هل يقسم الارتداد إلى سلمي ومحارب؟
سؤالنا حول حديث [الردّة] الذي مفاده أنّ جمهور الصحابة ارتدّوا إلاّ ثلاثة أو أربعة أو سبعة - حسب اختلافات الروايات - .. فقد قرأنا جوابكم حول هذه الروايات التي وردت في مصادرنا، الذي مفاده: أنّ الردّة بهذه الأحاديث هي: ترك الولاية لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام). والسؤال: ما هو الدليل على صحّة هذا المعنى الذي أشرتم إليه لمعنى الردّة؟ فلعلّ قائل يقول: لا يحقّ للشيعة صرف الرواية عن ظاهرها, إلاّ بقرينة, فما هي القرينة التي صرفت معنى الردّة إلى ترك الولاية؟ ولعلّ المخالف يقول: لو سلّمنا بأنّ الردّة: ترك الولاية, ألستم - أيّها الشيعة - تحكمون بكفر من ترك الولاية، كما هو مذكور في كتبكم؟ مصدر رواية [الردّة]: روى ثقة الإسلام بالكافي, فقال: ((حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: كان الناس أهل ردّة بعد النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ ثلاثة. فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذرّ الغفاري، وسلمان الفارسي، رحمة الله وبركاته.. عليهم، ثمّ عرف أناس بعد يسير، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين(عليه السلام) مكرهاً فبايع، وذلك قول الله تعالى: (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَاتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَى أَعقَابِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلَى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئاً وَسَيَجزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )) (آل عمران:144) )).(راجع: الكافي ج 8 ص245). قلت: والسند كما تلاحظون مُعلّق, حيث علّقه الكليني, فالسند بغير تعليق كالتالي: ((علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير.. ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه)). أقول: وهذا كما ترون إسناد مُعتبر! ملاحظة: هناك مصادر أُخرى لرواية الردّة، مثل: رجال الكشي، وتفسير العيّاشي، والاختصاص، وكتاب سليم بن قيس, وغيرها بأسانيد مُتعدّدة.
الأخ أبا محمد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنّ الارتداد المذكور في الرواية ليس المقصود به الخروج عن الإسلام، ولو كان كذلك لاستحقّ المرتدّون القتل باعتبار أنّ المرتدّ الفطري يقتل، وفي بعض الروايات ورد هكذا: (ولم يكن يعرف حقّ أمير المؤمنين(عليه السلام) إلاّ هؤلاء السبعة)، إذ يمكن أن يكون ذلك قرينة على أنّ الارتداد كان بعدم معرفتهم لحقّ الإمامة والإمام. وأمّا الروايات التي ذكرتها، فلا يظهر منها الكفر المخرِج عن الملّة، فالانقلاب على الأعقاب هو المقصود به: الارتداد عن الإمامة. ثمّ إنّه لا يمكن القول بأنّ كلّ الصحابة جحدوا الإمامة بعد المعرفة، بل الكثير منهم حصلت له شبهة جعلتهم متردّدين في أمرهم، وكثير منهم رجع عن أمره بعد ذلك. نعم، يبقى قسم منهم جحد الإمامة مع المعرفة بها وبقي مصرّاً على جحوده، وهذا هو المستحقّ للنار، وهو الكافر في الآخرة، أمّا في الدنيا فيعامل معاملة المسلم؛ لِما ثبت عندنا أنّ من نطق بالشهادتين، فإنّه يحكم بإسلامه، ودمه وماله وعرضه حرام. ودمتم في رعاية الله