أبو صافية اليامي - السعودية
منذ 4 سنوات

 نبذة مختصرة عنهم

إنّه ليحزّ في نفسي أن أجد مثل هذه الإجابة الفجّة الخاطئة من منسوبي طائفة نكنّ لها كلّ الودّ والحبّ, ولم يدر في خلدي أبداً أنّ إخواننا الإمامية سوف يقعون في نفس المستنقع الذي وقع فيه غيرهم من دعاة الفرقة والتناحر، الذين يكيلون التُهم جزافاً، ويرمون المؤمنين بما هم منه براء، طلباً منهم إلى إشباع رغباتهم، وتحكيم أهوائهم، بلا دليل ولا برهان, وإمعاناً منهم في زيادة الهوّة، ومساهمة في توسيع دائرة الفرقة, وحسبنا الله ونعم الوكيل. ونقول: مع الأسف لقد جازف المجيب في كثير من المعلومات التي أوردها ولم يحالفه التوفيق؛ لأنّه لم يراعِ حُرمة الأمانة العلمية، ولم يتوخّ الدقّة والإنصاف في ما أورده. وبالرغم من أنّني لن أردّ على جميع الأخطاء التي وردت في مجمل إجابتك, لكن سوف أعلّق على بعض النقاط، آمل أن تجد عندكم إنصافاً، وأن تأخذ مكانها كملحق على الإجابة السابقة. أوّلاً: كأنّك تشير بطرفٍ خفي إلى أنّ جميع الأحاديث الواردة في مدى الحبّ والتقدير الشديدين من الإمام الصادق(عليه السلام) للإمام إسماعيل(عليه السلام) تعبّر عن مجرّد احترام ظاهر, كأنّك تريد أن تقول: أنّ الإمام جعفر(عليه السلام) كان يُبطن شيئاً آخر اتّجاه ابنه الأكبر إسماعيل, وهذا ما تنفيه الروايات الصحيحة عنه في كتب السيرة، وفي كتب الإمامية على وجه الخصوص. ثانياً: أردت أن تحوّر الحادثة الفريدة والتصرّف الذي لم يسبق له مثيل عند كشف جنازة الإمام إسماعيل سلام الله عليه والإشهاد عليها، لتلويها بما يوافق هواك! فلئن كان الصادق(عليه السلام) يتخوّف على محبّي إسماعيل من اعتقاد إمامته, فإنّ هذا لعمري لأكبر دليل على أنّ الأمر قد تفشّى في الشيعة أنّه هو الإمام بعد أبيه. وقد كان بإمكانه أن ينصّ على أحد أبنائه الآخرين جهراً وينفي الإمامة منه، بدلاً من أخذ الشهادات على وفاته بهذه الطريقة الغريبة. وممّا لا جدل فيه أنّ كثيراً من الشيعة يعلمون أنّ الإمامة في إسماعيل سلام الله عليه في حياة الصادق(عليه السلام) بشهادة الكثير من الإمامية، ومنهم على سبيل المثال: النوبختي في كتاب (فرق الشيعة) وغيره. وبشهادتك نفسك حيث قلت: ((وعلى هذا الرأي أكثر الإسماعيليين الذين عاصروا الإمام الصادق(عليه السلام)))، ومن فمك أدينك! وفي هذا ما يدلّ على أنّ الهوى قد حجبك عن رؤية الحقيقة. ثالثاً: قولك: ((إنّ الإمام الصادق(عليه السلام) لم ينصّ يوماً ما على أنّ الإمام بعده إسماعيل))، فهو قول تخالفه الروايات والوقائع التاريخية, ورويتم مثل ما روينا: أنّ الإمامة في إسماعيل, وعندما أعيتكم الحيل, لجئتم إلى أنّ المشيئة الإلهية قد تغيّرت إرضاء لهواكم، فاخترعتم نظرية البداء الباطلة بقولكم المزعوم: ((لم يبد لله في شيء كما بدا له في إسماعيل))، فلا تحاولوا تفسيرها بشيء من التلفيق والتأويل المعوجّ عندما انكشفت للجميع وظهر بطلانها, ولا يصلح العطّار ما أفسد الدهر! رابعاً: ادّعاؤك أنّ الإسماعيلية ترى أنّ الجانب الباطني للشريعة أهمّ من الجانب الظاهري, فقول من جانبه الصواب ولم ينظر بعين الإنصاف, فالإسماعيلية المحقّة أتباع الأئمّة الفاطميين الأطهار، تطفح تآليفهم بالردّ على مَن يدّعي ترجيح أيّ جانب على الآخر, وإنّما يرون أنّهما سيان يؤكّد كلّ منهما الآخر ويشدّه ويؤيّده, وإن استطعت أن تنقل لنا مصدر معلوماتك فأورده مشكوراً لنتدبّره, ولا أظنّك تستطيع! أمّا قولك: ((وأنّ الاهتمام لا بدّ وأن يكون بباطن الشريعة, وأمّا ظاهر الشريعة فلا يتقيّدون به أبداً))، فأطمّ وأشنع! ومن يكيل التهم جزافاً فالله حسيبه. وقولك: ((إنّ الإمام المعزّ لدين الله سلام الله عليه هو الذي أعاد أحكام الشريعة))، فبهتان عظيم، وقول مفترٍ، عارٍ عن الصحّة, تكذّبه الحقائق التاريخية، ومؤلّفات علمائنا عن بكرة أبيهم, وليس له سند علمي، ولا تاريخي، ولا نقلي. وإنّي أربأ, بإخواننا الإمامية, وهم الذين اكتووا وتضرّروا كثيراً من أقوال المشنّعين المفترين, أن يسلكوا هذا المسلك المخزي من الكذب والبهتان، والمجازفة بالتهم الشنيعة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.. وأربأ بهم عن كيل الأباطيل على طائفة كبيرة ملأت الأرض نوراً وعلماً, وأعادت للإسلام ولمذهب أهل البيت الكرام(عليهم السلام) رونقه وبهاءه بعد اندراسه، وأحيوا ما أماته الظالمون منه، فعاد غضّاً طرياً كما كان بدءاً، ولو كره الظالمون. خامساً: أمّا افتراءاتك على الإمام الحاكم بأمر الله، معز الإسلام، وبدر التمام, صاحب العلوم المضيئة، والأنوار البهية، فكسابقتها، مبنية على غير أساس, فمن يتصدّر للإجابة والفتوى في ما لا يعلم فتلك مصيبة عظيمة، ومنقصة لا تليق بإخواننا الاثنا عشرية, وكان الأولى بك أن ترجع إلى الكتب التي ألّفها الإمام الحاكم عليه السلام، ودعاته الأبرار، في الردّ على انحراف (الدروز) واعتقادهم الفاسد, وتبرئ الإمام الحاكم عليه السلام من باطلهم وكفرهم، لا أن تحكّم الهوى وتبنى أحكامك على أقوال المتخرّصين من أعداء أهل البيت(عليهم السلام).. راجع على سبيل المثال كتاب (الرسالة الواعظة في الردّ على ترهات الدروز وضلالهم)، من تأليف حجّة العراقين حميد الدين أحمد بن عبد الله الكرماني, أكبر دعاة الإمام الحاكم بأمر الله عليه السلام، فقد أتى فيها من الحجج والبراهين بما يفنّد زورك وكذبك. سادساً: أمّا كلامك الموجّه إلى الآغاخانية في عدم تقيّدهم بشيء من ضروريات الدين, فليس لدي المعرفة الكافية عن ممارساتهم, وعيب بي أن أتصدر للردّ نيابة عنهم حمية بلا علم ولا دليل, والتهمة متوجّهة إليهم، والردّ متحتّم عليهم. هذا ما أحببت أن أُضيفه، والله يجمع أُمّة محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على ما فيه صلاحها, وأن يبعدها عن ما يوقعها في شباك الفرقة والتنابز بالألقاب، ورمي الغافلين بما هم منه براء.


الاخ أبا صافية المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لعلّ من الطبيعي أن تدافع عن عقيدتك بهذا الدفاع، وترى ما يقال عنها خاطئاً. ولكن مثل ما تدعو جميع الفرق للبحث عن الحقيقة ومعرفة الفرقة الناجية، لا بدّ أن يكون الكلام شاملاً لكم ولنا أيضاً. فنحن ندعو جميع المسلمين للبحث الموضوعي البعيد عن التعصّب والعاطفة، ومن حقّك أن تستمر في متابعة أقوالنا، ولك الحقّ في الردّ على أيّ قول لا تراه صحيحاً، حتّى نتوصّل وإيّاك إلى معرفة الحقيقة، وهذا لا يعني أنّنا نسعى للفرقة والتناحر، بل نحن مع الحوار الهادئ المبني على الودّ والمحبّة لجميع من يطلب الحقيقة. ونحن نجيب عن النقاط التي ذكرتها، ونرجو الوصول إلى الحقّ من دين محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته(عليهم السلام): أوّلاً: إنّ ما يبطنه الإمام الصادق(عليه السلام) لإسماعيل، هو: أنّه ليس الإمام بعده وإن كان يظهر له الحبّ والاحترام، هذا ما كنّا نعنيه! وإذا وردت من الروايات ما يشير إلى وجود احترام وتقدير، فإنّ الإمامة الصحيحة لا تعرف بالحبّ والاحترام، بل تحتاج إلى تُعريف من الله عزّ وجلّ أنّه هو الإمام, والإمام الصادق(عليه السلام) كان يعلم أنّ إسماعيل ليس هو الإمام بعده؛ لعلامات موجودة فيه يعرفونها منذ ولادته، يتناقلونها أباً عن جد، عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فالتعامل معه كان لا يتعدّى الحبّ والتقدير لأحد أبناءه، بل لأكبرهم. ثانياً: نحن لا ننكر أنّ بعض الشيعة قد توهّم أنّ الإمام بعد الصادق(عليه السلام) هو إسماعيل، باعتبار أنّه أكبر الأولاد, وهذا التوهّم لا يكفي في جعل إسماعيل إماماً، بل لا بدّ من نصّ، والنصّ موجود في حقّ أخيه, وما فعله الإمام الصادق(عليه السلام) من أخذ الشهادات هي شيء إضافي، ليثير انتباه المتوهّمين، وللتأكيد على عدم الإمامة في إسماعيل, وهذا الوهم الحاصل عند بعض الشيعة الناتج من كون إسماعيل أكبر الأولاد هو الذي أشرنا إليه بقولنا: ((وعلى هذا أكثر الاسماعيليين)). ونحن نذكر لك نصّاً واحداً أشار فيه الصادق(عليه السلام) على إمامة موسى الكاظم(عليه السلام)، وهناك المزيد: ففي كتاب (الإمامة والتبصرة): عن أبي عبد الله(عليه السلام) وعنده إسماعيل ابنه، فسأله الراوي عن قبالة الأرض؟ فأجابه الإمام الصادق(عليه السلام)، فقال له إسماعيل: يا أبه إنّك لم تفهم ما قال لك: قال - أي الراوي ــ: فشقّ ذلك علَيَّ؛ لأنّا كنّا يومئذٍ نأتمّ به بعد أبيه، فقال - أي: الإمام الصادق(عليه السلام) ــ: إنّي كثيراً ما أقول لك: (الزمني وخذ منّي) فلا تفعل. قال: فطفق إسماعيل وخرج. ودارت بي الأرض فقلت: إمام يقول لأبيه: (انّك لم تفهم), ويقول له أبوه: (انّي كثيراً ما أقول لك تقعد عندي وتأخذ منّي، فلا تفعل). قال: فقلت: بأبي أنت وأمّي وما على إسماعيل أن لا يلزمك ولا يأخذ عنك، إذا كان ذلك وأفضت الأُمور إليه، علم منها الذي علمته من أبيك حين كنت مثله؟ قال: فقال: (إنّ إسماعيل ليس منّي كأنا من أبي... والحديث طويل: إلى أن يسأله الراوي عن الإمام بعده، فيقول الإمام(عليه السلام) للراوي: (قم، فخذ بيده، فسلّم عليه - أي: على الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) - فهو مولاك من بعدي، لا يدّعيها فيما بيني وبينه أحد إلاّ كان مفترياً, يا فلان! إن أخذ الناس يميناً وشمالاً فخذ معه؛ فإنّه مولاك وصاحبك, أما إنّه لم يؤذن لي في أوّل ما كان منك), قال: فقمت إليه، فأخذت بيده فقبّلتها، وقبّلت رأسه، وسلّمت عليه، وقلت: أشهد أنّك مولاي وإمامي... إلى أن يسأل الراوي الإمام(عليه السلام): بأبي أنت وأُمّي! أُخبر بهذا؟ قال: (نعم، فأخبر به مَن تثق به، وأخبر به فلاناً وفلاناً - رجلين من أهل الكوفة - وأرفق بالناس ولا تلقينّ بينهم أذىً), قال: فقمت فأتيت فلاناً وفلاناً وهما في الرحل فأخبرتهما الخبر, وأمّا الفلان: فسلّم وقال: سلمت ورضيت, وأمّا فلان فشقّ جيبه وقال: لا والله لا أسمع ولا أطيع ولا أقرّ حتّى أسمع منه. فلمّا جاء إلى الإمام قال له: (ابني موسى(عليه السلام) إمامك ومولاك بعدي، لا يدّعيها أحد فيما بيني وبينه إلاّ كاذب ومفتر))) (1) . والحادثة الفريدة التي ذكرناها تصرّف طبيعي من إمام معصوم، وزعيم لطائفة الحقّ في أن يدفع عن أتباعه أيّ توهّم، كأن يعتقدوا بقاء إسماعيل حيّاً وغيبته، ولا يحكم العقل بأنّه لا يكون مثل هذا التصرّف من الإمام(عليه السلام) إلاّ إذا كان أكثر الشيعة يعتقدون بإمامة إسماعيل، بل العقل يحكم بالعكس وأنّ وظيفة الإمام(عليه السلام) - الذي هو لطف من الله تعالى - تحتّم عليه دفع الشبهات حتّى عن العدد القليل من أصحابه, بل الواحد, بل قد يحصّنهم قبل الشبهة، والشواهد من الروايات على ذلك كثيرة، فاستفادة كثرة الإسماعيلية من فعل الإمام بإسماعيل هنا ما هو إلاّ توهّم ومبالغة؛ فقولك: إنّه ((أكبر دليل على أنّ الأمر قد تفشّى في الشيعة)) لهو تسرّع في القول لا يقبله العقل العلمي! ولا بأس من الإشارة إلى أنّه بعد أن فعل الإمام(عليه السلام) بإسماعيل ما فعل، عاد كثير ممّن كانوا يتوهّمون أنّ الإمامة ستكون في إسماعيل إلى الحقّ بإمامة موسى بن جعفر(عليه السلام). وهي الفائدة المرجوة من فعل الإمام(عليه السلام). ثمّ مَن قال لك: أنّا نستدلّ على إمامة موسى الكاظم(عليه السلام) بما فعله الإمام الصادق(عليه السلام) بإسماعيل؟! ومَن قال لك: أنّ الإمام(عليه السلام) لم ينصّ على الإمام بعده؟! بل إنّ الإمام(عليه السلام) فعل الأمرين! وهو غاية التدبير والتبليغ, فقد نصّ على الإمام الكاظم(عليه السلام) في زمن حياة إسماعيل وعند وفاته وبعدها، كما كشف عن وجه إسماعيل ليثبت للشيعة موته القطعي؛ دفعاً لأيّ توهّم أو شبهة. وأمّا استفادتك من أنّ أكثر الشيعة كانوا إسماعيلية من كلام النوبختي؛ فنعتقد أنّ عبارة النوبختي واضحة! حيث كان ينقل مدعى الإسماعيلية، ولا إشارة فيها إلى قول الكثير أو الاكثرمن الشيعة؛ فلاحظ! فمن أيّ كلام تديننا؟ ومَن هو الذي حجبه الهوى عن رؤية الحقيقة؟! ثالثاً: نحن نطالبك بالروايات المدّعاة في إمامة إسماعيل، ولم نروِ نحن أنّ الإمام هو إسماعيل, وما نقوله في البداء هو الذي قلناه، لا كما تريد أن تفهمه من أنّ الإمامة كانت في إسماعيل ثمّ حوّلت إلى الإمام موسى(عليه السلام). بل نقول: إنّ الإمامة من الأصل لم تكن في إسماعيل، وإنّما هي لموسى(عليه السلام), وما ذكره صاحب (فرق الشيعة) من أنّ الإمام الصادق(عليه السلام) أشار بالإمامة لإسماعيل (2) - لو سلّمنا أنّه قوله ولم يكن محكيّ القول عن هذه الفرقة؛ وهو: الأصح - فهو لا يمثل إلاّ رأيه الشخصي، وليس قوله هذا صادر من المعصومين، ونحن غير ملزمين بقوله هذا مع مخالفة جميع علماء ومحدّثي الطائفة له. ثمّ لا تنسى أنّنا نعرض عقيدتنا حسب ما روي عندنا ولا حجّة علينا من روايات الآخرين, فالموجود عندنا روايات تنصّ على إمامة الكاظم(عليه السلام)، وروايات فيها ظهور البداء من الله في حقّ الإمام الكاظم(عليه السلام)، وليس عندنا روايات تنصّ على إمامة إسماعيل، وللبداء عندنا معنى ثابت مأخوذ من أئمّتنا(عليهم السلام) ومذكور في كتبنا، فبمقتضى الجمع بين الروايات وبين معنى البداء عندنا، خرجنا بالنتيجة التي لا يمكن الركون إلى غيرها وعليها اعتقاد الشيعة الإمامية الآن، وهي حمل روايات البداء على ما عرفت. فكيف لك أن تحتجّ علينا بما رويتم أنتم وبما تعتقدون من بطلان البداء؟! وهذا لا يكون نقاش في كيفية استفادتنا إمامة الكاظم(عليه السلام) من رواياتنا, بل يكون نقاش في أُصول أُخرى، وهي: صحّة الروايات عندنا أو عندكم، أو إمكان تعارضها، وعن صحّة عقيدة البداء، وهو شيء آخر، كما تعلم. بل أنتم أعيتكم الحيل حتّى قلتم بالإمامة المستقرّة والإمامة المستودعة بعد أن لم تستطيعوا دحض حجج مخالفيكم في إمامة الكاظم(عليه السلام)!! رابعاً: إنّ ما ذكرناه عن الإسماعيليين كان بشكل عام بمجمل فرقها، فكان حديثنا عن تلك المجموعات التي تقول أنّها من الفرقة الإسماعيلية، وأنت قد قسّمت الإسماعيلية إلى محقّة وباطلة، ونحن ننقل لك ما كتب عن الإسماعيلية من بعض المصادر التاريخية، إضافة لما ذكرناه من بعض مصادرهم في جوابنا السابق: ففي كتاب (تاريخ تشيع در إيران) لرسول جعفريان، عند حديثه عن بعض الحكّام الإسماعيليين، يقول ما تعريبه: ((والحسن ابن ونائب محمّد (محمّد بن بزرك أُميد، وبزرك أُميد كان نائب الحسن بن صباح) هو أوّل حاكم إسماعيلي (في قلعت الموت)، خرج على النظام المألوف المتمثّل برعاية ظواهر الشرع، من خلال تمسّكه بقاعدة التأويل، وأسس نوعاً من الحكومة التأويلية القائمة على أساس الباطنية والموافقة لهواه؛ يقول الجويني: (إنّما قام في أوّل تولّيه شؤون الحكم بعد أبيه بإبطال الشعائر الشرعية والقواعد الإسلامية التي كانوا يلتزمون بها منذ عهد الحسن بن الصباح). وأعلن الحسن بن محمّد هذا عن شعائر القيامة، وقال: ((الآن حان يوم القيامة واليوم حساب لا عمل، لذا من عمل بحكم الشريعة في يوم القيامة وواظب على العبادات والشعائر استوجب النكال والقتل والرجم والتعذيب)). وحكم بعده محمّد بن الحسن الذي كان أكثر غلوّاً من أبيه في هذا الطريق... وعلى خلافه كان ابنه جلال الدين؛ إذ توجّه لرعاية ظواهر الشرع، وفتح الروابط مع خلفاء بغداد. بيد أنّ نجله علاء الدين أعاد نهج الإلحاد بعده)) (3) . ولك الحقّ في أن تقول أنّ الحديث كان عن هذه الجماعات التي انحرفت عن الفرقة المحقّة، ولكنّهم على كلّ حال يعدّون من الإسماعيلية، وكان كلامنا عن الإسماعيلية عامّاً، مع أنّا لا ننكر أنّ حقّ الكلام كان لا بدّ فيه من التفصيل والتفرقة بين فرق الإسماعيلية، فلك عذرنا على ما ظهر من كلامنا من تعميم، أو من اعتمادنا على كتب غيرهم. ولعلّك إذا عرفت السبب في ذلك عذرتنا؛ فإنّ كتب الإسماعيلية نادرة، أكثرها مخطوطة ما عدا ما طبع منذ فترة، كالكتب التي حقّقها عارف ثامر ومصطفى غالب، ولا تظنّ أنّ قولنا هذا جزافاً، فالموجود من كتب الإسماعيلية عندنا لا يتجاوز العشرين، المطبوعة منها والمخطوطة، ولا نقول أنّ كتب الإسماعيلية قليلة، وإنّما نقول أنّها نادرة الوجود، فنلجأ عند حاجتنا للبحث عنهم إلى كتب التاريخ والفرق من غيرهم؛ إذ ما موجود عندنا، مثل: كتاب (دعائم الإسلام)، وكتاب (افتتاح الدعوة) للقاضي النعمان، لا يوجد فيه من عقائد الإسماعيلية ما يشفي الغليل، أمّا (زهر المعاني) فقد نقلنا لك بعض ما فيه. فهل لك أن تدلّنا على المصادر المطبوعة التي يمكن الاعتماد عليها في أخذ عقائد الإسماعيلية التي تدّعي أنّها المحقّة، أو أن تكتب لنا عن عقائدكم بشيء من التفصيل المدعوم بالدليل والمصدر، حتّى يصبح النقاش فيما بيننا أكثر علمية، ولك جزيل الشكر؟! وأمّا ما ذكرنا عن الحاكم بأمر الله، فهو مأخوذ من كتب التاريخ والفرق، كما ذكرنا، ولك الحقّ في الاعتراض عليه، ولكن قد ذكرنا لك السبب في ذلك آنفاً. خامساً: نحن لم نذكر أنّ الحاكم كان يرضى بما يقوله الدروز في حقّه، أو لا يرضى، بل ذكرنا مقولة الدروز فيه، والدروز كما تعرف فرقة منشقّة من الفرقة الإسماعيلية، ونحن لم نفترِ عليه، بل قلنا ما قاله الآخرون فيه. وأخيراً نسأل الله أن يوفق الجميع للتعرّف على الحقيقة، والاتّحاد تحت لواء الفرقة الناجية، ومن الله التوفيق. ودمتم في رعاية الله

1