهذه الآية الكريمة من الآيات المحكمة والواضحة في القرآن الكريم التي تبيّن وجوب الأخذ بما قاله رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأتى به من بيان أو فعل أو إقرار. فهل تراه يسوغ لنا بعد ذلك أن نترك ما ثبت عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من عقائد في الإمامة أو العصمة أو غيرهما في حقّ أهل البيت(عليهم السلام)، ونقول: إنّه لم يرد في ذلك آية محكمة، كما يتصوّر الكاتب، ونكون بهذا قد رددنا قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذي وجب علينا الأخذ به في آية محكمة جاءت في القرآن الكريم، كما بيّناه الآن؟! وربّما سيتفلسف علينا - هذا الكاتب - ويقول: إنّ الآية المذكورة تريد أن تقول: ما أتاكم الرسول في الفروع - دون الأُصول - فخذوه. مع أنّ الآية الكريمة صريحة في عمومها وشمولها لمطلق ما يأتي به رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) سواء كان ذلك في الفروع أو العقائد؟! خامساً: نعم، يمكننا أن نقول - وبكلّ ثقة ويقين - بأنّ كلّ ما تذكره الشيعة في عقائدهم له أصل في القرآن الكريم، وهو مشكاتها، ويستعينون في بيانه ومعرفة المراد منه من السُنّة الشريفة التي ثبتت عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، بل هم يستعينون بالسُنّة الشريفة التي ثبتت عند أهل السُنّة في بيان مرادهم قبل إثبات ذلك من كتب الشيعة، وهذه ميزة لا تتوفّر عند جميع الفرق التي تستدلّ على عقائدها من فرق المسلمين، فالشيعة، والشيعة الإمامية بالخصوص هم الوحيدون الذين يثبتون عقائدهم من كتب الخصوم ويلزمونهم بما ألزموا به أنفسهم قبل أن يثبتوا ذلك من كتبهم نفسها. فهم مثلاً إن أرادوا أن يثبتوا إمامة أهل البيت(عليهم السلام) ووجوب الأخذ بقولهم وأنّهم معصومون، جاءوا بآية الولاية: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ.. )) (المائدة:55)، وآية ولاة الأمر (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ )) (المائدة:92)، وآية التطهير (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ )) (الأحزاب:33)، وغيرها من الآيات بالعشرات، وأثبتوا المراد منها - أي: مصاديقها - بأحاديث ترويها كتب السُنّة قبل الشيعة، وكتبهم العقائدية مليئة بهذه الاستدلالات الملزمة للخصم. بينما نجد أهل السُنّة إن أرادوا إثبات عقيدتهم في الشورى - مثلاً - أو عدالة الصحابة، فهم لا يقدرون على الإتيان بآية محكمة واضحة وصريحة في مطلوبهم! وإن جاؤوا بآية قرآنية أسندوها بأحاديث يروونها من كتبهم خاصّة. وهذا يستلزم الدور، كما لا يخفى.. وهو لا ينهض أن يكون حجّة على الخصم، فضلاً عن الاطمئنان إلى مثل هكذا استدلال في إثبات عقيدة ما. والمتحصّل أنّه لا محيص من العودة إلى السُنّة الشريفة الصحيحة في بيان ما جاء في القرآن الكريم، وفي إثبات العقيدة الإسلامية الحقّة. هذا ما أردنا أن نذكره باختصار في الردّ على هذه الدعوى من هذا الكاتب، وتوجد تفاصيل وبيانات أُخرى من علماء أهل السُنّة أنفسهم تؤكد على وجوب الأخذ بالسُنّة الشريفة إذا ثبتت صحّتها، سواء كان ذلك في الفروع أو الأُصول، لم نشأ ذكرها طلباً للاختصار. وكلّ ذلك يؤكّد بأنّه لا وجه لما ذكره هذا الكاتب مطلقاً. ودمتم في رعاية الله