logo-img
السیاسات و الشروط
حسن علي ( 22 سنة ) - كندا
منذ 4 سنوات

﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾

ماهو معنى تبارك الله؟


اذا كنت تقصد ما هو المراد من قوله تعالى ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ يصحُّ وصف غير الله جلَّ وعلا بالخالق، ذلك لانَّ معنى لفظ الخالق لغةً وعرفًا هو مطلق مَن يصنع شيئًا عن تقدير، فهو بالاضافة الى ذلك الشيء خالق، وذلك الشيء مخلوق له. فالنجَّار حينما يصنع سريرًا يتصوَّر هيئته في ذهنه ويتصور ما يحتاجه من أدوات ومواد من اجل ايجاده خارجًا -وهذا هو معنى التقدير- هذا النجار يصح توصيفه بخالق السرير، وهكذا حينما ينحت أحدُهم حجرًا فيشكِّل منها صورةَ أسدٍ مثلاً فإنَّه يكون خالقًا لهذه الصورة، ذلك لانَّه قد تصورها في ذهنه وخطَّط لها قبل ان يشرع في العمل على ايجادها خارجًا. فهو خالق لتلك الصورة وذلك المجسَّم ولا محذور في وصفه بذلك، ولهذا أسند القرآن الكريم الخلق لهيئة الطير الى عيسى بن مريم (ع) فقال تعالى: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي﴾ وقال تعالى: ﴿أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ﴾. فاسناد الخلق لهيئة الطير الى عيسى (ع) دليل على صحة وصف غير الله جلَّ وعلا بالخالق. وبذلك يتَّضح انَّ مقتضى قوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ هو انَّ ثمة مَن يصح وصفه بالخالق غير الله تعالى إلا انَّ الله تعالى هو أحسن الخالقين، فمساق هذا الوصف هو مساق ما وصف الله تعالى به نفسه بقوله: ﴿ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ وبقوله تعالى: ﴿فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾. وقد ورد وصفه تعالى في روايات أهل البيت (ع) بأنَّه ابصرُ الناظرين واسمع السامعين وأحكم الحاكمين. فلا محذور في انْ يُوصف غير الله تعالى بالراحم والحاكم والباصر والناظر ذلك لانَّ الاتصاف بهذه النعوت له مراتب متفاوته ومتباعدة، فمن كان واجدًا لاضعفِ مرتبةٍ منها يصح وصفه بها ولا ينافي ذلك وصف مَن كان واجدًا لمرتبة أعلى منها بذات الوصف، وكذلك فإنَّ وصف الله جلَّ وعلا بنفس تلك الصفة لا ينافيه اتصاف مَن هو دونه بها، ولهذا نجد القرآن الكريم قد اسند العزة للرسول (ص) وللمؤمنين وفي ذات الوقت اسندها لله جلَّ وعلا ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ومعنى ذلك انَّه كما يصح وصف الجليل جلَّ وعلا بالعزيز كذلك يصح وصف الرسول (ص) بالعزيز بل ويصح وصف المؤمن بالعزيز رغم التفاوت البيِّن بين عزة الرسول (ص) والعزة الثابتة لسائر المؤمنين والتفاوت الذي لا يرقى اليه وهم بين عزة الله جلَّ وعلا وسائر عباده المؤمنين. فالعزة الثابتة لله عزة مطلقة لا ترقى اليها عزة مهما تعاظمت، فهي العزة غير المتناهية قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾ وقال جلَّ وعلا ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾. وهكذا الحال في كلِّ نعت ووصف يليق بشأنه تعالى فإنَّه يكون واجدًا لاكمل ذلك الوصف واتمِّه، ويكون معنى اتصاف غيره به هو انَّه واجد لمرتبةٍ منه وإن كانت دانية، على انَّ اتصاف غير الله بذلك الوصف يكون بتخويلٍ من الله جلَّ وعلا فهو تعالى وحده الذي يمنح محاسن الصفات وسجايا الخير لعباده وليس لاحدهم أن يتأهَّل لشيءٍ منها بذاته. وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي﴾ فهو خالقٌ لهيئة الطير ولكن باذن الله وتأهِّيله، وغيره مالك لما تحت يده ولكن الله تعالى هو من ملَّكه ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

1