السلام عليكم
لقد مرت سنة منذ أن تخاصمت مع صديقة لي.. كانت تتدخل وتحرجني أمام صديقاتي في انتقادها وأنا أما أن أصمت أو أضحك لكي لا أظهر غضبي.. ولكني انجرحت بداخلي بسبب تدخلها وانتقادها وكتمت بداخلي.. وفي يوم سيء أيضاً احرجتني ولكن عن طريق التلفون برسالة في كروب أمام الجميع انتقدت كلامي واحرجتني انجرحت كثيراً، حاولت تغيير الموضوع واتخطاه ولكن الشيطان وسوس بداخلي وتذكرت كل مواقفها التي تزعجني واجبتها وانتقدتها و جرحتها.. والآن مرت سنة ومنذ يومها أشعر بالذنب لأني غضبت هكذا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إبنتي الكريمة..
الغضب آفة من آفات هذا العصر وهو مظهر من مظاهر النفس الحيوانية عند الإنسان الغاضب و کما یقال انه ضرب من الجنون فالغاضب لن يغییر الواقع بغضبه..
ومن أهم المعالجات هي تذكّر مساوئ الغضب وأخطاره وآثامه ، وأنّها تحيق بالغاضب ، وتضرّ به أكثر مِن المغضوب عليه ، فرُبّ أمرٍ تافه أثار غضبةً عارمة ، أودت بصحّة الإنسان وسعادته..
ويجب الالتفات إلى إنّ سطوة الغضب ، تعرّض الغاضب لسخط اللّه تعالى وعقابه فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) إنه قال : (أوحى اللّه تعالى إلى بعض أنبيائه : إبنَ آدم أذكرني في غضبك أذكرك في غضبي ، لا أمحقك فيمن أمحق ، وارض بي منتصراً ، فإنّ انتصاري لك خيرٌ مِن انتصارك لنفسك)..
وأيضاً من الخير للغاضب التروّي في أقواله وأفعاله عند المواضع التي يحتمل فيها تصاعد الغضب ، فذلك ممّا يخفّف حدّة التوتر والتهيج ، ويعيده إلى الرشد والصواب ، ولا يُنال ذلك إلا بضبط النفس، والسيطرة على الأعصاب.. وقد روي عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) إنه قال : ( إنْ لم تكن حليماً فتحلّم ، فإنّه قَلّ من تشبّه بقومٍ إلاّ أوشك أنْ يكون منهم )..
فكان الأولى بكم تفادي الأمر من بداية المحادثة وبيان عدم رضاكم لهذا النقد الجارح أمام الناس وتعريفها أن ما تفعله يضر بعلاقتكم وتواصلكم لا أن تتركي الأمر يتفاقم ويصل إلى هذا الحد..
عموماً الإستغفار هو باب الله الواسع للتكفير عن الذنوب والتصميم على عدم العود إلى مثل هذه الحالة والاستفادة من هذا الموضوع كعبرة مستقبلية في حياتكم، فلابد من جعل الحدود مع أمثال هؤلاء كي لا يتجاوزوا وتكون النتائج ما لا تحمد..
ومن سمو الاخلاق ان تبتدأي بالصلح والاعتذار منها وتصحيح المسار بينكم وكسبها كصديقة أفضل من غير ذلك..
ولعلاج الغضب: عليكم بالاستعاذة من الشيطان الرجيم ،وقراءة القرآن الكريم والأدعية خاصة دعاء مكارم الأخلاق وبقية الادعية الموجودة في كتاب مفاتيح الجنان مثلاً..
وقد روي عن أمير المؤمنین (صلوات الله عليه) أنه قال:( داوي الغضب بالصمت) فالسکوت یذیب الغضب في جوفك..
نختم بدعاء إمامنا زین العابدین (علیه السلام) دعاء مکارم الأخلاق (اللهم صل علی محمد وآله وسددني لئن أعراض من غشني بالنصح واجزي من هجرني بالبر واُثیب من حرمني بالبذل واُکافئ من قطعني بالصلة وأخالف من أغتابني إلى حسن الذکر)..
وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام ما من عبد كظم غيظاً إلا زاده الله عز وجل عزاً في الدنيا والآخرة وقد قال الله عز وجل : (( وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))..
دمتم موفقين.