احمد البلوشي - السعودية
منذ 4 سنوات

الاسراء و المعراج

ما معنى الإسراء والمعراج؟ وما هي أسبابه ونتائجه؟


الأخ احمد المحترم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته لقد أُسري إلى بيت المقدس - حسب نصّ القرآن في سورة الإسراء - بالنبيّ محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بروحه وجسده من مكّة المكرّمة، وذلك في السنوات الأولى من البعثة. كما عُرج(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بروحه وجسده من بيت المقدس إلى السماء، كما وردت بذلك الأخبار الكثيرة. وأمّا أهداف الإسراء والمعراج، فقد أورد بعضها السيّد جعفر مرتضى العاملي في (الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم))، قال: فهي: أوّلاً: إنّ حادثة الإسراء والمعراج معجزة كبرى خالدة، ولسوف يبقى البشر إلى الأبد عاجزين عن مجاراتها وإدراك أسرارها، ولعلّ إعجازها هذا أصبح أكثر وضوحاً في القرن العشرين وهذا القرن، بعد أن تعرّف هذا الإنسان على بعض أسرار الكون وعجائبه، وما يعترض سبيل النفوذ إلى السماوات من عقبات ومصاعب. وثانياً: يلاحظ أنّ هذه القضية قد حصلت بعد البعثة بقليل، وقد بيّن الله سبحانه الهدف من هذه الجولة الكونية؛ فقال في سورة الإسراء: (( لِنُرِيَهُ مِن آيَاتِنَا )) (الاسراء:1)، وإذا كان الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو الأُسوة والقُدوة للإنسانية جمعاء، وإذا كانت مهمّته هي: حمل أعباء الرسالة إلى العالم بأسره، فإنّ من الطبيعي: أن يعدّه الله سبحانه إعداداً جيّداً لذلك، وليكن المقصود من قصّة الإسراء والمعراج هو: أن يشاهد الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعض آثار عظمة الله تعالى، في عملية تربوية رائعة، وتعميق وترسيخ للطاقة الإيمانية فيه، وليعدّه لمواجهة التحدّيات الكبرى التي تنتظره، وتحمّل المشاق والمصاعب والأذايا التي لم يواجهها أحد قبله، ولا بعده. وثالثاً: لقد كان الإنسان - ولا سيّما العربي آنئذ - يعيش في نطاق ضيّق، وذهنية محدودة، ولا يستطيع أن يتصوّر أكثر من الأُمور الحسّية، أو القريبة من الحسّ، التي كانت تحيط به، أو يلتمس آثارها عن قرب. فكان - والحالة هذه - لا بدّ من فتح عيني هذا الإنسان على الكون الأرحب، الذي استخلفه الله فيه، ليطرح على نفسه كثير من التساؤلات عنه، ويبعث الطموح فيه للتعرّف عليه، واستكشاف أسراره، وبعد ذلك إحياء الأمل وبثّ روح جديدة فيه، ليبذل المحاولة للخروج من هذا الجوّ الضيّق الذي يرى نفسه فيه، ومن ذلك الواقع المزري، الذي يعاني منه، وهذا بالطبع ينسحب على كلّ أُمّة، وكلّ جيل، وإلى الأبد. ورابعاً: والأهمّ من ذلك: أن يلمس هذا الإنسان عظمة الله سبحانه، ويدرك بديع صنعه، وعظيم قدرته، من أجل أن يثق بنفسه ودينه، ويطمئن إلى أنّه بإيمانه بالله، إنّما يكون قد التجأ إلى ركن وثيق لا يختار له إلاّ الأصلح، ولا يريد له إلاّ الخير، قادر على كلّ شيء، ومحيط بكلّ الموجودات. وخامساً وأخيراً: إنّه يريد أن يتحدّى الأجيال الآتية ويخبر عمّا سيؤول إليه البحث العلمي من التغلّب على المصاعب الكونية، وغزو الفضاء، فكان هذا الغزو بما له من طابع إعجازي خالد هو الأسبق والأكثر غرابة وإبداعاً، وليطمئن المؤمنون، وليربط الله على قلوبهم، ويزيدهم إيماناً (1) . ودمتم في رعاية الله

1