احمد ناجي - النرويج
منذ 4 سنوات

شبهات الإسماعيلية

أرجو الرد على هذه الشبهة الإسماعيلية ************************* مختصر الإيضاح في إثبات إمامة إسماعيل بن جعفر عليهم السلام استجابة لطلب بعض الإخوة الاثني عشرية الذين يلحّون علينا في ذكر النصوص والبراهين الدالّة على إمامة مولانا إسماعيل بن جعفر عليهم السلام، نورد لهم هذه الحجج والبراهين من كتاب (دامغ الباطل وحتف المناضل) لسيّدنا علي بن محمّد بن الوليد(قدّس الله روحه). والاثنا عشرية هم الموسومين عند أهل الحقّ بـ(القطعية)؛ لقطعهم ما أمر الله به أن يوصل من حبل الإمامة المتّصل في الأعقاب الطاهرة إلى يوم القيامة.. اعتقدت أنّ الإمامة في سيّدنا علي ع وولده إلى مولانا جعفر الصادق ع، واعترفت بنصّه على ولده إسماعيل سلام الله عليهم، ثمّ مالت عن سُنن الحقّ بإعراضها عن إمامة مولانا محمّد بن إسماعيل، وزعمت أنّه لما مات مولانا إسماعيل في حياة أبيه، نصّ أبوه بالإمامة على موسى بن جعفر، فاعتقادهم ذلك نقض لما جاء في مذهب أهل البيت(عليهم السلام) من أنّ الإمامة لا ترجع القهقري، وباعترافهم بالنصّ على إسماعيل ثبتت الإمامة لولده وعقبه، فلا رجوع لها إلى مولانا جعفر بعد نصّه بها على ولده، فيقول أهل الحقّ محتجّين عليهم أنّهم قد أجمعوا معاً أنّ الإمامة لا تصحّ إلاّ بالنصّ والتوقيف. ولمّا كان النصّ من النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) جاء في عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) من دون غيره، ومن علي جاء في الحسن، ولم يستحقّ أولاده النصّ بالإمامة من بعده مع وجوده، كون مثل الحسن في العصمة والطهارة وإشارة النبيّ بالإمامة إليه وهو الحسين(عليه السلام) فجاء النصّ فيه، ثمّ لم يستحقّ أولاد الحسن النصّ بعد الحسين؛ لكون ذريّة الحسين أولى به لقرب الرحم لقول الله تعالى: (( وَأُولُو الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ )) (النور:54) وكما أنّ النصّ جاء على الولاء في أولاد الحسين إلى جعفر بن محمّد الصادق(عليهم السلام)، وكان جعفر الصادق نصّ على إسماعيل عليهما السلام، واختلفت الشيعة فيه بما قالت من موته قبل جعفر، وإشارة جعفر بعد ذلك إلى بعض أولاده وقوله: (ما بدا لله بدا له كما بدا له في إسماعيل)، كان لا يخلو الأمر بعد نصّ جعفر بن محمّد على إسماعيل فيما يدّعي من نصّه بعد موته على بعض أولاده من وجوه ثلاثة: أمّا أنّه نصّ على بعض أولاده بعد موت إسماعيل، كما يقال، ولإسماعيل ولد. أو نصّ ولم يكن لإسماعيل ولد. أو لم ينصّ على أحد بعدما تقدّم من نصّه على إسماعيل أوّلاً. فإن كان قد نصّ ولإسماعيل ولد، كان جعفر حاكماً بغير ما أنزل الله، إذ أعطى ميراث إسماعيل، مع كونه ولد له، إخوته من غير علّة سالبة لولده، كما سلبت من ولد الحسن وأوجبت لولد الحسين؛ وتوهّم مثل ذلك في جعفر غير جائز! وإذا لا، لم يكن جائزاً لصحّة إمامته وعصمته، كان ما نسب إليه من نصّه(عليه السلام) على بعض أولاده بعد تقدّم النصّ على إسماعيل باطلاً، وإذا كان باطلاً كانت الإمامة لولد إسماعيل ثابتة. وإذا كان(عليه السلام) قد نصّ ولم يكن لإسماعيل ولد وكان في علم الله وتقديره أن يكون منقطع النسل، وجب - من حيث علم الله وتقديره أن يكون النصّ لا يجوز على من ينقطع نسله مع كون الإمامة محفوظة في العقب - أن لا ينص جعفر على إسماعيل. ولمّا وجدناه قد نصّ عليه، كان منه العلم بأنّه غير منقطع النسل والعقب، وإذا كان غير منقطع النسل والعقب فالإمامة لنسله ثابتة. وأمّا إذا كان لا يخلو من ثلاثة أوجه وأوجبت الوجوه الثلاثة كون الإمامة لإسماعيل وذرّيته، فالإمامة متعاقبة لإسماعيل وولده؛ إذاً الإمامة في إسماعيل وذرّيته عليهم السلام. فنقول: إنّ الإمامة لمّا كانت في عقب جعفر بن محمّد(عليه السلام) وكان الإمام لا ينصّ على من يجعله إماماً إلاّ بعد أن يعلم أنّه يصلح لها، وكان أوّل ما يستصلح للإمام في إمامته أن يكون لا عقيماً ثمّ وجود عقبه ونسله، إذ من كان لا عقب له لا يستحقّ الإمامة، وكان الإمام جعفر(عليه السلام) قد نصّ على إسماعيل كان ذلك بأنّ لإسماعيل ولداً وعقباً، وإلاّ كان لا ينصّ عليه، وإذا كان له عقب فعقبه أحقّ بالإمامة من أعمامه، إذاً الإمامة لإسماعيل ولعقبه من دون غيرهم. البرهان الثالث: لمّا كان الإمام معصوماً لا تسبق منه زلّة، وكان لو لم يكن لإسماعيل ولد وعقب ولا ذرّية، إذ كان نصّ جعفر(عليه السلام) زلّة، وجب من حيث عصمة الإمام أن يكون لإسماعيل لمّا نصّ عليه عقب وذرّية (وإذا كانت له ذرّية وعقب) فعقبه أولى بالإمامة من أعمامه، إذاً الإمامة من بعد إسماعيل لعقبه وولده من دون غيرهم. البرهان الرابع: لمّا كانت الإمامة لجعفر(عليه السلام)، وكانت محفوظة في عقبه، وكان له أولاد أربعة: إسماعيل وعبد الله ومحمّد وموسى، فلم يستحقّها عبد الله؛ لكونه عقيماً منقطع النسل، ومصير ذلك من أكبر الشهادات في بطلان إمامته وعلى عدم النصّ فيه، ولا محمّد استحقّها لاستعماله ما استعمل ممّا نافى قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وخالف أمره من خروجه على من آمنه وآواه، وخيانته إيّاه، وتجريد السيف في الحرم المحرّم فيه، وادّعائه فيه الإمامة، وانعكاس أمره، وخيبة دعوته، مع قول النبيّ: إن الإمام لا تُردّ رايته ودعوته إذا دعاها بالحرمين. وتكذيب نفسه فيه، ومصير ذلك كلّه من أكبر الشهادات ببطلان إمامته، وعدم النصّ فيه. ولا موسى استحقّها، لمّا عدم فيه وفي عقبه شرائطها، التي هي: وجود النصّ بوجود المنصوص عليه، والدعوة القائمة إلى توحيد الله تعالى، والعلم بتأويل كتاب الله وشريعة الرسول(عليه السلام) بانتهاء الأمر إلى من يعتقد إمامته إلى من لا وجود له من نسله من نحو نيف وثلاثمائة سنة مع حاجة الأمّة إليه لو كان إماماً، مع عدم الخوف الذي هو الشرط في استتار من يكون إماماً، فيقال: إنّه خائف، وانغماد السيف المسلول كان في اهراق دم آل محمّد صلّى الله عليهم أجمعين وشيعتهم من جهة بني أميّة والطلقاء من آل العبّاس، فيقال لأجله هارب. ثمّ بعدم دعوة له قائمة يدعو إلى الله تعالى بإمامته - مع افتراضها - ولزوم إقامتها من حيث لو كان إماماً ولو بالستر؛ إذ لا يكون نبيّاً ولا إماماً من لا تكون دعوته قائمة، وعدم علم التأويل لما اختلف فيه من كتاب الله تعالى، وتفسيره، والحلال والحرام والشريعة عند أصحابه المنتحلين إمامته، مع افتراض نشره علمه لو كان إماماً، ومصير ذلك كلّه من أكبر الشهادات ببطلان إمامته. ثبتت الإمامة لإسماعيل من حيث أنّها في عقب جعفر بن محمّد (مع بطلان مقالات) الآخرين من أولاده. وإذا ثبتت لإسماعيل الإمامة، وكانت لا تثبت إلاّ لمن كان له عقب، كانت الإمامة بعد إسماعيل لولده محمّد عليه السلام. إذاً الإمامة بعد إسماعيل لولده محمّد عليه السلام. البرهان الخامس: لما كانت الحاجة إلى الإمام إنّما كانت لأن يكون حافظاً رسوم الشريعة وعين الكتاب من أن يزداد فيها أو ينقص منها، وداعياً إلى الإسلام بالترغيب والترهيب، ووافداً بالمسلمين على ربّهم يوم الحساب، ومخرجاً إيّاهم من اختلاف ما فيه يختلفون بعلمه وتفسيره، وقاضياً فيما يحدث من الحوادث بينهم بما أنزل الله، مستغفراً لهم، ومصلّياً بهم، ومطهّراً لهم بأخذ ما أمر الله بأخذه منهم على ما يراه، ومقيماً الحدود، ومجيباً على ما يرد إليه ممّا يراد معرفته من أُمور الدين، ومبلّغاً إلى الأمّة ما قال الرسول، وسادّاً مسدّه في جميع ما كان يتعلّق به من طلب مصالح الأمّة، وكان لولا هذه الأسباب لا يحتاج إلى إمام، وكان من لا يكون حافظاً رسوم الشريعة، ولا مخرجاً للناس من اختلافهم إذا ردّوا إليه، ولا قاضياً فيما يحدث بينهم من الحوادث، ولا مستغفراً لهم، ولا مصلّياً بهم، ولا داعياً، ولا مطهراً، ولا مقيماً للحدود، ولا محيياً، ولا وافراً، ولا مبلّغاً، ولا ساداً مسدّ الرسول في جميع ما كان يتعلّق بأمره، ثبت أنّه ليس بإمام. وإذا ثبت أنّه ليس بإمام كان منه الإيجاب إلى شرف الإمامة، وتاج النصّ والتوقّف، ولو كان فيهم لكان لا ينقطع في نسل من له نسل منهم إمارتها، وإذا انقطع فيهم ذلك مع ثبوت كون الإمامة في عقب جعفر(عليه السلام)، ووجود أمارتها في عقب إسماعيل، صحّ أن الإمامة لإسماعيل وعقبه. إذاً الإمامة لإسماعيل وعقبه وذرّيته دون غيرهم. ولمّا قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كائن في أمّتي ما كان في الأمم السالفة، حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة، وكان الله تعالى قد أخبر بكون فتية آمنوا بربّهم فزادهم هدى، وربط على قلوبهم، وإنّهم لمّا رأوا قومهم قد اتّخذوا أولياء من دون الله آووا إلى الكهف ولبثوا فيه ثلاثمائة سنين وتسع سنين على شدّة حالهم التي أعلم الله نبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: (( لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرَاراً وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعباً )) (الكهف:18), وفرّج الله عنهم بعد هذه الحالة الشدّة والمدّة الطويلة.. وصحّ كون مثل هذا في ذرّية محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) تحت الظلم والخوف والاستتار (محفوظين مكلوئين مستقلّين في الآفاق) ذات يمين وشمال مدّة ثلاثمائة سنة وتسع سنين إلى وقت خروج المهدي بالله أبي محمّد عليه السلام وقيامه بالجهاد في المغرب. وكان كون استقرار ما أخبر الله به من حديث أصحاب الكهف عن صحّته من أمّة محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في نسل إسماعيل من دون نسل أحد من أولاد جعفر بظهور المهدي بالله عليه السلام بالمغرب، الذي بخروجه مجاهداً في سنة تسع وثلاثمائة من هجرة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأزال عن الأئمّة حجاب الخوف، وطلعت الشمس من مغربها، ودارت رحى الدين على قطبه، وعاد الحقّ إلى أهله، فصارت أعلامهم مشهورة، وراياتهم في الذبّ عن حقّهم منصورة، وكان المهدي بالله عليه السلام الرابع من ولد محمّد بن إسماعيل عليهم السلام، وسلالته وصفوته، ثبت أنّ الإمامة لإسماعيل عليه السلام وعقبه. نضيف هذه الأدلّة وأغلبها من مصادر الإخوة الاثني عشرية والتي تؤكّد أنّ الإمام جعفر الصادق نصّ على ابنه الإمام إسماعيل، وما دام أنّ الأدلّة موجودة في مصادر من ينكرون إمامة إسماعيل عليه السلام فهي أكبر دليل على ما نقوله، وإلاّ لما وجدت في تلك المصادر. وفي البداية هذه نبذة موجزة عن الإمام إسماعيل بن جعفر عليهما السلام: الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، يكنّى بأبي محمّد، ويلقّب بـ(الوفي). ذكر في العديد من المصادر الموثوق بها أنّ والدته هي فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام). وأشارت بعض المصادر إلى أنّ الإمام الصادق لم يتزوّج عليها في حياتها، ولم يتّخذ عليها سرية، كفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حقّ خديجة(عليها السلام)، وكفعل الإمام عليّ(عليه السلام) في حقّ فاطمة الزهراء(سلام الله عليها).. وبهذا الحسب والنسب الشريف يكون الإمام إسماعيل خلاصة وسلالة الغرّ الميامين. وقد جاء في كتاب (شرح الأخبار) للقاضي النعمان بن محمّد أنّ إسماعيل كان أحبّ أولاد الصادق إليه، وأبرّهما به. ويقول حاتم بن عمران بن زهرة في كتابه (الأُصول والأحكام): كان أفضل أخوته وأكملهم عقلاً، وأكثرهم علماً، إضافة إلى أنّه كان حاذقاً ومتبحّراً في علم التأويل. ويقول المفضل بن عمر الصيرفي: أنّ الإمام جعفر الصادق بسبب حبّه الشديد لابنه إسماعيل حذّر أهل المدينة قائلاً: (لا تجافوا إسماعيل)! وورد في مصادر الإخوة الاثني عشرية أنّ الإمام جعفر الصادق استخلف ابنه الإمام إسماعيل ونصّبه خليفة ووصياً له، ومن الأدلّة والروايات والأحداث التي تؤكّد وتثبت إمامته، نذكر الآتي: 1- روى الكليني والمفيد والطوسي: عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: كنت عند أبي الحسن العسكري وقت وفاة ابنه أبي جعفر، وقد كان أشار إليه ودلّ عليه, وإنّي لأفكر في نفسي وأقول هذه قصّة أبي إبراهيم وقصّة إسماعيل, فأقبل إليَّ أبو الحسن، وقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي جعفر وصيّر مكانه أبا محمّد كما بدا له في إسماعيل بعدما دلّ عليه أبو عبد الله ونصّبه, وهو كما حدّثتك نفسك وأنكره المبطلون. أبو محمّد ابني الخلف من بعدي عنده ما تحتاجون إليه, ومعه آلة الإمامة والحمد لله!! لاحظ أنّ هذه الشهادة صادرة من أحد أئمّة الاثني عشرية، وهو أبي الحسن العسكري بأنّ الإمام الصادق دلّ على إسماعيل ونصّبه، وهذا يؤكّد على أنّ خصال الفضل والشرف اجتمعت في إسماعيل، وأنّ الإشارة وقعت عليه في حياة أبيه!! 2- كذلك ذكر الحسن بن موسى النوبختي في كتابه (فرق الشيعة): أنّ الإمام الصادق نصّ على ابنه إسماعيل، وهذا قوله: ((فإنّه لمّا أشار جعفر بن محمّد إلى إمامة ابنه إسماعيل ثمّ مات إسماعيل في حياة أبيه رجعوا))، وما دام أنّه ثبت وقوع النصّ والإشارة على إسماعيل من والده فذلك يكفي لإثبات أحقّيته بالإمامة، ويكفي لإسقاط حجج من ينكر إمامته حتّى لو توفّي في حياة والده الصادق، فقد أصبحت في عقب إسماعيل، وفي ذرّيته تمشي قدماً قدماً، ولا تمشي إلى الوراء، ولا ترجع القهقري، وهي بالنصّ من إمام على إمام!! فكيف ترجع عن إسماعيل عليه السلام بعد أن صارت إليه ووقع النصّ عليه؟ فلا يجوز بعد أن صارت إليه إلاّ أن تمضي من بعده قدماً في عقبه، وفي ولده الإمام محمّد بن إسماعيل، عرف ذلك من عرفه من المحقّقين، وجهله من جهله، والشكّ لا ينقض اليقين. والذين رجعوا بعد معرفتهم بأنّ إسماعيل هو الإمام الشرعي وصاحب الحقّ هم الذين ظلّوا الطريق، ومن رجع ونكث وانقلب فعلى نفسه؛ قال تعالى: (( أَفَإِن مَاتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَى أَعقَابِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلَى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئاً وَسَيَجزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )) (آل عمران:144)، ومن أنكر وجحد الحقّ بعد المعرفة فهو كما قال تعالى: (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيقَنَتهَا أَنفُسُهُم ظُلماً وَعُلُوّاً )) (النمل:14) ، أمّا من اتّبع طريق الحقّ، والتزم بمن أشار إليه وليّ الأمر فقد أخذ بحظّه!! قال تعالى: (( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاَغُ المُبِينُ )) (النور:54). أيضاً من الأدلّة التي تثبت أنّ الإمام الصادق قد نصّ على ابنه الإمام إسماعيل وأنّ الناس كانوا يأتّمون به في حياة والده الآتي: 1- عن مسمع كردين، قال: دخلت على أبي عبد الله وعنده إسماعيل، قال: ونحن إذ ذاك نأتمّ به بعد أبيه... الرواية!! (1) 2- ذكر الوليد بن صبيح أنّ أباه قد أوصى إليه، وقال: كان بيني وبين رجل، يقال له: عبد الجليل، صداقة في قدم، فقال لي: إنّ أبا عبد الله أوصى إلى إسماعيل في حياته قبل موته بثلاث سنين!! (2) . ماذا يقول الإمام موسى الكاظم عن المهدي بالله عليه السلام: روى عبد الرحمن بن بكار الأقرع القيرواني, قال: حججت, فدخلت المدينة, فأتيت مسجد رسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم), فرأيت الناس مجتمعين على مالك بن أنس يسألونه ويفتيهم. فقصدت نحوه, فإذا أنا برجل وسيم حاضر في المسجد وحوله حفدة يدفعون الناس عنه, فقلت لبعض من حوله: من هذا؟ قالوا: موسى بن جعفر. فتركت مالكاً, وتبعته, ولم أزل أتلطف حتّى لصقت به, فقلت: يا ابن رسول الله إنّي رجل من أهل المغرب من شيعتكم وممّن يدين الله بولايتكم. قال لي: إليك عنّي يا رجل, فإنّه قد وكلّ بنا حفظة أخافهم عليك. قلت: باسم الله, وإنّما أردت أن أسألك. فقال: سل عمّا تريد؟ قلت: إنّا قد روينا أنّ المهدي منكم, فمتى يكون قيامه, وأين يقوم؟ فقال: إنّ مثل من سألت عنه مثل عمود سقط من السماء رأسه من المغرب وأصله في المشرق, فمن أين ترى العمود يقوم إذا أُقيم؟ قلت: من قبل رأسه. قال: فحسبك من المغرب يقوم وأصله من المشرق، وهناك يستوي قيامه ويتمّ أمره. وممّا يحتجّ به الإخوة الاثنا عشرية: قولهم: بأنّ الرواية التي وردت عن المهدي، وهي قول الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ المهدي بالله يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)، بأنّها لم تنطبق على المهدي بالله عليه السلام. ونقول لهم ردّاً على ذلك: قال الله سبحانه وتعالى في حقّ نبيّه الكريم: (( هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ )) (التوبة:33). ونحن نعلم أنّ الرسول الكريم توفّي ولم يتحقّق كلّ ذلك بالمطلق، ولم يظهر الإسلام على الأديان الأُخرى، ولم يغطّي جميع الأماكن، ولم يتعدّى حدود الجزيرة العربية، ولكن نحن نؤمن ونقول بأنّ الله لن يخلف وعده، وسيتحقّق وعد الله لنبيّه على أيدي الأئمّة من ولده إن شاء الله، وكلّ الفضل يرجع في ذلك للرسول الكريم(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وينسب إليه حتّى لو تحقّق ذلك فيما بعد على أيدي الأئمّة من ولده؛ لأنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مفتاحه وأساسه وبداية الأمر تمّ على يديه، ونفس الشيء ينطبق على الإمام المهدي(عليه السلام)، كما وعد رسول الله بذلك، حتّى لو لم يتحقّق بالمطلق في حياته فما يكون بعد ذلك من ولده فهو منسوب إليه(عليه السلام), مثلما جميع ذلك ينسب إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ إذ كان أوّل ما جاء به وعنه تأصّل وتفرع، وكلّ قائم من ولده من بعده مهدي قد هداهم الله عزّ وجلّ وهدى بهم عباده، فهم الأئمّة المهديّون والعباد الصالحون الذين ذكرهم الله في أنّه يورثهم الأرض، وهو لا يخلف الميعاد!! *************************


الأخ احمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قبل أن نورد الجواب، نودّ أن نشير إلى أنّ الأدلّة المنقولة أوّلاً مأخوذة من كتاب (المصابيح في إثبات الإمامة) لحجّة الواقين حميد الدين الكرماني (1) ، ولكن كثر فيها التصحيف والخطأ هنا. لقد بنى مَن يريد الاستدلال على إمامة إسماعيل (وهو الكرماني) أدلّته على مقدّمة باطلة نحن لا نقرّ بصحّتها, وهي: كون الإمام الصادق(عليه السلام) قال بإمامة إسماعيل قبل أن يقول بإمامة الكاظم(عليه السلام). فما ذكره الكرماني كلّه يسقط بعد بطلان هذه المقدّمة. وأمّا ما ذكره الكاتب من النصوص التي يقول أنّها تدلّ على إمامة إسماعيل، فنحن نجيب عنها ونقول: أمّا رواية الغيبة عن الإمام العسكري(عليه السلام)، فهي قد رويت في (الكافي) بصيغة أُخرى، فبدل قول الإمام العسكري(عليه السلام): (بعد ما دلّ عليه)، جاء في (الكافي): (بعد مضي إسماعيل)، وبذلك لا يكون فيها أي دليل على الإمامة، وأمّا البداء، فالمقصود به هو: ظهور الأمر عند الشيعة أنّ الإمامة ليست في إسماعيل، والتوهّم السابق ليس منشأه الإمام، بل لتصوّرهم أنّ الإمامة تكون في الأكبر، أو غير ذلك. والجملة الأخيرة في رواية (الكافي) تدلّ على عدم الإمامة من الأوّل في إسماعيل؛ فإنّ قوله: (ما كشف به عن حاله) يدلّ على أنّه من أوّل الأمر لم يكن إماماً، لا أنّه تغيّر حاله من إمام إلى غير إمام (2) . وأمّا ما ذكره صاحب (فرق الشيعة) فهو بصدد تعداد الفرق، وأنّ كلّ واحد منها تزعم شيئاً تدّعي به صحّة مذهبها, فما ذكره من أنّ الإمام أشار إليه بالإمامة فإنّه زعم منهم بذلك، وليس هذا قوله. وأمّا رواية كردين، فأنّها لا تدلّ على إمامة إسماعيل، بل تدلّ على أنّ الشيعة كانت تعتقد بإمامته، وهذا ما قلنا به في معنى البداء. ثمّ أنّ الرواية تدلّ في آخرها على خطأ هذا الاعتقاد، وأنّ الموصى له هو: الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام)، لا إسماعيل، فالاستدلال بجزء من الرواية على المدّعى كالاستدلال على كفر من قال: ((لا إله)). فأعجب ما في الأمر أنّ يستدلّ الإسماعيلية برواية تدحض مدّعاهم! وأرادوا بطريقة قصّ الرواية الإيحاء على أنّ الإمام أوصى إلى إسماعيل، لكن آخر الرواية ينسف هذا المعنى نسفاً، ونفس هذا الفعل تكرّر في الرواية التي بعدها, ونحن لا نجيب على هذه الرواية بأكثر من ذكرها كاملة، وهي: عن الوليد بن صبيح، قال: كان بيني وبين رجل، يقال له: عبد الجليل، كلام في قدم، فقال لي: إنّ أبا عبد الله(عليه السلام) أوصى إلى إسماعيل، قال: فقلت ذلك لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّ عبد الجليل حدّثني بأنّك أوصيت إلى إسماعيل في حياته قبل موته بثلاث سنين. فقال: يا وليد! لا والله، فإن كنت فعلت فإلى فلان - يعني أبا الحسن موسى(عليه السلام) - وسمّاه (3) . هذه هي كلّ الروايات التي يدّعي أنّها نصّ على إمامة إسماعيل والتي بنى عليها ما بنى. ولو أردنا التسليم معه على أنّ الإمام الصادق(عليه السلام) نصّ على ذلك، فمن أين له أنّ الإمامة لا ترجع القهقري ولا يحقّ للإمام تغيير الإمامة من إسماعيل بعد وفاته إلى موسى(عليه السلام)؟!! وأمّا ما ذكره بعد ذلك بشأن المهدي(عجّل الله فرجه)، فسيأتي جوابه في الأسئلة اللاحقة. ودمتم في رعاية الله