سعيد - الإمارات
منذ 4 سنوات

 شروطه وأحكامه

نتمنّى منكم بعض الوضوح والصراحة والإجابة على السؤال كما يطرح. قلتم ما يلي في أحد الإجابات: ((نعم, هم يعتقدون - وفقاً للأدلّة العقلية والنقلية - بعدول البعض (بعض الصحابة) عن خطّ الرسالة بعد ارتحال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإن ورد لفظ ردّة وارتداد لبعض الصحابة في روايات ومصادر الشيعة, فإنّما هو ارتداد عن الولاية والإمامة لأمير المؤمنين(عليه السلام), لا ارتداد عن الإسلام)). سؤالي كالتالي: إذا كان (البعض) - كما قلتم - ارتدّ عن الرسالة، فما دور الباقين؟ إنّ الذي حضر غدير خمّ هم نفسهم من حضر السقيفة وعددهم يفوق المائة ألف! دعنا نفترض أنّ (البعض) هم حوالي: 100، أو 1000، أو 20 ألف، ما موقف الباقين؟ عندكم روايات تقول أنّ الكلّ ارتدّ إلاّ ثلاثة: المقداد وعمّار وسلمان، وهذا يعني أنّ (البعض) هو الذي لم يرتدّ، وليس البعض الذي ارتدّ! فما هو جوابكم الصريح؟


الاخ سعيد المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أوّلاً: إنّ ما اطّلعتم عليه من إجابة ورد فيها: ((بعدول بعض منهم عن خطّ الرسالة بعد ارتحال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ))، فالمراد به البعض المنطقي (أي الموجبة الجزئية) قبال السلب الكلّي، دون البعض اللغوي الذي يراد به العدد القليل، فلا يرد ما ذكرتم من إشكال. ثانياً: قد استعمل المجيب هذا التعبير (البعض)، وبما يوهم إرادة معناه اللغوي مداراة لمشاعر أهل السُنّة الذين لا يحتملون الصراحة اللغوية في هذا المقام بأن يقال لهم: (معظم) أو (أغلب) الصحابة قد ارتدّوا بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مع أنّ روايات الحوض الواردة في صحيحي البخاري ومسلم تذكر بوضوح أنّ أكثر الصحابة قد ارتدّوا بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على أعقابهم القهقرى، وأنّ الناجين منهم قلّة قليلة, أو كما في التعبير النبويّ: (فلا أراه يخلص منهم إلاّ همل النعم) (1) , وقال ابن حجر في (الفتح): ((والمعنى: انّه لا يرده منهم إلاّ القليل؛ لأنّ الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره)) (2) . ثالثاً: لا يوجد دليل على أنّ كلّ الذين حضروا يوم غدير خمّ وشهدوا البيعة لأمير المؤمنين(عليه السلام) بالولاية بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد حضروا في سقيفة بني ساعدة, بل كان الحاضرون في السقيفة جماعات معلومة من الأنصار وقلّة من المهاجرين، انسلّوا إلى السقيفة بعد أن تناهت إلى سماعهم أخبار تقول: أنّ الأنصار قد إجتمعوا يتداولون أمر الخلافة بعد رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والقصّة معلومة يمكن مراجعتها في تاريخ الطبري وغيره (3) ، بينما الحاضرون يوم غدير خمّ كانوا جمع الحجيج القادمين إلى مكّة من مختلف البلاد الإسلامية آنذاك؛ فتدبّر! رابعاً: روايات الارتداد لم تستثن ثلاثة فقط, بل في بعضها استثناء سبعة، كما في هذه الرواية المروية عن الإمام الباقر(عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب(عليه السلام), قال: (ضاقت الأرض بسبعة، بهم ترزقون، وبهم تنصرون، وبهم تمطرون, منهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذرّ، وعمّار، وحذيفة) (4) ، وأيضاً ينبغي الملاحظة أنّ روايات الاستثناء هذه لم تشمل جملة من الذين لم يبايعوا أبا بكر وعارضوا بيعة السقيفة، وهم معظم بني هاشم والزبير وخالد بن سعيد الأموي وسعد بن عبادة، وغيرهم. ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأنّ مسألة الارتداد عن وصية رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمبايعة عليّ(عليه السلام) بعده، ثمّ العودة إلى هذه الوصيّة كانت من الناس على حالات ومراتب مثّلها الثلاثة المستثنون الأوائل بأعلى حالات الانقياد والتسليم لأمر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمبايعة عليّ(عليه السلام) بعده، وكانوا الرؤوس في هذا الأمر. ودمتم في رعاية الله

1