رافد الجواهري - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 الدليل العقلي على التمسّك بالإسلام

السؤال الأوّل: هل كلّ شخص مؤمن بالله وله دينه يجب بالضرورة أن يكون مسلماً؟ السؤال الثاني: هل الشخص المؤمن بالله وملتزم بإيمانه وشروط المواطنة الصالحة يتساوى مع المسلم بنفس الجزاء والثواب، أم يبقى المسلم أفضل وإن تساوت المواصفات؟ السؤال الثالث: هل أنّ المسيحي أو اليهودي المؤمن بالله والمطبّق لتعاليم دينه والمتمتّع بمواصفات المواطنة الصالحة والإنسانية، وكأيّ شخص يخدم المجتمع الذي هو فيه، يتمتّع برضا وقبول الباري عزّ وجلّ كأيّ مسلم بنفس المواصفات؟ السؤال الرابع: هل أنّ الآية المباركة بسم الله الرحمن الرحيم (( أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )) (الانبياء:105) تشمل المسلم والمسيحي واليهودي وكلّ شخص مؤمن بالله عزّ وجلّ؟ السؤال الخامس: نحن نعرف جيداً أنّه من غير المقبول نهائياً أن يغيّر المسلم دينه إلى أي دين آخر (لأنّ الإسلام هو خاتم الأديان)، لكن هل من الضروري أن يتحوّل المؤمن المسيحي أو... إلى مسلم كي يرتقي إلى منزلة المسلم عند الله عزّ وجلّ؟ علماً أنّ الاثنين يتمتّعان بنفس القدر من الإيمان والمواطنة الصالحة! السؤال السادس: هل مخالطة البوذي أو الهندوسي كجار، أو صديق عمل، أو دراسة، ويتمتّع بالأخلاق العالية والاحترام مقبول شرعاً؟


الاخ رافد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا بدّ من تقديم مقدّمة قبل الإجابة عن أسئلتك: ذكر علماؤنا أنّ المقصود بالإيمان عندنا هو: الاعتقاد بوحدانية الله تعالى والآخرة، ورسالة النبيّ الخاتم محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم). ويشمل الإيمان برسالة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): الإيمان بنبوّة الأنبياء السابقين عليه والكتب السماوية السابقة، وما أتى به من تعاليم وأحكام إسلامية للبشر من جانب الله تعالى، وأهمّها: الإمامة، وإن كان منكرها لا يخرج عن الإسلام. وعكسه الكفر، وهو: إنكار وحدانية الله والآخرة ورسالة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو حتّى إنكار أحد مسلّمات الإسلام وضرورياته؛ إذ أنّها مستلزمة للردّ على الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو: نحو إنكارٍ لرسالته. والإيمان مكانه قلب الإنسان، ولكن حكمه مشروط بإظهاره باللسان أو غيره، أو عدم الإنكار على الأقلّ، وهو يستلزم العمل الذي هو من آثار الإيمان العملية. إذا اتّضح لك هذا، نجيب عن أسئلتك تباعاً: الأوّل: إنّ الذي يؤمن بالله فقط ولا يؤمن بالرسول محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهو موحّد، وهذا يشمل أتباع الديانات السماوية الأُخرى، ولا يُطلق عليه مؤمن بالمصطلح الديني عندنا.. ولقد عرفت من المقدّمة السابقة أنّ إيمانه بالله فقط لا يكفيه؛ إذ لا بدّ له من البحث والتحقيق في ادّعاء النبوّة الخاتمة من قبل نبيّنا محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتّى يصل إلى الحقّ، إذ لو ثبتت نبوّته ورسالته(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإنّها سوف تنسخ النبوّات والرسالات السابقة عليها؛ لأنّ الإيمان بخاتميتها وعدم قبول التديّن بما قبلها من مقوّمات الإيمان بها. ومن هنا نقول: إنّ الله جلّ جلاله لا يقبل إيمان أيّ إنسان بعد نزول رسالة الإسلام إلاّ بأن يكون الإيمان بمحمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مقارناً للإيمان بالله جلّ جلاله، وعليه فلا يقبل أيّ إيمان من أيّ إنسان إلاّ الإسلام. ومنه يتوضّح الجواب على السؤال الثاني من أنّ الثواب والعقاب سوف ينصبّ على الإيمان بما هو مطلوب في الإسلام؛ إذ عدم دخول شخص في الإسلام يعني: عدم الإيمان بالرسول الذي أرسله الله، وهو عصيان وخروج من طاعة الله فيستحقّ العقاب، هذا في الثواب والعقاب الأُخروييّن. الثالث: أمّا ما قلته من المواطنة الصالحة فإنّ من الأحكام التشريعية للإسلام - والتي ينصبّ بعضها على تنظيم المجتمع - حقوق وواجبات متساوية لكلّ إنسان في المجتمع وإن اختلفت في الكلّية، بغض النظر عن دينه وملّته، فالمسيحي كالمسلم في حرّيته الفردية ومتعلّقاتها، وما ينصبّ عليه من حقوق وواجبات، وهذا شيء لا علاقة له بالثواب والعقاب الأُخروي. أمّا الكلام على أنّ العمل الصالح أو المواطنة الصالحة من غير المسلمين هل فيها ثواب أُخروي؟ فهناك قول من أنّ الله يثيبهم على أعمالهم الصالحة في الدنيا، ومن الطبيعي أنّ المواطن الصالح المسيحي أو اليهودي يفرق عند الله عن المجرم الفاسق منهما، وهذه الأعمال الصالحة قد تؤثّر في تخفيف العذاب عنه يوم القيامة؛ إذ للعقاب درجات، وقد يدخل في رحمة الله تعالى إذا كان قاصراً غير مقصّر. كما أنّ هناك بحث في كيفية إثابة مثل: أديسون، الذي خدم البشرية، وهل تكون في الدنيا أو في الآخرة؟ ومن الواضح أنّ كلّ عمل طيّب وفيه خدمة للبشر يحظى بقبول الباري، وإنّما الكلام في كيفية الثواب؟ هذا في الآخرة.. أمّا في حقوقه وثوابه على عمله الجيّد الطيّب في المجتمع الإسلامي، فإنّ له الحقّ فيه بالتساوي مع أيّ مسلم آخر، وهذا فيه جواب السؤال الثالث، مع الإشارة إلى أنّ الله لا يقبل منه التديّن والعبودية له بالمسيحية أو اليهودية بعد مجيء الإسلام ورسالة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الخاتمة! الرابع: يوجد في تفسير الآية: (( يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )) روايات عن أئمّتنا(عليهم السلام) تفسّر أنّ العباد الصالحين هم: الإمام الحجّة(عجّل الله تعالى فرجه) وأصحابه(1)، فلا علاقة لها بالمسلمين والمسيحيين واليهود. الخامس: وجوابه توضّح ممّا سبق، فإنّ الذي لا يؤمن برسالة النبيّ الخاتم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يُطلق عليه مؤمن أصلاً، وهو كافر بما أنزل الله جلّ جلاله، فقولك: أنّهما يتمتّعان بنفس القدر من الإيمان، غير صحيح؛ فإنّ غير المسلم كافر لا مؤمن، نعم يُطلق عليه موحّد، وأمّا المواطنة الصالحة فلا علاقة لها بالإيمان وإنّما أثرها دنيوي من متطلّبات نظم المجتمع الإنساني أو الإسلامي. السادس: في الأصل لا مانع من مصادقتهم وتبادل الاحترام معهم كإخوة في الإنسانية، وهو مبدأ إسلامي، ولكن يجب أن يبقى الحكم الشرعي محفوظاً، وهو عدم جعل السبيل للكافرين على المسلمين، وهو يعني: عدم جواز أيّ نوع من أشكال استعلاء الكافر على المسلم، إضافة إلى الحكم الوضعي الآخر، وهو: الحكم بنجاسة وعدم طهارة الكافر المشرك غير الموحّد، وأمّا نجاسة الموحّد، أيّ: التابع لأحد الأديان السماوية، ففيه رأيان للمراجع الكرام، يتبع فيه المكلّف مقلّده. ودمتم في رعاية الله

1