مهدي
منذ 4 سنوات

الدليل على حجية الاجتهاد و التقليد

مما جاء في كتاب السيد المرتضي الذريعة الى اصول الشريعة... ان الاجتهاد باطل وان الامامية لا يجوز عندهم العمل بالظن ولا الراي ولا الاجتهاد.. ومما جاء في كتاب عدة الاصول للشيخ الطوسي اما القياس ان القياس محظور استعماله في الشريعة لان العبادة لم تات به وهو مما لو كان جائز في العقل مفتقر في صحة استعماله في الشرع الى السمع القاطع للعذر... وكذا ما جاء في ص655 لنفس الكتاب ج2 بقي امر اخير... ما هو الدليل على حجية ووجوب الاجتهاد وتقليد غير المعصوم؟ هذه تساؤلات ثلاث...


الأخ مهدي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في هامش العدة في أصول الفقه (عدة الأصول) ( ط.ج ) 1/8: يقول العلامة الشهيد السيد محمد باقر الصدر (ره) في تفسير مصطلح الاجتهاد وبيان الفارق بين مصطلح الاجتهاد عند فقهاء مدرسة الإمامية وعند أهل السنة في كتابه (دروس في علم الأصول: 1 - 157 - 154). [ (الاجتهاد) في اللغة مأخوذة من ( الجهد ) وهو « بذل الوسع للقيام بعمل ما » وقد استعملت هذه الكلمة - لأول مرة - على الصعيد الفقهي للتعبير بها عن قاعدة من القواعد التي قررتها بعض مدارس الفقه السني وسارت على أساسها وهي القاعدة القائلة « إن الفقيه إذا أراد أن يستنبط حكما شرعيا ولم يجد نصا يدل عليه في الكتاب أو السنة رجع إلى الاجتهاد بدلا عن النص ». و (الاجتهاد) هنا يعني التفكير الشخصي، فالفقيه حيث لا يجد النص يرجع إلى تفكيره الخاصّ ويستلهمه ويبني على ما يرجح في الكتاب أو السنة ويستدل بهما معا، كذلك يستند في حالات عدم توفر النص إلى الاجتهاد الشخصي ويستدل به. وقد نادت بهذا المعنى للاجتهاد مدارس كبيرة في الفقه السني وعلى رأسها مدرسة أبي حنيفة، ولقي في نفس الوقت معارضة شديدة من أئمة أهل البيت عليهم السلام والفقهاء الذين ينتسبون إلى مدرستهم. وتتبع كلمة (الاجتهاد) يدل على أن الكلمة حملت هذا المعنى وكانت تستخدم للتعبير عنه منذ عصر الأئمة إلى القرن السابع، فالروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام تذم الاجتهاد [ وسائل الشيعة: باب 6 من أبواب صفات القاضي ] وتريد به ذلك المبدأ الفقهي الَّذي يتخذ من التفكير الشخصي مصدرا من مصادر الحكم، وقد دخلت الحملة ضد هذا المبدأ الفقهي دور التصنيف في عصر الأئمة أيضا والرّواة الذين حملوا آثارهم، وكانت الحملة تستعمل كلمة (الاجتهاد) غالبا للتعبير عن ذلك المبدأ وفقا للمصطلح الَّذي جاء في الروايات، فقد صنف عبد الله بن عبد الرحمن الزبيري كتابا أسماه « الاستفادة في الطعون على الأوائل والرد على أصحاب الاجتهاد والقياس » وصنف هلال بن إبراهيم بن أبي الفتح المدني [ الدلفي ] كتابا في الموضوع باسم كتاب « الرد على من رد آثار الرسول واعتمد نتائج العقول » وصنف في عصر الغيبة الصغرى أو قريبا منه إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل النوبختي كتابا في الرد على عيسى بن أبان في الاجتهاد، كما نصّ على ذلك كله النجاشي صاحب الرّجال في ترجمة كل واحد من هؤلاء. وفي أعقاب الغيبة الصغرى نجد الصدوق في أواسط القرن الرابع يواصل تلك الحملة، ونذكر له - على سبيل المثال - تعقيبه على قصة موسى والخضر إذ كتب يقول: «... فإذا لم يصلح موسى للاختيار - مع فضله ومحله - فكيف تصلح الأمة لاختيار الإمام وكيف يصلحون لاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة؟ ». وفي أواخر القرن الرابع يجيء الشيخ المفيد فيسير على نفس الخطَّ ويهجم على الاجتهاد ويكتب كتابا في ذلك باسم « النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرّأي ». ونجد المصطلح نفسه لدى السيد المرتضى في أوائل القرن الخامس إذ كتب في « الذريعة » يذم الاجتهاد ويقول: « إن الاجتهاد باطل، وإن الإمامية لا يجوز عندهم العمل بالظن ولا الرّأي ولا الاجتهاد »، واستمر هذا الاصطلاح في كلمة (الاجتهاد) بعد ذلك أيضا فالشيخ الطوسي الَّذي توفي في أواسط القرن الخامس يكتب في كتاب « العدة » قائلا: « وأما القياس والاجتهاد فعندنا أنهما ليسا بدليلين، بل محظور في الشريعة استعمالهما » وفي أواخر القرن السادس يستعرض ابن إدريس في مسألة تعارض البينتين من كتابه « السرائر » عددا من المرجحات لإحدى البينتين على الأخرى ثم يعقب ذلك قائلا: « والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا ». وهكذا تدل هذه النصوص بتعاقبها التاريخي المتتابع على أن كلمة (الاجتهاد) كانت تعبيرا عن ذلك المبدأ الفقهي المتقدم إلى أوائل القرن السابع، وعلى هذا الأساس اكتسبت الكلمة لونا مقيتا وطابعا من الكراهية والاشمئزاز في الذهنية الفقهية الإمامية نتيجة لمعارضة ذلك المبدأ والإيمان ببطلانه. ولكن كلمة (الاجتهاد) تطورت بعد ذلك في مصطلح فقهائنا ولا يوجد لدينا الآن نصّ شيعي يعكس هذا التطور أقدم تاريخا من كتاب « المعارج » للمحقق الحلي المتوفى سنة 676 ه إذ كتب المحقق تحت عنوان حقيقة الاجتهاد يقول: « وهو في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام من أدلة الشرع اجتهادا لأنها تبتني على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر، سواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره، فيكون القياس على هذا التقرير أحد أقسام الاجتهاد. فإن قيل: يلزم - على هذا - أن يكون الإمامية من أهل الاجتهاد؟ قلنا: الأمر كذلك لكن فيه إيهام من حيث إن القياس من جملة الاجتهاد، فإذا استثنى القياس كنا من أهل الاجتهاد في تحصيل الأحكام بالطرق النظرية التي ليس أحدها القياس » ويلاحظ على هذا النص بوضوح أن كلمة (الاجتهاد) كانت لا تزال في الذهنية الإمامية مثقلة بتبعة المصطلح الأول، ولهذا يلمح النص إلى أن هناك من يتحرج من هذا الوصف ويثقل عليه أن يسمي فقهاء الإمامية مجتهدين. ولكن المحقق الحلي لم يتحرج من اسم الاجتهاد بعد أن طوره أو تطور في عرف الفقهاء تطويرا يتفق مع مناهج الاستنباط في الفقه الإمامي، إذ بينما كان الاجتهاد مصدرا للفقيه يصدر عنه ودليلا يستدل به كما يصدر عن آية أو رواية، أصبح في المصطلح الجديد يعبر عن الجهد الَّذي يبذله الفقيه في استخراج الحكم الشرعي من أدلته ومصادره فلم يعد مصدراً من مصادر الاستنباط، بل هو عملية استنباط الحكم من مصادره التي يمارسها الفقيه. والفرق بين المعنيين جوهري للغاية، إذ كان على الفقيه - على أساس المصطلح الأول للاجتهاد - أن يستنبط من تفكيره الشخصي وذوقه الخاصّ في حالة عدم توفر النص، وأما المصطلح الجديد فهو لا يسمح للفقيه أن يبرر أي حكم من الأحكام بالاجتهاد لأن الاجتهاد بالمعنى الثاني ليس مصدرا للحكم بل هو عملية استنباط الأحكام من مصادرها ]. ودمتم في رعاية الله