logo-img
السیاسات و الشروط
ابو محمد - البحرين
منذ 5 سنوات

 الروايات الواردة في كيفية الاستخارة

الكلام عن الاستخارة في عدّة جوانب: 1- جميع روايات الاستخارة ضعيفة السند, كما صرّح بذلك الشيخ جواد التبريزي في (صراط النجاة), والشيخ ناصر مكارم في كتابه (القواعد الفقهية/ باب القرعة), وكذا الشيخ محمّد باقر الإيرواني في (القواعد الفقهية/ باب القرعة). 2- قد يدّعى كثرة الروايات التي تبلغ حدّ التواتر, وفيه: إنّ أكثر من خمسين رواية منها ليس بمعنى الاستخارة المتحدّث عنها، وإنّما بمعنى: طلب الخير من الله سبحانه, مثل: (لا خير في من لا يستخير في اليوم سبعين مرّة).. والرواية التي تحثّ من أراد الزواج فليصلِّ ركعتين، ثمّ يستخير الله مائة مرّة.. وغيرها كثير, كما صرّح بذلك السيّد عبد الله شبّر في كتابه: (الاستخارة). وهذا المعنى من الاستخارة - وهو: طلب الخير - هو المعنى الثابت, ولكنّه المهمل عملياً. 3- إنّ الاستخارة فيها طلب كشف الغيب؛ حيث انّنا نطلب من الله سبحانه أن يرينا الواقع المجهول, وأنّ الإقدام على الفعل الفلاني هل هو أمر جيّد أم لا, وهذا خلاف الروايات التي تحثّ على الاهتداء بالعقل، وتعاليم الآيات والروايات والاستشارة.. وعلى كلّ حال هو أمر غريب عن روح الشريعة, فهو أشبه بطلب المعجزة. 4- يقول صاحب (الميزان): إنّ الاستخارة ما هي إلاّ محاولة لقطع الحيرة, ولإخراج الإنسان من الحيرة السلبية, وليس ما تنتجه الاستخارة هو أمر في مصلحة أو مفسدة... ولو اعتقد الناس بهذا الرأي, لما لجأت إلى الاستخارة. - استميحكم عذراً لعدم بيان المصادر بدّقة, لأنّي كتبت التعليق اعتماداً على مطالعة سابقة.


الأخ أبا محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً: الشيخ التبريزي يذكر في (صراط النجاة) أنّ: ((الاستخارة في المصحف الشريف مروية في مورد التحيّر بعنوان: المشورة مع الله سبحانه إذا تردّد الشخص بين أمرين)) (1) . ثانياً: كلام الشيخ ناصر مكارم في (القواعد) كان نقلاً لأقوال العلماء في ذلك فقال: ((وقد وقع الكلام في مشروعية الاستخارة بغير الدعاء والاستشارة، والمحكي عن أكثر الأصحاب: جوازه، وعن ابن إدريس وبعض آخر: إنكاره، أو التردّد فيه)). ثمّ نقل كلام العلاّمة المجلسي ونقله لكلام ابن إدريس والمحقّق، وقال: ((إنّ كلامهما أصله من الشيخ المفيد في (المقنعة)، ثمّ ذكر المجلسي اختلاف نسخ (المقنعة) في ذلك، ونقل كلام الشهيد في (الذكرى)، وردّه على ابن إدريس انكاره للاستخارة بالرقاع)). ثمّ قال بعد ذلك: ((هذا ولكنّ الأمر في جوازها سهل بعد كون موردها أُموراً مباحة يتردّد بينها، ثمّ يتوكّل على الله ويعمل بما يخرج من الرقاع وشبهها رجاء الوصول إلى المطلوب, ولعلّ عدم ذكر كثير منهم لها في الكتب الفقهية مستنداً إلى هذا المعنى)). ثمّ أخذ يدلّ على أنّ الاستخارة نوع من القرعة، وذكر الأدلّة على ذلك (2) . ثالثاً: سمعنا في محاضرة الدرس عند الشيخ باقر الإيراوني أنّه يقول: إنّ الاستخارة لا تحتاج إلى دليل، بل يكفيها الدخول تحت عنوان الدعاء؛ فأدلّة جواز الدعاء كافية للعمل بالاستخارة. رابعاً: نحن لا ننكر ورود الاستخارة بمعنى طلب الخير من الله، ولعلّ الروايات في ذلك أكثر وأصحّ سنداً، لكن مع ذلك الروايات الواردة في الاستخارة بالقرآن والرقاع والسبحة والبندقة هي محلّ كلام بين الفقهاء، كما هو الحال في كثير من الأُمور المستحبّة أو المباحة التي قد لا يدقّق فيها كثيراً بناءً على قاعدة التسامح في أدلّة السنن. خامساً: ليس في الاستخارة أيّ أمر غريب، فكما نحن نطلب الهداية في طرق الخير، كذلك نطلب الهداية أيضاً عن طريق الاستخارة، فالأمر لا يعدو أكثر من كونه طلباً للهداية. سادساً: ذكر صاحب (الميزان) في معرض ردّه على من يعترض على الخيرة بقوله: ((وقد وردت عدّة أخبار من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في جواز الأخذ بالخيرة من السبحة وغيرها عند الحيرة)). ثمّ قال بعد ذلك: ((وليس في اختيار ما يختاره الإنسان بهذا النوع من الاستخارة دعوى علم الغيب، ولا تعرّض لما يختص بالله سبحانه من الشؤون الإلوهية، ولا شرك بسبب تشريك غير الله تعالى إياه في تدبير الأُمور، ولا أيّ محذور ديني آخر؛ إذ لا شأن لهذا العمل إلاّ: تعيّن الفعل أو الترك من غير إيجاب ولا تحريم، ولا أيّ حكم تكليفي آخر، ولا كشف عمّا وراء حجب الغيب من خير أو شرّ, إلاّ أنّ خير المستخير في أن يعمل أو يترك فيخرج عن الحيرة والتذبذب)) (3) . وقولك: ((لو علم الناس بهذا الرأي لما لجأت إلى الاستخارة))، كلام غير دقيق! فأغلب الناس هم يريدون الخروج من الحيرة التي يقعون فيها باختيار فعل يُعدّ عمله خيراً لهم, وهذا ما يقوله صاحب (الميزان)، وليس المطلوب هو كشف الواقع المستقبلي. ودمتم في رعاية الله

10